تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[ COLOR="blue"] وعمر: مبعوث قريش، فهو بلغة العصر: وزير خارجيتها، ولما يبلغ الثلاثين فعنده من جزالة الرأي وفصاحة اللفظ ما أهله لتولي هذا المنصب الرفيع، وهو قوي شديد المراس، قد جبل على الشدة، ونشأ نشأة غليظة لا ترف فيها، فأثرت في نفسه، فكان أشد أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم في دين الله، لا يعرف المداهنة، ولا يخشى في الحق لومة لائم، قد هابه الكبير والصغير، وفرقت منه الشياطين، فما لقيته سالكا فجا إلا سلكت فجا غير فجه.

وعثمان: أصدق الأمة حياء، فله من الخلق الكريم والجاه العريض ما له، وكرم الأصل مع الثراء مظنة الحياء، فصاحبه يخجل من رد السائل وينفر من داء البخل، وأي داء أدوأ من البخل؟!!!!.

وعلي والزبير وطلحة، رضي الله عنهم، فتيان قريش، وعبد الرحمن وأبو عبيدة من عقلائها .......... إلخ، فقد كانت المنظومة: ربانية، تكاملت فيها العناصر: فمرب مؤيد بوحي السماء المعصوم، وأتباع خرج حظ الشيطان من نفوسهم، بل خرج حظ نفوسهم من نفوسهم، فعاشوا بدين الله ولدين الله.

أولئك أقوامي فجئني بمثلهم ******* إذا جمعتنا يا جرير المجامع

تذكرت هذه المعاني الجليلة، فرحت أقارن بين أولئك الذين علت نفوسهم فأقبلت عليهم الدنيا مع إعراضهم عنها، وبين عشاق الرئاسة من ساسة هذا الزمان، وبالتحديد: رئيسة حزب الشعب الباكستاني الراحلة، وقد كان مصرعها حديث الساعة طوال هذا الأسبوع، فهي، مع كونها على عقيدة الإسماعيلية الباطنية التي يوجد أتباعها في بلاد الأفغان والباكستان والهند وبعض أجزاء اليمن ولا يرجى لمعتنقها نجاة يوم الدين، إلا أنها كانت من أصحاب الهمم الملوكية، فكان لديها من العزم والإصرار ما قض مضجع "الجنرال فأبت أن تعيش في منفاها الاختياري بين: دبي ولندن والولايات المتحدة الأمريكية، خاملة الذكر، وعادت إلى باكستان رغم كل التهديدات التي تعرضت لها، لتلقى حتفها ثمنا لطموحها السياسي الجامح، وكان من سوء خاتمتها أن شنت قبل مصرعها مباشرة: حملة شعواء على المدارس الدينية السنية الباكستانية لأنها تفرخ "الإرهاب" وتعلم طلبتها قتل الأبرياء!!!!.

وهي في نفس الوقت: سليلة أسرة رأسمالية عريقة، فأبوها: ذو الفقار علي بوتو، السياسي الباكستاني الشهير الذي أعدمه الجنرال: محمد ضياء الحق، رحمه الله، وقد نشأت في كنفه نشأة مترفة، فتلقت تعليمها في جامعتي: "أكسفورد" و "هارفارد" في بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فاجتمع لها: الأصل العريق، وإن كانت منحرفة المعتقد، والهمة العالية، فصارت أصغر رئيسة وزراء في العصر الحديث، إذ تولت رئاسة وزراء الباكستان في الخامسة والثلاثين، وحملتها همتها، وهي امرأة قد جاوزت الرابعة والخمسين على المجازفة بحياتها طلبا للمجد والرئاسة، فدفعت ثمن ذلك باهظا، ومن السياسة ما قتل!!!!!!!

ومن طلب هذا الأمر فلا يبكين إذا نزل به الموت، ولما بكى مسلم بن عقيل، رحمه الله، لما خانه أهل الكوفة، جزعا على الحسين، رضي الله عنه، وأهل بيته الذين خرجوا من المدينة إلى العراق، ظنه عمرو بن عبيد الله بن العباس، رحمه الله، يبكي جزعا على نفسه، فقال له: إن من يطلب مثل الذى تطلب إذا نزل به مثل الذى نزل بك لم يبك!!!!، مع الفارق، طبعا، بين الحالين، فالحسين، رضي الله عنه، قد خرج لوجه الله متأولا، بخلاف بطلتنا التي خرجت لحظ نفسها!!!!

وشتان ما بين سيرة: محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وصحبه الكرام، رضوان الله عليهم، أولئك الكرام الأفاضل، وسيرتها، فأولئك قوم جردوا النوايا، فصغرت الدنيا في أعينهم، وتلك امرأة "ميكيافيللية" استغلت الهجمة التترية الأمريكية على الإسلام، وفشل "الجنرال" في القضاء على الحركات الإسلامية في باكستان، لتظهر من جديد على مسرح الأحداث، فتبارى الطرفان في تقديم التنازلات طلبا لرضا السيد الأمريكي، وكانت تنازلاتها أكبر، فحظيت بدعم أكبر، فوقع اختيار القيادة الأمريكية عليها لتكون رأس حربتها في حربها على "الإرهاب"!!!!!، فكانت زياراتها المشبوهة إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإبرام الصفقة، وبعد مقتلها خرج "بوش" لينعيها في كلمات مقتضبة من قبيل: "منجلكوش، (من: المجيء)، في حاجة وحشة يا جماعة"، كما يقال عندنا في مصر، وانتهى دورها كما انتهى دور كثير من عملاء الغرب، ولا عزيز للغرب، ومرة أخرى أثبتت سياسة: "لعق الأحذية"، كما سماها بعض الكتاب، فشلها، وفي مقتلها عبرة لمن لا يعتبر!!!!!!.

والله أعلى وأعلم.

وقد أعد موقع "المسلم" ملفا مهما عن هذه القضية:

http://www.almoslim.net/Moslim_Files/pakistan/

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير