تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والتأويل بالمعنى الأول هو التفسير وهو الذي سار عليه الإمام أحمد مع هذا النص فحقيقة الكلام تؤول إلى أن الله عز وجل لم يخلق شيئاً أعظم من آية الكرسي من كلام الله، وكلام الله غير مخلوق – وليس كما يدعي السقاف – أن حقيقة الكلام تؤول إلى أن آية الكرسي مخلوقة والعياذ بالله – فصرف الإمام أحمد الكلام عن هذا الوجه فقال بأن الخلق لم يقع عليها. وهذا التفسير الذي ذكرناه للحديث هو ما ذهب إليه ابن عيينة – رحمه الله -. قال الترمذي في ((جامعه)) (2884): حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان بن عيينة – في تفسير حديث عبد الله بن مسعود قال: ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي – قال سفيان: لأن آية الكرسي هو كلام الله، وكلام الله أعظم من خلق الله، من السماء والأرض. وسنده صحيح.

وبهذا يُعلم أن ما ذهب إليه أحمد – رحمه الله – هو ما يدل عليه ظاهر النص، وليس وجهاً مرجوحاً متأولاً – بالمعنى الثاني للتأويل -.

وأخيراً قال هذا السقاف: (تأويل آخر عن الإمام أحمد يتعلق بمسألة الصفات: روى الخلال بسنده، عن حنبل، عن عمه الإمام أحمد بن حنبل أنه سمعه يقول: احتجوا على يوم المناظرة، فقالوا: ((تجيء يوم القيامة سورة البقرة …)) الحديث. قال: فقلت لهم: إنما هو الثواب. فتأمل في هذا التأويل الصريح). وقال في ((الحاشية)): (وقد نقل هذا لنا عن الخلال المحدث الإمام محمد زاهد الكوثرى رحمه الله تعالى في تعليقه على ((دفع شبه التشبيه)).

قلت: إسناده لا نعرفه عن حنبل حتى نثبته من قول الإمام أحمد، ولو صح عنه فليس بتأويل، إنما فسر هذا الحديث على النحو لرواية أخرى للحديث ورد فيها ما يدل على أن الذي يجيء يوم القيامة هو الثواب. وهذه الرواية هي حديث نواس بن سمعان مرفوعاً: ((يأتي القرآن وأهله الذين يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران … الحديث)). قال الإمام الترمذي في ((الجامع)) (5/ 148): ((ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم هذا الحديث أو ما يشبه من هذه الأحاديث أنه يجيء ثواب قراءة القرآن. وفي حديث النواس عن النبي ? ما يدل على ما فسروا، إذ قال النبي ?: وأهله الذين يعملون به في الدنيا، ففي هذا دلالة أنه يجيء ثواب العمل)). قلت: وحديث النواس هذا صحيح مخرج عند مسلم والترمذي. فتأملوا تلبيس هذا السقاف!! وقد نسب السقاف التأويل إلى الإمام البخاري والنضر بن شميل وغيرهما، وسوف يأتي الجواب عن ذلك عند الكلام على إثبات صفة الضحك، والاستواء للرب تعالى.


(******* السابع **********)

تصريح السقاف بمخالفته للأشعري وموافقته لأهل الاعتزال والرد عليه في ادعائه أن كتاب ((الإبانة)) من أول كتب الأشعري
والعجيب حقاً من أمر هذا السقاف أنه دائماً يهتف في كتبه عديمة النفع، كثيرة الضرر، بأن أهل السنة والجماعة هم الأشاعرة، ثم يأتي ليوافق المعتزلة بعد ذلك، ويخالف الأشعري – إمام مذهبه في الأصول -.

قال في حاشيته على كتاب ابن الجوزي – بعد أن ذكر كلام الأشعري في الإستواء من كتاب ((الإبانة)) -: (أما رد الإمام أبي الحسن الأشعري تفسير الاستواء بالاستيلاء فنحن لا نوافقه في ذلك أبداً، ونقول إنه قال ذلك بسبب ردة فعل حصلت عنده من المعتزلة، وهم وإن لم نوافقهم في كثير من مسائلهم إلا أننا هنا نوافقهم ونعتقد أنهم مصيبون في هذه المسألة). وقال: (وهذا الإمام أبو الحسن الأشعري يقوده بغضه للمعتزلة، وإرادته لمعاندتهم أن ينكر أن معنى الاستواء: الاستيلاء، لأن المعتزلة تقول به، مع أنه قال معناه، وقولهم في تأويله صحيح لا غبار عليه، فتأملوا).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير