، (وَأُعْطِيت الْكَنْزَيْنِ الْأَحْمَر وَالْأَبْيَض) قَالَ الْعُلَمَاء: الْمُرَاد بِالْكَنْزَيْنِ الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَالْمُرَاد كَنْزَيْ كِسْرَى وَقَيْصَر مَلِكَيْ الْعِرَاق وَالشَّام
وَفِي النِّهَايَة فَالْأَحْمَر مُلْك الشَّام وَالْأَبْيَض مُلْك فَارِس، وَإِنَّمَا قَالَ لِفَارِس الْأَبْيَض لِبَيَاضِ أَلْوَانهمْ وَلِأَنَّ الْغَالِب عَلَى أَمْوَالهمْ الْفِضَّة، كَمَا أَنَّ الْغَالِب عَلَى أَلْوَان أَهْل الشَّام الْحُمْرَة وَعَلَى أَمْوَالهمْ الذَّهَب اِنْتَهَى
(أَنْ لَا يُهْلِكهَا): أَيْ أَنْ لَا يُهْلِك اللَّه الْأُمَّة
(بِسَنَةٍ): قَحْط
(بِعَامَّةٍ): يَعُمّ الْكُلّ، وَفِي رِوَايَة مُسْلِم بِسَنَةٍ عَامَّة
(فَيَسْتَبِيح بَيْضَتهمْ) أَيْ مُجْتَمَعهمْ وَمَوْضِع سُلْطَانهمْ وَمُسْتَقَرّ دَعْوَتهمْ أَيْ يَجْعَلهُمْ لَهُ مُبَاحًا لَا تَبِعَة عَلَيْهِ فِيهِمْ وَيَسْبِيهِمْ وَيَنْهَبُهُمْ، يُقَال أَبَاحَهُ يُبِيحهُ وَاسْتَبَاحَهُ يَسْتَبِيحهُ، وَالْمُبَاح خِلَاف الْمَحْذُور، وَبَيْضَة الدَّار وَسَطهَا وَمُعْظَمهَا أَرَادَ عَدُوًّا يَسْتَأْصِلهُمْ وَيُهْلِكهُمْ جَمِيعهمْ كَذَا فِي النِّهَايَة
(وَلَا أُهْلِكهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ): أَيْ لَا أُهْلِكهُمْ بِقَحْطٍ يَعُمّهُمْ بَلْ إِنْ وَقَعَ قَحْط وَقَعَ فِي نَاحِيَة يَسِيرَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَاقِي بِلَاد الْإِسْلَام قَالَهُ النَّوَوِيّ.
(وَلَوْ اِجْتَمَعَ): أَيْ الْعَدُوّ
(أَقْطَارهَا): أَيْ نَوَاحِي الْأَرْض
(الْأَئِمَّة الْمُضِلِّينَ) أَيْ الدَّاعِينَ إِلَى الْبِدَع وَالْفِسْق وَالْفُجُور
(فِي أُمَّتِي): أَيْ مِنْ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ
(لَمْ يُرْفَع): السَّيْف
(عَنْهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة)
: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَد يَكُون فِي بَلَد آخَر وَقَدْ اُبْتُدِئَ فِي زَمَن مُعَاوِيَة وَهَلُمَّ جَرًّا لَا يَخْلُو عَنْهُ طَائِفَة مِنْ الْأُمَّة. وَالْحَدِيث كقَوْله تَعَالَى: {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}
(حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى): مُتَعَلِّق بِقَوْلِهِ لَا تَزَال. قَالَ فِي فَتْح الْوَدُود: أَيْ الرِّيح الَّذِي يُقْبَض عِنْدهَا رُوح كُلّ مُؤْمِن وَمُؤْمِنَة. وَفِي رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ مِنْ حَدِيث الْمُغِيرَة بْن شُعْبَة " لَا تَزَال طَائِفَة مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْر اللَّه " وَأَخْرَجَ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك عَنْ عُمَر " لَا تَزَال طَائِفَة مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقّ حَتَّى تَقُوم السَّاعَة " قَالَ الْمُنَاوِيُّ: أَيْ إِلَى قُرْب قِيَامهَا لِأَنَّ السَّاعَة لَا تَقُوم حَتَّى لَا يُقَال فِي الْأَرْض اللَّه اللَّه اِنْتَهَى.
التلاميذ:جزاك الله خيرا يا شيخنا ولكنا نريد بسط القول قليلا فتظهر لنا بعضا من فوائد هذا الحديث
الشيخ: إن أول ما يسترعي الانتباه في هذا الحديث هو محبة الله لهذه الأمة وأنه علي الرغم من صغر عمرها علي الأرض إلا أن جزاءها موفور وحظها عظيم وذلك لأنها أمة أحب الخلق إلي الله خليل الرحمن حيث أن الله اتخذ نبينا محمدا خليلا وجعل أمة شهيدة علي سائر الأمم
سارة: زدنا يا شيخنا
الشيخ:وقد علمنا من الحديث ما كان وسيكون من عظم اتساع الرقعة الإسلامية علي الأرض
فكلام الأنبياء صدق ووعدهم حق
وفي الحديث أيضا وعد الله لهذه الأمة ألا يهلكها بسبب مجاعة ونحوها
ووعد الحق أيضا لها ألا يمكن عدوه وعدوها منها حتي يستأصلها
أنس: لكننا نري الآن ما يقع علي المسلمين من صنوف الذل والهوان
الشيخ: نعم وقع علي بعضها ذلك وربما سيقع غير ذلك لكن وعد الله لا كذب فيه فما زالت الأمة موجودة وما زال الخير موجودا فيها وما زالت شوكة في أعين وظهور الكفرة الفجرة فلا يرون عدوا لهم غيرها ولا كاسرا لأنوفهم إلاها
نسأل الله العظيم بأسمائه الحسني وصفاته العلي أن يرد المسلمين إلي دينهم ردا جميلا وأن ينصرهم علي كل أعدائهم أعداء الحق أعداء الصدق
ولعل في هذا القدر كفاية
التلاميذ: جزاك الله خيرا يا شيخنا
الشيخ: وإياكم وإلي لقاء آخر في المرة القادمة إن شاء الله
¥