يؤيد أنها استفهامية. والله أعلم.
قوله: (فغطني)
بغين معجمة وطاء مهملة , وفي رواية الطبري بتاء مثناة من فوق كأنه أراد ضمني وعصرني , والغط حبس النفس , ومنه غطه في الماء , أو أراد غمني ومنه الخنق. ولأبي داود الطيالسي في مسنده بسند حسن: فأخذ بحلقي.
قوله: (حتى بلغ مني الجهد)
روي بالفتح والنصب , أي: بلغ الغط مني غاية وسعي. وروي بالضم والرفع أي بلغ مني الجهد مبلغه. وقوله " أرسلني " أي: أطلقني , ولم يذكر الجهد هنا في المرة الثالثة , وهو ثابت عند المؤلف في التفسير.
قوله: (فرجع بها)
أي بالآيات أو بالقصة.
قوله: (فزملوه)
أي: لفوه. والروع بالفتح الفزع.
قوله: (لقد خشيت على نفسي)
دل هذا مع قوله " يرجف فؤاده " على انفعال حصل له من مجيء الملك , ومن ثم قال " زملوني ". والخشية المذكورة اختلف العلماء في المراد بها على اثني عشر قولا: أولها: الجنون وأن يكون ما رآه من جنس الكهانة , جاء مصرحا به في عدة طرق , وأبطله أبو بكر بن العربي وحق له أن يبطل , لكن حمله الإسماعيلي على أن ذلك حصل له قبل حصول العلم الضروري له أن الذي جاءه ملك وأنه من عند الله تعالى. ثانيها: الهاجس , وهو باطل أيضا ; لأنه لا يستقر وهذا استقر وحصلت بينهما المراجعة. ثالثها: الموت من شدة الرعب. رابعها: المرض , وقد جزم به ابن أبي جمرة. خامسها: دوام المرض. سادسها: العجز عن حمل أعباء النبوة. سابعها: العجز عن النظر إلى الملك من الرعب. ثامنها: عدم الصبر على أذى قومه. تاسعها: أن يقتلوه. عاشرها: مفارقة الوطن. حادي عشرها: تكذيبهم إياه. ثاني عشرها: تعييرهم إياه. وأولى هذه الأقوال بالصواب وأسلمها من الارتياب الثالث واللذان بعده , وما عداها فهو معترض. والله الموفق.
قوله: (فقالت خديجة كلا)
معناها النفي والإبعاد , ويحزنك بفتح أوله والحاء المهملة والزاي المضمومة والنون من الحزن. ولغير أبي ذر بضم أوله والخاء المعجمة والزاي المكسورة ثم الياء الساكنة من الخزي. ثم استدلت على ما أقسمت عليه من نفي ذلك أبدا بأمر استقرائي وصفته بأصول مكارم الأخلاق ; لأن الإحسان إما إلى الأقارب أو إلى الأجانب , وإما بالبدن أو بالمال , وإما على من يستقل بأمره أو من لا يستقل , وذلك كله مجموع فيما وصفته به. والكل بفتح الكاف: هو من لا يستقل بأمره كما قال الله تعالى (وهو كل على مولاه)
وقولها " وتكسب المعدوم "
في رواية الكشميهني وتكسب بضم أوله , وعليها قال الخطابي: الصواب المعدم بلا واو أي: الفقير ; لأن المعدوم لا يكسب. قلت: ولا يمتنع أن يطلق على المعدم المعدوم لكونه كالمعدوم الميت الذي لا تصرف له , والكسب هو الاستفادة. فكأنها قالت: إذا رغب غيرك أن يستفيد مالا موجودا رغبت أنت أن تستفيد رجلا عاجزا فتعاونه. وقال قاسم بن ثابت في الدلائل: قوله يكسب معناه ما يعدمه غيره ويعجز عنه يصيبه هو ويكسبه. قال أعرابي يمدح إنسانا: كان أكسبهم لمعدوم , وأعطاهم لمحروم وأنشد في وصف ذئب كسوب كذا المعدوم من كسب واحد أي: مما يكسبه وحده. انتهى. ولغير الكشميهني " وتكسب " بفتح أوله , قال عياض: وهذه الرواية أصح. قلت: قد وجهنا الأولى , وهذه الراجحة , ومعناها تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك , فحذف أحد المفعولين , ويقال: كسبت الرجل مالا وأكسبته بمعنى. وقيل: معناه تكسب المال المعدوم وتصيب منه ما لا يصيب غيرك. وكانت العرب تتمادح بكسب المال , لا سيما قريش. وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة محظوظا في التجارة. وإنما يصح هذا المعنى إذا ضم إليه ما يليق به من أنه كان مع إفادته للمال يجود به في الوجوه التي ذكرت في المكرمات.
وقولها " وتعين على نوائب الحق "
هي كلمة جامعة لأفراد ما تقدم ولما لم يتقدم وفي رواية المصنف في التفسير من طريق يونس عن الزهري من الزيادة " وتصدق الحديث " وهي من أشرف الخصال. وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه في هذه القصة " وتؤدي الأمانة ". وفي هذه القصة من الفوائد استحباب تأنيس من نزل به أمر بذكر تيسيره عليه وتهوينه لديه , وأن من نزل به أمر استحب له أن يطلع عليه من يثق بنصيحته وصحة رأيه.
قوله: (فانطلقت به)
أي مضت معه , فالباء للمصاحبة. وورقة بفتح الراء.
¥