أنس: وأنا أعلم حديث رسول الله بلغوا عني ولو آية
الشيخ:حديث صحيح
أنس: وإني قد رأيت اثنين من جيراننا وقد تخاصما مع بعضعهما وتشاجرا فأردت أن أصلح بينهما
الشيخ:أحسنت فأي فائدة للعلم الذي تتعلمونه إن لم يكن معه عمل أو دعوة
أنس: فإنني قد اختليت بكل واحد منهما وعلمته الحديث الذي علمتنا في فضل المحبة في الله
الشيخ:ثم
أنس: وقد استجابا لي وأفلحت في الصلح بينهما
أحمد: لكنه بعد ذلك يا شيخنا ما قابل أحدا إلا وأخبره بما فعله وحدثه عن العلم الذي اكتسبه من دروسكم لنا ومما يدعيه من القراءة في مكتبة المدرسة
سارة: بل جاوز الحد في ذلك وافتخر علينا بأنه أعلم منا وأنه أكثر منا فهما واستيعابا واجتهادا في تحصيل العلم
الشيخ:أحقا فعلت ذلك يا أنس
أنس: ألست بالفعل أكثر منهما علما وأنت تشهد بذلك أليس من حقي أن أفتخر بما حصلته من علم
الشيخ:لماذا تتعلم العلم
أنس: أتعلمه لأتعلم ولكي لا يقال عني أني جاهل
الشيخ:أي ولكي يقال عنك أنك عالم أليس كذلك
أنس: وما الضرر من ذلك
الشيخ:وأين الله في كل هذا
أنس: أليس الله يحب العلماء
الشيخ:وقد عددت نفسك منهم لأنك تعلمت مسألة أو مسألتين
أنس: أنا لا أقصد هذا
الشيخ:وما الذي تقصده
أنس: الذي أقصده أنني أحب أن أكون عالما يشار إليّ بالبنان
الشيخ:لقد نال الشيطان منك حظا وفيرا
أنس: أستغفر الله من كل سوء ولكن ما هو خطئي
الشيخ:قبل أن أقول لك ما هو خطؤك نقرأ سويا هذا الحديث
ولنجعله حديث اليوم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لِأَنْ يُقَالَ: جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ الْقُرْآنَ، قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ الْعِلْمَ لِيُقَالَ: عَالِمٌ وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ: هُوَ قَارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّار، وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ قَالَ: كَذَبْتَ، وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ: هُوَ جَوَادٌ: فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ)).
رواه مسلم والنسائي
أنس: أستغفر الله وأتوب إليه اللهم اقبل توبتي
الشيخ:لقد أخطأت يا أنس من عدة وجوه
الوجه الأول أنك تريد تعلم العلم ليقال عليك عالم وقد علمت التحذير الشديد في هذا الأمر من الحديث الذي قلناه
أخطأت لما أن أردت أن يكون علمك لغير الله
أنس: إذن كيف يكون علمي لله
الشيخ:يكون علمك لله إن أردت بتعلك العلم وجه الله فقط لا وجوه الناس
فإن الله لا يقبل العمل إلا إذا كان خالصا لوجهه الكريم صوابا وفق سنته وشرعه
أخطأت لما ظننت أن الذي عليك هو تعلم العلم فقط لا أن الذي عليك هو العمل بذلك العلم والدعوة إليه
أخطأت لم أن تكبرت علي إخوانك واغتررت بما معك من مسألة أو مسألتين وظننت نفسك أنك في مصاف أهل العلم سواءا بسواء
ولا ينبغي لك الاغترار والتكبر ولو كنت أعلم أهل الأرض
لقد أخطأت لما أفسدت العمل الصالح الذي قمت به
أنس: لن أعود لمثل هذا وأستغفر الله مما فعلت
الشيخ:لقد أصبت الآن بمعرفتك أنك أخطأت بادرت بالإقلاع عن الذنب والندم عليه والتعهد ألا ترجع إليه ثانية وبمداومة الإستغفار بارك الله فيك وغفر ذنوبنا جميعا
الجميع اللهم آمين
الشيخ: نرجع للحديث الذي سردناه آنفاد
فيه من العلوم والفوائد ما قد ذكرنا قبل أن الله لا يقبل من أحد عملا إلا إذا كان خالصا صوابا
وفيه أن العمومات الواردة في فضل الجهاد إنما هي لمن أراد الله تعالى بذلك مخلصاً، وكذلك الثناء على العلماء وعلى المنفقين في وجوه الخيرات كله محمول على من فعل ذلك لله تعالى مخلصاً
وفيه عظم عقوبة أهل الرياء والسمعة والشهرة
وفيه أيضا أن السرائر كلها علمها عند الله وهو الذي يتولي أمرها إنما علينا أن نحكم بالظاهر
التلاميذ: جزاك الله خيرا يا شيخنا
الشيخ: وجزاكم وإلي لقاء آخر في المرة القادمة إن شاء الله
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد الا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك
¥