تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

? قلت: قد اهتم هذا المحرف بنقل كلام من جرح عبد الله بن محمد بن عقيل، وضرب صفحاً عن ذكر أقوال من عدله واحتج به. ففي التهذيب: ((قال الترمذي: صدوق، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول: كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديث ابن عقيل، قال محمد بن إسماعيل، وهو مقارب الحديث)).

? قلت فاحتج هؤلاء الأئمة بحديثه يدل على أن من ضعفه إنما ضعفه لعلة وردت عليه، وهي تغيره، وذلك نقل عن يحيى بن سعيد الوجهان في الرواية عنه. فقال ابن المدينى: ((وكان يحيى بن سعيد لا يروى عنه)) وقال عمرو بن على: ((سمعت يحيى وعبد الرحمن يحدثان عنه)). وأما قول أحمد ك ((منكر الحديث)) فالإمام أحمد قد يطلق النكارة على ما تفرد به الثقة. وقد صرح ابن حجر العسقلاني في ((هدي الساري))، وفي ((فتح الباري)) في مواضع عدة بذلك عن الإمام أحمد (1). وأما قول الذهبي: ((لا يرتقى خبره إلى درجة الصحة والاحتجاج)). فليس معناه تضعيف حديثه، وإنما غايته أن يكون حديثه من رتبة الحسن ولاشك أنه أدنى من الصحيح في الدرجة والاحتجاج. وإلى ذلك ذهب شيخ السقاف الغمارى في ((الرد المحكم المتين على كتاب القول المبين)) (ص: 180).

? وإلى هذا المدعى الأثيم، والمتشبع بما لم يعط نقول: لقد صحح هذا الحديث الإمام البخارى – رحمه الله – فأورده في ((صحيحه)) (العلم / باب: الخروج في طلب العلم) (1/ 25) معلقاً بصيغة الجزم، قائلاً: ((ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد)). ((وقال في خلق أفعال العباد)) (ص:30): ((وقال عبد الله بن أنيس رضي الله عنه: …)) فذكره تاماً. وقال (ص: 149): ((وفي هذا دليل أن صوت الله لا يشبه أصوات الخلق، لأن صوت الله جل ذكره يسمع من بُعد كما يسمع من قرب، وأن الملائكة يصعقون من صوته، فإذا تنادى الملائكة لم يصعقوا)) فاستدلاله بهذا الحديث على إثبات الصوت لله عز وجل يدل على تصحيحه حديث عبد الله بن أنيس الوارد في ذلك.

ولا أظن أن السقاف لم يقف على كلام الإمام البخارى ذكره، وكلام البخارى المشار إليه سابقاً موجود في نفس الكتاب قبل هذا الحديث مباشرة. لكن السقاف احتال لنفسه بحيلة أخرى لدفع الاحتجاج بتعليق البخارى – رحمه الله – لهذا الحديث بصيغة الجزم في ((صحيحه))، فذكر كلاماً لابن حجر يشيد في ظاهره ما ادعاه من ضعف هذا الحديث ك. فقال (ص: 31 – 32): (مرض الحافظ ابن حجر الحديث من جهة ورود لفظة الصوت، وجزم بأن البخارى مرضه أيضاً حي قل الحافظ ما نصه في ((الفتح)) (1/ 174): ((نظر البخارى أدق من أن يعترض عليه بمثل هذا، فإنه حيث ذكر الارتحال فقط حزم به، بل مرضه، لأن لفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب ويحتاج إلى تأويل، فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها، ولو اعتضدت ومن هنا يظهر شفوف علمه – آي البخارى – ودقة نظره وحسن تصرفه رحمه الله تعالى)).أ هـ كلام الحافظ من الفتح).

? قلت: وأين تعليق البخاري للحديث بصيغة الجزم في كتابه ((خلق أفعال العباد)) واحتجاجه بالرواية التي ذُكر فيها الصوت، وقوله رحمه الله: ((وفي هذا دليل أن صوت الله لايشبه أصوات الخلق، لأن صوت الله جل ذكره يسمع من بعد كما يسمع من قرب)). فهذه العبارة الأخيرة ههي نفسها التي وردت في حديث عبدالله بن أنيس فكيف يقال بعد ذلك أنه مَرّضه تضعيفاً لهذا الحرف؟!! ثم إن كلام ابن حجر – رحمه الله – فيه تضارب – فكيف يجزم بحسن إسناد الحديث عند كلامه على الارتحال، ثم يطعن في الإسناد بقوله: (فلا يكفى فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها) عند الكلام على الصوت، مع أن شطري المتن وردا بنفس الأسانيد؟!!. وعلى تقدير صحة ما ذهب إليه السقاف فكلام البخاري هذا أقل ما يدل عليه أنه يذهب إلى إثبات الصوت لله عز وجل. فهل تعد البخاري بذلك من أهل السنة والجماعة، أم أنه خرج من دائرتهم إلى دائرة المبتدعة أو الزنادقة كما وصفه شيخ شيوخك، الكوثرى المتهالك.

? أما الطريق الثاني:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير