? وإليك الجواب عن كل خبر من هذه الأخبار. قال السقاف (ص: 33) من مقدمة ((دفع شبه التشبيه)): تحت عنوان: ((رد الصحابة بعض أحاديث الآحاد الثابتة واستيثاقهم منها أحياناً أخرى)). (رد السيدة عائشة – رضي الله عنها وأرضاها – على سيدنا عمر – رضوان الله عليه – في حديث ((تعذيب الميت ببكاء أهله))). وقال (ص: 34): (ردت السيدة عائشة على من قال أو روى أن سيدنا محمد ? رأى ربه، وهو ابن عباس – ? - وغيره). وقال (ص: 35): (وردت السيدة عائشة ? على من قال: ((بال رسول الله ? قائماً))). وذكر عدة أخبار مثلها.
? قلت: هذا لا يفيد بحال من الأحوال أم مارواه غيرها عن النبي ? ظني الثبوت عندها، وإن ما رأته منه يقيني، وإنما ردت ما ردت لسبب من الأسباب التالية:
أحدها: أن يكون ما سمعه الصحابي من النبي ? يقتضي العموم، فيحدث به على هذا الوجه، فيفيد حكماً شرعياً، يخالفه ما سمعته هي عن النبي ? مما يفيد الخصوص كما في استدراكها على عمر بن الخطاب ?.
ثانيها: أن يخبر أحد الصحابة بخلاف هديه الظاهر لها، ويكون هذا الهدي مما اطلعت عليه هي بخلاف ماروى هذا الصحابي، كما في ردها على من حدث بأن النبي ? بال قائماً.
ثالثهما: أن يخبر أحد الصحابة بحال من أحوال النبي ? مما لم تطلع عليه هي رضي الله عنها – فتسدل عليه بعموم القرآن، كما ورد في إثبات ابن عباس لرؤية النبي ? لربه، ونفيها هي ذلك.
وهذا كله لا يثبت بحال من الأحوال أن أقوال الصحابة عندها ظنية الثبوت ولو كان كذلك لكانت أقوالها ظنية عند الصحابة، ولردوا سنناً كثيرة لم يروها عن النبي ? غيرها، سواء في العقائد أو في الأحكام.
ثم قال السقاف تعضيداً لكلامه الواهي المتقدم (ص: 37) تحت عنوان: ((خبر الواحد يفيد الظن ولا يفيد العلم عند سيدنا أبي بكر الصديق ?)): (قال الحافظ الذهبي في ((تذكرة الحافظ)) (1/ 2):
وكان أبو بكرأول من أحتاط في قبول الأخبار فروى ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن الجدة جاءت إلى أبي بكر تلتمس أن تورث، فقال: ما أجد لك في كتاب الله شيئاً، وما علمت أن رسول الله ? ذكر لك شيئاً، ثم سأل الناس، فقال المغيرة، فقال: حضرت رسول الله ? يعطيها السدس، فقال له: هل معك أحد؟! فشهد محمد بن مسلمة بمثل ذلك، فأنفذه أبو بكر ?).
ثم قال السقاف في الحاشية عقب تخريج الحديث.
(وهو صحيح).
قلت: كذا قال، وهو إما جهل بهذا العلم، أو تجاهل وتدليس، فإن هذا السند ضعيف لأنقطاعه، فإ، قبيصة لا يصح سماعه من أبي بكر، وكذا يستبعد أن يكون قد أدرك هذه الواقعة.
وقد استظهر الحافظ هذه العلة، فقال:
((إسناده صحيح لثقة رجاله، وإلا أن صورته المرسل، فإن قبيصة لا يصح سماعه من الصديق، ولا يمكن شهوده القصة، قاله ابن عبدالبر، وقد أعله عبدالحق تبعاً لأبن حزم بالإنقطاع)).
فهذا الخبر لا يدل على ماذكر لضعفه، ولو صح فإنه لا يفيد الظن عنده وإنما هو من باب التثبت، ولا يستطيع أحد أن يجزم برد الصديق لهذه السنة لو تفرد بروايتها المغيرة، ولم يتابعه عليها أحد من الصحابة، وكما يكثر السقاف من القول:
((متى طرأ الاحتمال سقط الاستدلال)).
ثم، لو صح هذا الخبر، فهل رواية الاثنين التواتر وتحقه كما أدعي هذا السخاف؟!!.
وكذلك، فهذه الأخبار واردة في الأحكام، وليست في العقائد، فهذا يلزم منه أيضاً أن لا نتعبد الله تعالى بشيء من الأخبار الآحاد، وإنما يلزم أن نتعبده بالمتواتر، فإن قال: نعم، فقد خالف إجماع الأمة وخالف نفسه، وإن قال: لا، ردت عليه حجته، وألزم بها.
ثم قال السقاف (ص: 38) تحت عنوان: ((خبر الواحد يفيد الظن دون العلم عند سيدنا عمر ? أيضاً)):
ثم ذكر ما رواه مسلم من واقعته مع ابي موسى الأشعري في الانصراف إذا لم يؤذن له في الثالثة، وما رواه أبو موسى في ذلك عن النبي ?،وكيف توعده عمر إذا لم يأت بمن يعضده ممن سمع نفس الحديث من الصحابة.
وليس في هذا غلا التثبت، لأن عمر – ? - قد وقع معه خلاف ما سمع، فأراد أن يرجع الصواب بالكثرة لتساوي المتعارضين في العدد.
قال الترمذي عقب إخراج هذا الحديث في ((الجامع)) (5/ 54):
¥