تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإنما كان السلف أبعد الناس عن الخوض فيما لم يحيطوا به علماً مما أخبر الله تعالى عنه من الغيب، فكما أنهم لم يكونوا يحيطون بذات الله عليماً، لم يكونوا يحيطون بصفاته علماً، إذ الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات، إلا أن صفاته كانت دليل المعرفة به، ولا تصلح أن تكون كذلك وهي من المتشابه الذي ليس للعباد أن يعلموا حقيقته، وإنما كانت معلومة المعاني عندهم، مجهولة الكيف، كما أن ذاته تعالى معلومة عندهم بصفاته، مجهولة الكيف، وهذا معنى إمرار الصفات كما جاءت. بل تضمن قوله: ((نمرها كما مرت)) إثباتها على الحقيقة، فإن الأصل في الإطلاق الحقيقة، فالعلم صفة على الحقيقة، والقدرة صفة على الحقيقة، واليد صفة على الحقيقة، مع أن لكل صفة معنى غير الأخرى، تعرف ذلك العرب من لغاتها)).


(****** الثاني عشر *******)

إثبات أن كلام الله عز وجل بصوت والرد عليه في نفي ذلك
وقد صرح بمعتقده في هذه المسألة في مواطن عدة من كتبه، نذكر منها ما ورد في كتابه ((إلقام الحجر للمتطاول على الأشاعرة من البشر)) (ص 29)، حيث قال – في معرض رده على عمر محمود صاحب كتاب ((الرد الأثري المفيد على البيجورى في شرح جوهرة التوحيد)): - (وأما ادعاؤه بأن كلام الله تعالى حروف وأصوات فادعاء باطل لا أساس له، ولا دليل عليه، وخصوصاً أنه نقل كلام ابن تيمية فقال: إن الله تكلم بالقرآن بحروفه ومعانيه كما ثبت بالكتاب والسنة وإجماع السلف …. إلخ.

فنقول: أما قوله (كما ثبت بالكتاب) فليس صحيحاً، فأين ذكرت لفظة (صوت) في القرآن صفة لله تعالى، وأين في القرآن الآية التى فيها أن الله يتكلم بصوت؟ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍!. قال ا|لإمام البيهقي في ((الأسماء والصفات)) (273): ولم يثبت صفة الصوت في كلام الله عز وجل أهـ. وأما قوله: (والسنة) فجوابه: لم يثبت في السنة أن الله تعالى يتكلم بصوت البتة، أو أن لله صوتاً بتاتاً …) إلى أخر كلامه.

? قلت: بل الكلام بصوت ثابت لله تعالى بنص الكتاب والسنة:

? فأما ما دل على ذلك من الكتاب:
فقوله تعالى: {وأنا أخترتك فاستمع لما يوحى} {طه: 13}. وقول الله تعالى: {وكلم الله موسى تكليما} {النساء: 164}. وقوله تعالى: {منهم من كلم الله} {البقرة: 253}. وقوله سبحانه وتعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب …} الآية {الشورى: 51}. وقوله تعالى: {وإذ نادى ربك موسى} {الشعراء: 10}. ((فدل هذا على أن سمع كلام الله تعالى، ولا يسمع إلا الصوت، وربنا تعالى قد خاطبنا باللسان العربي الذي نفهمه، وليس فيه سماع يحصل من غير صوت)) (1).

? وأما ما دل على ذلك من السنة: فحديث عبدالله بن مسعود ? قال: إذا تكلم الله عز وجل بالوحي سمع صوته أهل السماء، فيخرون سجداً، حتى إذا فزع عن قلوبهم، قال: سكن عن قلوبهم، ونادى أهل السماء: ماذا قال ربكم؟ قال: الحق، قال: كذا، وكذا. رواه عبدالله بن الإمام أحمد في السنة (536) بسند جيد. وفي رواية: ((إذا تكلم الله عز وجل بالوحي سمع أهل السماء له صلصلة كصلصلة الحديد على الصفا)). أخرجه عبدالله في السنة (537)، وابن خزيمة في التوحيد (ص: 145 – 147)، والدرامي في ((الرد على الجهمية)) (ص: 91). وسنده صحيح. ونقل عبدالله بن الإمام أحمد عن أبيه قوله: ((حديث ابن مسعود ?: إذا تكلم الله عز وجل سمع له صوت حجر السلسلة على الصفوان، قال أبي: وهذا الجهمية تنكره)). ومثله لا يقال بمجرد الرأى أو العقل، فله على ذلك حكم الرفع، كما قرر علماء الحديث، بل وردت بعض روايات هذا الخبر مرفوعة، إلا أنها شاذة، فقد تفرد برفعها بلفظ مغاير عن العمش أبو معاوية الضرير محمد بن خازم، عن النبي ?، قال: ((إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء للسماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا ….)) الحديث أخرجه أبو داود (4738)، والآفة في هذا الخبر من أبي معاوية، وإن كان رواه مرة على الجادة فوافق كل من رواه عن الأعمش موقوفاً باللفظ الأول، فقد رواه – مرة أخرى – مرفوعاً ببغداد فيما ذكره عبدالله بن الإمام أحمد في
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير