تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ففي ((رسالة عبدوس بن مالك العطار عن الإمام أحمد)) رحمه الله (ص:58)، قال:

((أصول السنة عندنا:…… والإيمان بالرؤية يوم القيامة كما روى عن النبي ? من الأحاديث الصحاح، وأن النبي ? قد رأى ربه، فإنه مأثور عن رسول الله ?، صحيح، رواه قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، ورواه الحكم ابن أبان، عن عكرمة عن ابن عباس، ورواه علي بن الزيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس)).

وقال عبدالله بن الإمام أحمد في ((السنة)) (584):

((رأيت أبي رحمه الله يصحح هذه الأحاديث أحاديث الرؤية ويذهب إليها وجمعها في كتاب وحدثنا بها)).

وروى الضياء في ((المختارة)) عن أبي زرعة الرازي، قال (24):

((وحديث قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس صحيح، ولا ينكره إلا معتزلي)). يعتني باللفظ المختصر.

ولا يتوهم – كما يحاول أن يبث السقاف في روع القراء – أن أهل السنة والجماعة يثبتون الحديث بهذه الزيادة المنكرة الواردة فيه، والتي سبق أن بينا أن الحمل فيها على من هو دون حماد بن سلمة وليست الآفة منه.

والوجه الثاني: أن قول الذهبي هذا مجمل، وليس بحجة على أن الحمل في هذا الخبر عند الذهبي على حماد بن سلمة لأنه لما روي هذا الحديث في ((السير)) (10/ 113)،قال:

((خبر منكر نسأل الله السلامة في الدين فلا هو على شرط البخاري، ولا مسلم، ورواته وإن كانوا غير مهتمين، فما هم بمعصومين من الخطأ والنسيان)).

والوجه الثالث: أننا لو سلمنا بصحة أسانيد هذا الخبر – بهذه الزيادة – إلى حماد بن سلمة، فكيف تغاضى السقاف عن عنعنة قتادة بن دعامة السدوسي وهو عنده وعند شيوخه مدلس، ولو تعاضى عن هذه العلة فاين من أعل هذه الرواية بعكرمة؟!

قال البيهقي في ((الأسماء والصفات)): ((وقد حمل غيره من أهل النظر في هذه الرواية على عكرمة مولى ابن عباس)).

قلت: ونحن لا نحاول دفع التهمة عن حماد، لنصيب بها غيره، وإنما غايتنا أن السقاف إنما تغاضى عن بيان هذه العلل كلها حتى يسلم له اتهام حماد بن سلمة، كما هو الحال عند أسلافه من المعتزلة.

والسقاف متناقض ..

فتارة يوثق حماد بن سلمة في غير أحاديث الصفات، فيقول – كما مر ذكره -:

(حماد بن سلمة إمام ثقة، لكن لا ينبغي أن تقبل أخباره في الصفات ألبتة).

ثم يأتي في موضع آخر من قراطيسه – وهو تعليقه على ((دفع شبه التشبيه)) (ص:19) – فتدفعه عقيدته الاعتزالية إلى الطعن فيه بشدة فيقول:

(نحن نغمز حماد بن سلمة أشد الغمز، خصوصاً في أحاديثه في الصفات).

وتراه يتعالم بخبث طوية، فيقول (ص: 178 - 179):

(حماد بن سلمة ضعفه مشهور، وإن كان من رجال مسلم، وقد تحايده البخاري، كما في ((الميزان)) (1/ 594) في ترجمته).

فلا أدري كيف يقول في موضع: ((إمام ثقة) ثم يتناقض نفسه في موضع آخر فيقول: ((ضعفه مشهور)).

والأغرب من ذلك أن يعل حديث أبي رزين العقيلي مرفوعاً:

((كان علماء ما تحته هواء، وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه على الماء))،بحماد بن سلمة وفيه من هو أوهي منه.

قال (ص: 189):

(وهذا حديث ضعيف لأجل حماد بن سلمة، ولا تقبل أخباره في الصفات ألبتة، وكذلك يضعف هذا الحديث بوكيع بن عدس، لأنه مجهول لم يرو عنه إلا يعلى بن عطاء).

قلت: فقدم إعلال الحديث بحماد مع أن فيه من هو أضعف منه – وهو وكيع – ووكيع هذا قد حدث بالحديث قبل حماد، فالآفة فيه منه، وليست من حماد، ولكن دفعه إلى ذلك مادفع المعتزلة من قبله إلى الطعن في حماد.

ولن أكلف نفسي الجهد في جمع أقوال أهل العلم في تعديل وتوثيق حماد ابن سلمة فهي كثيرة جداً، ومبسوطة في ترجمته في كتب الرجال و ((السير)) للذهبي، حتى عُد حبه من علامة اتباع السنة، وبغضه والقيعة فيه من علامة البدعة.


الجزء الثالث والعشرون
طعن السقاف في محمد بن إسحاق بن يسار صاحب ((السير))

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير