الخليفة إنني أحفظها منذ زمن بعيد ويعيدها عليه، فيتعجب الشاعر كيف يكون توارد الأفكار في قصيدة كاملة، فيقول الخليفة: لا وهناك غيري يحفظها، وينادي على الغلام فيكون قد سمعها مرتين (مرة من الشاعر ومرة من الخليفة)، وبعدها ينادي الجارية بعد أن تسمعها من الغلام المرة الثالثة، (الغلام والجارية يكونون وراء الكواليس).فيتعجب الشاعر ويشك بقدراته الشعرية ويخرج ولا يأخذ نصيبه من الذهب. وكان ذلك حتى ضاج الشعراء في المدينة بذلك، فسمعهم الأصمعي وسألهم عن مصيبتهم، فقالوا: ألا ترى ما نحن فيه! نكتب القصيدة طول الليل من بنيات أفكارنا، ثم نكتشف أن ثلاثة يحفظونها قبلنا. فيقول الأصمعي أين حدث هذا؟ فيقولون في قصر أمير المؤمنين. فيعرف أن في الأمر مكر وحيلة. فقام الأصمعي ونظم قصيدة ملونة الموضوعات، التقط فيها بعض الكلمات، ثم تنطر حتى لا يعرف، فلبس لبس الأعراب وعتق رأسه جدائل وأوقفها كالقرون ثم ربطها بعصابة ولبس جلد شاة وجر ناقته خلفه ودخل مجلس أمير المؤمنين حافياً: السلام عليك يا أمير المؤمنين.
-وعليكم السلام
- أنا شاعر من أعراب الموصل
-تعرف الشروط؟
- نعم، إن كانت من قولي أعطيتني وزن الذي كتبته عليها ذهباً وإن كانت من منقولي لا تجيزني عليها شيئاً
- صدقت، قل قصيدتك (استرخى الخليفة)
-صوت صفير البلبل = هيج قلبي الثمل
الماء والزهر معاً = مع زهر لحظ المقل
وأنت يا سيد لي = وسيدي ومولى لي
فكم فكم تيمني = غزيل عقيقلي
قطفته من وجنة = من لثم ورد الخجل
فقال لالالالالا = وقد غدا مهرول
والخوذ مالت طرباً = من فعل هذا الرجل
فولولت وولولت = ولي ولي ياويل لي
فقلت لا تولولي = وبيني اللؤلؤ لي
قالت له حين كذا = أنهض وجد بالمقل
وفتية سقونني = قهوة كالعسل لي
شممتها بأنفي = أزكى من القرنفل
في وسط بستان حلي = بالزهر والسرور لي
والعود دندن دنا لي = والطبل طبطب طب لي
طب طبطب طب طبطب = طب طبطب طبطب لي
والسقف سق سق سق لي = والرقص قد طاب لي
شوى شوى وشاهش = على ورق سفرجل
وغرد القمر يصيح = ملل في ملل
ولو تراني راكباً = على حمار أهزل
يمشي على ثلاثة = كمشية العرنجل
والناس ترجم جملي = في السوق بالقلقللي
والكل كعكع كعكع = خلفي ومن حويللي
لكن مشيت هارباً = من خشية العقنقلي
إلى لقاء ملك = معظم مبجل
بأمر لي بخلعه = حمراء كالدم دملي
أجر فيها ماشياً = مبغدداً للذيل
أنا اللأديب الألمعي = من حي أرض الموصل
نظمت قطعاً زخرفت = يعجز عنها الأدب لي
أقول في مطلعها = صوت صفير البلبل
حاول الخليفة حفظ القصيدة فلم يستطيع، فنادى على الغلام فلم يحفظها هو الآخر ولا الجارية كذلك.
عند ذلك قال الخليفة يا أعرابي أحضر ما كتبته عليها نزنه ونعطيك وزنه ذهباً
فقال الأعرابي: لقد ورثت عمود رخام من أبي نقشت عليه القصيدة نقشاً، وهو على ظهر الناقة لا يحمله إلا أربعة من الجنود
فانهار الخليفة، وجيء بالعمود والناس تنظر، ووضع في الميزان، وأخذ كل ما في الخزنة
ـ[ابن القدس]ــــــــ[10 - 04 - 2006, 04:19 م]ـ
لا أعرف إذا كانت هذه القصيدة حقيقية أم لا ولكني ذكرتها لطرافتها، فأرجو أن تعجبكم
ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[11 - 04 - 2006, 08:31 ص]ـ
كيف لا يا ابن القدس، ولك كل الإعجاب من ابن الخليل.