تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وهذا تدليس بين، وتلبيس واضح. فلفظ الحديث عند النسائي: ((إن الله عز وجل يعجب من رجلين يقل أحدهما صاحبه)). وقال مرة أخرى: ((ليضحك من رجلين يقتل أحدهما صاحبه، ثم يدخلان الجنة)). وهذا اللفظ الأخير لم يذكره السقاف لئلا تنكشف حيلته في رد الحديث بهذا اللفظ، وهذا الحديث رواه بلفظ: ((يضحك)) الإمام مالك في موطئه (2/ 460) عن أبي الزناد به. ومن طريقه البخاري ومسلم والنسائي. والحديث بالوجهين رواه النسائي، قال أخبرنا محمد بن المنصور، قال: حدثنا سفيان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة به. وسفيان هو ابن عيينة، وهو وإن كان دون مالك في التثبت والحفظ، إلا أنه رواه على وجه يوافق ما رواه مالك ن ولو تفرد مالك بالوجه الأول لرجح لتقدمه في الحفظ والتثبت، والله أعلم.

وأما الحديث الثاني:الذي رده السقاف المبتدع فهو حديث ابن مسعود ? الذي أخبر في عن النبي عليه السلام، عن آخر رجل يدخل الجنة، وضحكه عليه السلام، فقيل: مم تضحك؟ فقال: من ضحك رب العالمين حين قال: أتستهزئ مني. قال السقاف (ص: 178): (وهي عندنا لا تثبت لأن راويها ((حماد بن سلمة))، ضعفه مشهور وإن كان من رجال مسلم، وقد تحايده البخاري كما في ((الميزان)) وقد صح حديثه هذا في مسلم دون الزيادة التي ذكرناها هنا لمتابعة غيره له في الحديثين اللذين قبله في مسلم، لاسيما والرواة قد اختلفوا في هذا اللفظ أو شكوا هل قال: أتسخر بي أو أتضحك بي كما في مسلم).

قلت: حماد بن سلمة ثقة رضي حافظ، كما مر بيانه وذكره وهو حافظ مقدم في روايته عن ثابت البناني، وهذا الحديث عند مسلم من روايته عن ثابت، عن أنس، عن ابن مسعود. قال ابن المديني – رحمه الله -: ((لم يكن في أصحاب ثابت أثبت من حماد بن سلمة)). ومثله عن الإمام أحمد. وقال ابن معين: ((من خالف حماد بن سلمه في ثابت فالقول قول حماد)). فحديثه هذا حجة، وقد احتج البخاري بروايته عن ثابت كما مر ذكره وتحقيقه، خلافاً لما زعمه السقاف. وأما دعوى المخالفة التي ادعاها السقاف فواهية لأن الخبر الثاني الذي أعل به السقاف هذا الحديث من طريق آخر، عن جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن ابن مسعود. وشك الراوي في اللفظ قد يكون سبباً في إعلال هذا الحرف إذا كان قد تفرد به على الشك، أما إذا تابعه ثقة أحد اللفظين، فهذا يدل دلالة قوية على ثبوت اللفظ المتابع عليه.

وبعد:فهذه طريقة أهل الزيغ والضلال في هدم الدين برد الأحاديث الثابتة، والطعن في أحاديث الصحيحين، مع أنه يكُثر من تأليب الناس على الشيخ الألباني بدعوى أنه يضعف بعض أحاديث الصحيحين.

وأما ما ادعاه السقاف من نسبة التأويل إلى الإمام البخاري – رحمه الله – وأنه أول الضحك بالرحمة فغير صحيح. قال السقاف (ص:179): (قال البيهقي هناك – (أي في الأسماء والصفات) -: روى الفربرى عن محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالى أنه قال: معنى الضحك في الحديث الرحمة).

قلت: هذا ليس بدليل كاف على إثبات التأويل على الإمام البخاري فأين إسناده إلى الفربرى، وأين هو من الصحيح، فالفربرى من رواة الصحيح. ولقد استحضر ابن حجر – وهو منسوب إلى الأشعرية - عدم صحة نسبة هذا القول إلى الإمام البخاري، فقال: في ((الفتح)) (8/ 513): ((لم أر ذلك في النسخ النسخ التي وقعت لنا من البخاري)). وابن حجر معتبر عند هذا السخاف، فكيف لم يعرج على قوله هذا، ويأخذ به كعادته فيما وافق مذهبه؟!!


الجزء الثلاثون
مراوغة السقاف في الإحتجاج بأحاديث الآحاد

ليرد أحاديث الصفات التى توافق معتقدة

وقد سلك السقاف مسلك أهل البدع المعروفين به لرد أحاديث الصفات التي لا توافق معتقداتهم الباطلة، وذلك عن طريق الطعن في هذه الأحاديث بأنها أحاديث آحاد، وهي – كما يدعون – ظنية الثبوت، ويجل الله سبحانه عن أن تثبت له صفة من الصفات بخبر ظني!!.

? وهذه الطريقة كما قال أبو المظفر السمعاني: ((رأس شعب المبتدعة في رد الأخبار)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير