تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والحق أن هذا الحديث: معلول. كما سوف يأتي بيانه قريباً إن شاء الله تعالى.


الجزء السابع عشر
فصل في:ذكر علة خبر عثمان بن أبي العاص

ورد هذا الحديث من طريقين عن عثمان بن أبي العاص:

الأول: من رواية على بن زيد بن جدعان، عن الحسن، عن عثمان باللفظ المذكور. أخرجه أحمد (4/ 22و217)، والبزار (4/ 44:كشف).وهذا الإسناد معلول بعلتين:

? الأولى: ضعف علي بن زيد بن خدعان.
? والثانية: الانقطاع، فالحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص كما في ترجمته من ((تهذيب التهذيب)) (2/ 231)

والثاني: من رواية هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عثمان بن أبي العاص به. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (9/ 51): حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحى، حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن هشام بن حسان به.

قلت: وقد اختلف في هذا الإسناد على داود بن عبد الرحمن. فأخرجه البيهقي في ((الشعب)) (7/ 418/3555)، وفي ((فضائل الأوقات)) (25) من طريق: جامع بن الصبيح الرملي، حدثنا مرحوم بن عبد العزيز عن داود بن عبد الرحمن، عن بن حسان، عن الحسن، عن عثمان مرفوعاً بلفظ: ((إذا كان ليلة النصف من شعبان، نادى مناد، هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه، فلا يسأل الله عز وجل أحد شيئاً إلا أعطاه إلا زانية بفرجها أو مشرك)).
وجامع بن صبيح هذا ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (2/ 1/530) وسكت عنه، وضعفه لأزدى كما في ((لسان الميزان)) (2/ 93).
ولكن تابعه على هذه الرواية راو ثقة وهو محمد بن بكار بن الزبير، فرواه عن مرحوم به.
أخرجه الخرائطي في ((مساوئ الأخلاق)) (رقم:490): حدثنا عبدالله بن أحمد بن إبراهيم الدورقى، حدثنا محمد بن بكار، عن مرحوم به.

قلت: وهذا سند صحيح إلى مرحوم بن عبد العزيز. ومرحوم بن عبد العزيز أثبت من مخالفة داود بن عبد الرحمن. فالأول: وثقة أحمد، وابن معين، والنسائي، والبزار، ويعقوب بن سفيان، وابو نعيم، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له الستة.

وأما الثاني: فقال أبو حاتم: ((صدوق)) ومثله نقل عن صالح جزرة، وذكره ابن حبان في ((الثقات))، وأخرج له مسلم. فالأصح رواية مرحوم من حديث الحسن عن عثمان في فضل ليلة النصف من شعبان. وهي معلولة بالانقطاع بين الحسن وعثمان كما تقدم والله أعلم.

قلت: وقد استدل السقاف بالحديثين السابقين – وهما ضعيفان كما بينا - على أن الذي ينزل وينادي هو ملك إعمالاً لما نقله الحافظ في ((الفتح)) عن بعض المشايخ من ضبطهم لفظ: (ينزل) بضم الياء، وهذا وجه ضعيف مخالف لعامة الروايات الواردة في هذا الحديث والتي تثبت النزول لله سبحانه وتعالى.
وقد أنكر بعض أهل العلم هذا الضبط.
قال أبو القاسم الأصبهاني المعروف بـ ((قوام السنة)) في كتابه ((الحجة في بيان المحجة)) (1/ 248):
((ذكر على بن عمر الحربي في كتاب ((السنة)): أن الله تعالى ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، قاله النبي ? من غير أن يقال: كيف؟
فإن قيل: ينزل أو ينزل؟ قيل: يَنزل بفتح الياء وكسر الزاي، ومن قال: يُنزل بضم الياء فقد ابتدع، ومن قال: ينزل نوراً وضياءً فهذا أيضاً بدعة)).
وعلى بن عمر الحربي هذا إمام محدث زاهد ثقة صاحب معرفة وعلم وكرامات، وانظر ترجمته في ((تاريخ بغداد)): (12/ 43)، و ((سير أعلام النبلاء)): (17/ 69).
والعجيب حقاً من السقاف – غفر الله لنا وللمسلمين – أن يصر على تجنيه على الأئمة، فيذكر في مقام إثبات ما ذهب إليه أنه مذهب مالك، فيقول في (ص:194 تعليق رقم:129):
(وممن أوّل حديث النزول بنزول رحمته سبحانه الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى، وهو من أئمة السلف، فيما رواه عنه الحافظ ابن عبد البر في كتابه ((التمهيد)) (7/ 143)، وفي ((سير أعلام النبلاء)) (8/ 105):
((قال ابن عدي: حدثنا محمد بن هارون بن حسان، حدثنا صالح بن أيوب، حدثنا حبيب بن أبي حبيب، حدثني مالك، قال: يتنزل ربنا تبارك وتعالى أمره، فأما هو فدائم لا يزول، قال صالح: فذكرت ذلك ليحيى بن بكير، فقال: حسن والله، ولم أسمعه من مالك)).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير