تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الهجمة الغربية وردود الأفعال الإسلامية]

ـ[حمدي كوكب]ــــــــ[19 - 02 - 2006, 07:43 م]ـ

بقلم الشيخ / أبو العلا محمد إبراهيم

من علماء الأزهر الشريف

الأمة العربية والإسلامية في واقعنا المعاصر تغط في ثبات عميق، مشغولة بالفكر والوجدان بالمسائل التافهة، والشكليات الزائفة التي تؤدي إلى الاختلاف والفرقة، والتي نصل من خلالها إلى طريق مسدود من الشد والجذب، والمد والجزر، وخاصة في المسائل والفروع التي حسمت بالدراسات والبحوث العلمية، دون النظر إلى القضايا الهامة التي فرضت نفسها على أرض الواقع كقضية الآخر والأنا والحداثة والعولمة، وغير ذلك .. وهي في حقيقة الأمر قضايا ماكرة خلقت خصيصاً من الغرب لإبعاد العرب والمسلمين عن القضايا الرئيسية، وأحداث فجوة عميقة في الرؤى والمنظور حول هذه القضايا داخل جدار القطر الواحد، وبذلك يتمكن الغرب بكل طاقاته ومخططاته من ضرب الإسلام وإضعاف قوة المسلمين نظراً لانشغال العقلية العربية والإسلامية في شتى أنحاء الأرض بهذه الأطروحات المفروضة على أرض الواقع.

وبالفعل انشغل العرب والمسلمون بهذه القضايا، وتمكن الغرب من حشد القوى المادية والمعنوية والسياسية والثقافية والفكرية، عبر أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية للإساءة للإسلام والعبث بمقدسات المسلمين دون أدنى مراعاة لمشاعر المسلمين في العالم أجمع.

وبرزت هذه الصورة العدائية القاتمة التي تنم عن حقد دفين من الغرب، وبخاصة عندما شاهدنا التوحد الغربي فكرياً وإعلامياً في الإساءة لمشاعر المسلمين برسومات مقززة لا تليق أبداً بأى شخص فضلاً عن رسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم) تحت ما يسمى زوراً وقلباً للحقائق بحرية الرأي والتعبير.

وهي في حقيقة الأمر مبررات من الخصوم لا تقبل بأي شكل من الأشكال لأن هذه الأشياء تخلق جواً من الكره والعداء لا يمكن إصلاحه على مر السنين، وقد تفتح هذه الأزمة أبواقاً للحرب، ومكاناً للإرهاب على المستوى العالمي.

ولا ندري لماذا هذا الكره وهذا العداء على الإسلام وخاصة أن الدين الإسلامي يدعو إلى السلم والتعايش مع الآخر دون المساس بالمعتقدات الدينية، والتعرض للأديان السماوية والاستهانة بأماكن العبادات، وهذا مبدأ إسلامي أثبته القرآن في قوله تعالى (لكم دينكم ولي دين) وأرسته السنة المطهرة في قوله (صلى الله عليه وسلم) لا تهدموا بيعة ولا تقتلوا عابداً في صومعته.

فهذه الهجمة المسعورة أظهرت أن الغرب غير قادر على تقدير مدى خطورة الموقف الاستفزازي المهين عند المسلمين. وأعتقد أن الإساءة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ليس لها مبرر سوى اختبار الوضع الإيماني والموقف الإسلامي في العالم أو النظر في ردود الأفعال أمام تلك التحديات والإساءات من قوة أو ضعف، فعلى العالم الإسلامي أن ينفض غبار النوم عن كاهله ويدافع عن عقيدته ومقدساته بكل ما أوتي من قوة، ولكن الموقف جاء خلاف توقعات الغرب، وخرج العالم الإسلامي اجمع بغضبته الشديدة لله ولرسوله (صلى الله عليه وسلم) شعوباً وحكاماً وعلماء ووعاظاً، منددين ومستنكرين ومقاطعين بمظاهرات ومسيرات وحشود عارمة زرعها الغرب بسوء نواياهم، وهذه الأزمة التي تطورت أيقظت الأمة من نومها العميق فرب ضارة نافعة، وأفاق الكثير منا على صرخات الغرب التي تنادي باحترام الآخر وعلم أنها كلمات تقال وعبارات تذاع، ليس لها على أرض الواقع نصيب، بل أصبحت صرخة في واد عندما خرج أحد الزعماء الغربيين مطالباً باستعمال القوة ضد المسلمين الثائرين لهذه التحديات وتلك الاعتداءات الصارخة عليهم، وعلى مقدساتهم وهذا مطلب وقح أدى إلى رفع شعار القوة ضد المسلمين لأنه رأى الزحف الإسلامي الرهيب في كل دول العالم، وإنحسار المد الليبرالي والشيوعي والعلماني والاشتراكي وغيره، فالإساءة للإسلام والمسلمين إيذاناً بخطر عظيم لأن الإسلام يكفل لأتباعه حرية الدفاع المشروع دون جور أو شطط.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير