تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم دعواه تلك أن الترمذي متساهل فيها نظر كبير، ولن أتكلف الرد عليه في ذلك، بل سوف أحيله على كتاب شيخه عبدالله الصديق الغماري الموسوم بـ: ((الرد المحكم المتين على كتاب القول المبين)) (ص: 176 – 181)، ففيه بحث مفحم للسقاف في الرد على من يقول:إن الترمذي لا يعول على تصحيحه، وأنه من الموصوفين بالتساهل. ولكتاب شيخه هذا قصة طريفة معي يأتي ذكرها إن شاء الله في الجزء الثالث من هذا الكتاب، وهو الرد على التناقضات. فالحديث أخي القارئ صحيح ثابت إن شاء الله تعالى، فالحمد لله على السنة وعلى الأتباع، ونعوذ به من البدعة والابتداع.


الجزء الرابع والثلاثون
إثبات صفة الساق وصفة اليدين للرب تبارك وتعالى والرد على السقاف في نفيهما عنه

هاتان الصفتان لم تسلما من تعطيل السقاف أيضاً بتأويلهما تارة، ونفيهما على الحقيقة تارة أخرى، مع ورود النصوص الشرعية من الكتاب والسنة بإثباتهما على الوجه الذي يليق بالله تبارك و تعالى. وقد قال تعالى في محكم التنزيل: {يوم سكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون} {القلم: 42}.

? وقد مر معنا أن ما نسبه السقاف من تأويل هذه الآية إلى الصحابة وجماعة من السلف لا يصح عنهم كما بيناه بالسانيد والأدلة الدامغة. وورد في تفسير هذه الأية ما أخرجه البخاري (قتح: 8/ 531) من طريق سعيد بن ابي هلال، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد ? قال: سمعت رسول الله ? يقول: ((يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رئاء وسمعة ….)). وأما ذلك السقاف، فحكم على لفظه: ((ساقه)) بالشذوذ، وقوى القول بالتأويل والصرف عن الظاهر، فقال (ص: 118) حاشية (46) تعليقاً على ما نقله ابن الجوزي من التأويل المنسوب إلى بعض السلف للآية السابقة: (وقد ثبت ذلك عن ابن عباس بثلاثة أسانيد صحيحة، أنظر فتح الباري (13/ 428)، ومسند أحمد (3/ 17) فهكذا أول هذه الاية الصحابة والسلف. وأما الحديث الذي وردت فيه لفظة (ساقه) فقد قال الحفاظ في شرحه أن لفظة (ساقه) غير محفوظه، والمحفوظ لفظة (ساق) الموافقة للآية القرآنية، وأما لفظة (ساق) فتسوق إلى التجسيم، هذا معنى كلام الحافظ في ((الفتح)) ولذا نقطع أن هذه اللفظة لم يقلها ?، ومتى طرأ الاحتمال سقط الاستدلال، وقد أفاد غالب ما ذكرته هنا الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ونقله عن الحافظ افسماعيلي، فليراجع).

? قلت: وللجواب عن هذه الترهات المذكورة، نورد كلام الحافظ في ((الفتح)) تعليقاً على الحديث السابق (8/ 532): ((ووقع في هذا الموضع: (يكشف ربنا عن ساقه) وهو من رواية سعيد بن أبي هلال، عن زيد بن أسلم، فأخرجها الإسماعيلي كذلك، ثم قال: في قوله (عن ساقه) نكرة، ثم أخرجه من طريق: حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، بلفظ: (يكشف عن ساق)، قال الإسماعيلي: هذه أصح لموافقتها لفظ القرآن في الجملة، لا يظن أن الله ذو أعضاء وجوارح لما في ذلك من مشابهة المخلوقين، تعالى الله عن ذلك ليس كمثله شيء))

فهذا الكلام يدلنا على أن الإسماعيلي قد رجح الرواية دون الهاء الزائدة، وهي: (يكشف عن ساق)، لموافقتها للقرآن، ولكن هذا ليس معناه أنه قد نفي هذه الصفة عن الرب جل وعلا، والأقرب أن الجملة الأخيرة من كلام ابن حجر نفسه، فإن الإسماعيلي معروف بافثبات، وقد أثبت اليد وغيرها مما ينفيه أهل التاويل من صفات الرب كما في اعتقاده، الذي ذكر الذهبي جملة منه في ((السير)) (16/ 295).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير