تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وقد صرح عبدالله الغماري بالطعن في في حماد بن سلمه في كتابه ((فتح المعين)) (ص:20) حيث قال:

(حماد بن سلمة وإن كان ثقة، فله أوهام، كما قال الذهبي، ولم يخرج له البخاري، ومن أوهامه ما رواه عن عكرمة، عن ابن عباس: ((رأيت ربي جعداً أمرداً عليه حلة خضراء)) وروى عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد دونه ستر في لؤلؤ، قدميه أو رجليه في خضرة، قال الذهبي في الميزان، فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة وهذه الرؤية منام إن صحت).

وقد علق السقاف على كلام شيخه هذا في الحاشية بقوله:

(وأقول: حماد بن سلمة إمام ثقة، لكن لا ينبغي أن تقبل أخباره في الصفات البتة، لأن ربيبيه كانا يدسان في كتبه ما شاءا، وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء (7/ 452): إلا أنه طعن في السن ساء حفظه … فالاحتياط أن لا يحتج به فيما يخالف الثقات أ. هـ كلام الذهبي.

قلت: فما بالك برواياته التي يخالف بها نصوص التنزيه في الكتاب والسنة!! فتدبر).

قلت: أما كون البخاري لم يخرج من لحماد بن سلمة فقد أخذ عليه ذلك، فقد أخرج عن قوم دونه في الضبط والإتقان.

قال الحافظ الذهبي في ((الميزان)) (1/ 594):

((نكت ابن حبان على البخاري، ولم يسمعه حيث يحتج عبد الرحمن بن عبدالله بن دينار، وبابن أخي الزهرى، وبابن عياش، ويدع حماداً)).

قلت: والأصح أن يُقال: إن البخاري لم يمتنع عن إخراج حديثه مطلقاً، بل له حديث عند البخاري في ((الصحيح)).

قال الحافظ الذهبي في ترجمة حماد بن سلمة من ((السير)) (7/ 446):

((تحايد البخاري إخراج حديثه، إلا حديثاً خرجه في الرقاق، فقال: قال أبو الوليد: حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس عن أبُي)).

وعدم إخراج البخاري له كما زعم شيخ السقاف فليس بقادح فيه، فالبخاري لم يشترط أن يخرج حديث الثقات جميعاً كما يعلم المبتدئ من طلاب العلم، فإقحام مثل هذا القول عند الكلام على حماد بن سلمة دون ذكر الجواب عنه إنقاص من قيمته، وإنزال من رتبته، وهو من هو من الحفظ والضبط والإتقان، وأقوال أهل العلم شاهدة على ذلك.

وأما قول السقاف: (حماد بن سلمة إمام ثقة، لكن لا ينبغي أن تقبل أخباره في الصفات ألبتة، لأن ربيبيه كانا يدسان في كتبه ماشاءا).

فمتناقض …

فكيف تقبل أحاديثه في غير الصفات، وترد أحاديثه في الصفات مستدلاً على نحو ذلك بخبر موضوع وحكاية ملفقة.

إنما مستندك في ذلك:

ما رواه ابن عدي في ((الكامل)) (2/ 676) بالسند السابق ذكره إلى ابن الثلجي، قال: سمعت عباد بن صهيب، يقول: إن حماد بن سلمة كان لا يحفظ، فكانوا يقولون، إنها دست في كتبه، وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه، فكان يدس في كتبه هذه الأحاديث.

وابن الثلجي كذاب كما مر ذكره.

وأما الأحاديث التي أوردها الغماري من رواية حماد بن سلمة في الرؤية، ليطعن بها فيه، فليس فيها ما يدل على أن الحمل عليه فيها، فهو لم يتفرد برواية هذه الأحاديث من جهة:

قال الحافظ أبو أحمد بن عدي في ((الكامل)) (2/ 678) عقب روايته أحاديث الرؤية من طريق حماد:

((هذه الأحاديث التي رويت عن حماد بن سلمة في الرؤية، وفي رؤية أهل الجنة خالقهم، قد رواها غير حماد بن سلمة، وليس حماد بمخصوص به فينكر عليه)).

ومن جهة أخرى فهي غير محفوظة عنه باللفظ المذكور.

وأما قول الذهبي: ((فهذا من أنكر ما أتى به حماد بن سلمة)).

فالجواب عنه من وجوه:

الأول: أن الحديث بهذا التمام الذي ذكره الذهبي منكر، غير محفوظ عن حماد بن سلمة، فالآفة فيه من غيره.

تفصيل ذلك:

أن الحديث صحيح من حديث حماد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً بلفظ: ((بلفظ ربي عز وجل)).

فقد أخرجه بهذا اللفظ:

الإمام أحمد (1/ 285): حدثنا أسود بن عامر، حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، بإسناده ومتنه.

وأخرجه من طريقه: أبو القاسم الأصبهاني في الحجة في بيان المحجة)) (1/ 509). وقد اختلف في متنه على أسود بن عامر.

فرواه ابن عدي في ((الكامل)) (2/ 677) من طريق: النضر بن سلمة شاذان، حدثنا الأسود بن عامر، بسنده، بلفظ: ((أن محمداً رأى ربه في صورة شاب أمرد من دونه ستر من لؤلؤ، قدميه، أو قال: رجليه في خضرة)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير