تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال في تعليقه على ((دفع شبه التشبيه)) (ص:193): (وقد زعما – أي الألباني وشعيب الأرناؤوط – أن حفص بن غياث تغير حفظه قليلاً بأخرة، وأقول: إن هذا تضعيف مردود لأن رواية حفص عن الأعمش كما في إسناد هذا الحديث كانت في كتاب عند ابن حفص – عمر – كما في ترجمة حفص في ((تهذيب الكمال)) (7/ 60)، و ((تهذيب التهذيب)) (2/ 358)، فلا يضرها اختلاط حفص بأخرة على تسليم وقوعه).

*قلت: هذه إحالة على جهالة، فالذي ورد في ((تهذيب التهذيب)): ((قال ابن خراش:بلغني عن على بن المديني، قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: أوثق أصحاب الأعمش حفص بن غياث، فأنكرت ذلك، ثم قدمت الكوفة بأخرة، فأخرج إلى عمر بن حفص كتاب أبيه، عن الأعمش، فجعلت أترحم على يحيى)).

*قلت: هذا الإسناد منقطع بين ابن خراش وعلى بن المديني من جهة، ومن جهة أخرى لم يرد في هذا الخبر ما يدل على أن هذا الحديث من كتاب حفص، ولم يرد في إسناد الخبر نفسه ما يدل على ذلك، وقد يكون الحديث من رواية صاحب كتاب او صاحب نسخة، إلا أن حديثاً بعينه من روايته لا يكون من هذه النسخة.

ونضرب على ذلك مثالاً: ما أخرجه أحمد والترمذى والحاكم من طريق:عمرو بن الحارث، عن دراج أبي السمح، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد مرفوعاً: ((لاحكيم إلا ذو تجربة، ولا حليم إلا ذو عثرة)). قال الحافظ ابن حجر مدافعاً عن هذا الحديث في ((أجوبته عن أحاديث المصابيح)) (المشكاة:1786): ((صحيح ابن حبان هذه النسخة من رواية ابن وهب، عن عمرو ابن الحارث، عن دراج، عن أبي الهيثم، عن أبي سعيد، فأخرج كثيراً من أحاديث في صحيحه)). فاحتج على تقوية الحديث بأنه من نسخة ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، لأن من رواه رواه من طريق ابن وهب، فظن أنها من نسخته، والأمر خلاف ما ذكر. قال ابن عدي في ((الكامل)) (3/ 1256): ((وهذا لا يرويه مصرى عن ابن وهب، إنما يرويه قوم غرباء ثقات سمعوه من ابن وهب بمكة، وليس هذا في نسخة عمرو بن الحارث من رواية ابن وهب عنه)). قلت: فكون الحديث من رواية عمر بن حفص، عن أبيه، عن الأعمش لا يعنى أنه في كتاب حفص عن الأعمش، ولو سلمنا بذلك فقد خالف حفص بن غياب الأكثر والأحفظ، فروايته على ذلك شاذة بل منكرة.

ولا يفوتني في المقام أن أنبه على ما تعلم به السقاف في تعليقه السابق ذكره، وحاول به أن ينقض من منزلة الشيخ الألباني – حفظه الله – من استدراكه – كذا زعم!! – وصفه لرواية حفص بن غياث بالنكارة، حيث قال (ص:193): (وقوله – المعلق على ((أقاويل الثقات)) – عن حديث النسائي: منكر بهذا الشياق غريب!! بل من القول، ويصح ذلك لو كان حفص ضعيفاً، وليس هو كذلك، ثم لانكارة في المتن ألبتة، فلو كان ادعاه الألباني، ومتابعة حقاً لكان شاذاً لا منكراً لقول أهل الحديث: وما يخالف ثقة به الملا فالشاذ والمقلوب قسمان تلا)

قلت:وهذا استدراك في غير محله، فقد سبقهما إلى وصف ما تفرد به حفص بن غياث بالنكارة الحافظ الجهبذ أبو عبدالله الذهبي، فقال في ((الموقظة)) (ص:77): ((وقد يسمى جماعة من الحفاظ الحديث الذي يتفرد به مثل هشيم وحفص بن غياث منكراً)).

قلت: وفي هذا الإطلاق نكتة لطيفة، وهي أن وصف حديثه بالنكارة لأنه اعتراه بعض الضعف الذي نزل به عن درجة الثقة الحافظ لحديثه المتثبت فيه، وإطلاق النكارة مختص بالضعيف لا بالثقة المتثبت، وابن غياث اعتراه ضعف بعد توليه القضاء. قال ابن رجب في ((شرح علل الترمذي)) (ص:297): ((وأما حفص ابن غياث فقد كان أحمد وغيره يتكلمون في حديثه لأن حفظه كان فيه شيء)).

وقد حاول السقاف أن يقوي استدلاله بالحديث السابق، فاستشهد له بشاهد عن عثمان بن أبي العاص ? مرفوعاً: ((تفتح أبواب السماء نصف الليل، فينادي مناد، هل من داع فيستجاب له، هل من سائل فيعطى، هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له، إلا زانية تسعى بفرجها، أو عشاراً)). قال السقاف بعد أن عزاه إلى الإمام أحمد (4/ 22و217)، والبزار (4/ 44كشف الأستار)، والطبراني (9/ 51): (وهو صحيح الإسناد، وانظر مجمع الزوائد (10/ 209)، وفيه: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح). وقد نقل هناك تصحيح الألباني لهذا الحديث.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير