قَالَ الْقَارِي: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْكَلِمَةَ هِيَ أَوَّلُ مَا نَطَقَ بِهَا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ غَيْرَ تِلْكَ الْمَرَّةِ مِمَّا وَقَعَتْ مَقْبُولَةً عِنْدَ الْحَضْرَةِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي مَادَّةِ الْخُصُوصِ مِنْ عُمُومِ الْأُمَّةِ
(اُحْضُرْ وَزْنَك) أَيْ الْوَزْنَ الَّذِي لَك أَوْ وَزْنَ عَمَلِك أَوْ وَقْتَ وَزْنِك أَوْ آلَةَ وَزْنِك وَهُوَ الْمِيزَانُ لِيَظْهَرَ لَك اِنْتِفَاءُ الظُّلْمِ وَظُهُورُ الْعَدْلِ وَتَحَقُّقُ الْفَضْلِ
(فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ) أَيْ الْوَاحِدَةُ
(مَعَ هَذِهِ السِّجِلَّاتِ) أَيْ الْكَثِيرَةِ وَمَا قَدْرُهَا بِجَنْبِهَا وَمُقَابَلَتِهَا
(فَقَالَ فَإِنَّك لَا تُظْلَمُ) أَيْ لَا يَقَعُ عَلَيْك الظُّلْمُ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ اِعْتِبَارِ الْوَزْنِ كَيْ يَظْهَرَ أَنْ لَا ظُلْمَ عَلَيْك فَاحْضُرْ الْوَزْنَ. قِيلَ وَجْهُ مُطَابَقَةِ هَذَا جَوَابًا لِقَوْلِهِ مَا هَذِهِ الْبِطَاقَةُ؟ أَنَّ اِسْمَ الْإِشَارَةِ لِلتَّحْقِيرِ كَأَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَعَ هَذِهِ الْبِطَاقَةِ الْمُحَقَّرَةِ مُوَازَنَةٌ لِتِلْكَ السِّجِلَّاتِ، فَرَدَّ بِقَوْلِهِ إِنَّك لَا تُظْلَمُ بِحَقِيرَةٍ، أَيْ لَا تُحَقِّرُ هَذِهِ فَإِنَّهَا عَظِيمَةٌ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ إِذْ لَا يَثْقُلُ مَعَ اِسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ وَلَوْ ثَقُلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ لَظُلِمْت
(قَالَ فَتُوضَعُ السِّجِلَّاتُ فِي كِفَّةٍ) بِكَسْرٍ فَتَشْدِيدٍ أَيْ فَرْدَةٍ مِنْ زَوْجَيْ الْمِيزَانِ، فَفِي الْقَامُوسِ الْكِفَّةُ بِالْكَسْرِ مِنْ الْمِيزَانِ مَعْرُوفٌ وَيُفْتَحُ
(وَالْبِطَاقَةُ) أَيْ وَتُوضَعُ (فِي كِفَّةٍ) أَيْ فِي أُخْرَى
(فَطَاشَتْ السِّجِلَّاتُ) أَيْ خَفَّتْ
(وَثَقُلَتْ الْبِطَاقَةُ) أَيْ رَجَحَتْ وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُضِيِّ لِتَحَقُّقِ وُقُوعِهِ
(وَلَا يَثْقُلُ) أَيْ وَلَا يَرْجَحُ وَلَا يَغْلِبُ
(مَعَ اِسْمِ اللَّهِ شَيْءٌ) وَالْمَعْنَى لَا يُقَاوِمُهُ شَيْءٌ مِنْ الْمَعَاصِي بَلْ يَتَرَجَّحُ ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى جَمِيعِ الْمَعَاصِي.
التلاميذ جزاك الله خيرا يا شيخنا
الشيخ: وجزاكم وإلي لقاء آخر في المرة القادمة إن شاء الله
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد الا اله الا انت نستغفرك ونتوب اليك
ـ[أبو همام الطنطاوي]ــــــــ[01 - 04 - 2008, 03:33 م]ـ
الثامنة
التلاميذ: السلام عليكم يا شيخنا ورحمة الله وبركاته
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته كيف حالكم
التلاميذ: بخير ونحمد الله كيف حالك أنت يا شيخنا
الشيخ: الحمد لله جزاكم الله خيرا يا أبنائي الأعزاء
نكمل ما قد بدأناه
أنس: لقد وعدتنا أن تكمل لنا موضوع الانقطاع
الشيخ: نعم الانقطاع ببساطة هو عدم اتصال السند وهو ليس نوعا واحدا بل أنواع عدة نظرا لمكان الانقطاع أو الساقط من السند ونظرا لعدد الساقط
سارة: اشرح لنا ذلك يا شيخنا وبطريقة مبسطة
الشيخ: سأفترض معكم حديثا يرويه مسلم عن يحيي بن يحيي عن مالك بن أنس عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله
الشيخ: أولا كم بين مسلم ورسول الله
أنس: خمسة يحيي بن يحيي ومالك بن أنس والزهري وسعيد بن المسيب وأبو هريرة
الشيخ: أحسنت انتبهوا معي الآن
# لو أن مسلما روي الحديث باسناده عن سعيد عن النبي دون ذكر الصحابي وهو أبو هريرة سمي هذا الحديث مرسلا
# ولو أنه رواه عن الزهري عن أبي هريرة؛ أو رواه عن يحيي عن الزهري؛أو رواه عن مالك عن سعيد باسقاط واحد من الرواة سمي منقطعا
# ولو أنه رواه عن مالك عن أبي هريرة؛ أو عن يحيي عن الزهري باسقاط راويين متتاليين أو أكثر سمي معضلا
# ولو أنه رواه عن مالك دون ذكر شيخه؛ أو أنه رواه عن الزهري دون ذكر شيخه وشيخ شيخه أو أكثر من أول السند سمي معلقا
# وهناك نوع آخر من الانقطاع يسمونه بالمرسل الخفي
ومثاله فيما ذكرنا لو أن يحيي مثلا لم يسمع هذا الحديث بعينه عن مالك بل سمعه من القعنبي مثلا عن مالك وهو نوع من أنواع التدليس
ويكفيكم اليوم الانقطاع وربما نوجز لكم التدليس في حلقة قادمة إن شاء الله
أنس: يا شيخنالقد قلت لنا المرة السابقة أن العلم يضيع بين الحياء والكبر
الشيخ: نعم هذا صحيح
¥