{يوم يكشف عن ساق} يوم ظرف لقوله فليأتوا: أي فليأتوا بها يوم يكشف عن ساق ويجوز أن يكون ظرفا لفعل مقدر: أي اذكر يوم يكشف قال الواحدي: قال المفسرون في قوله: {عن ساق} عن شدة من الأمر قال ابن قتيبة: أصل هذا أن الرجل إذا وقع في أمر عظيم يحتاج إلى الجد فيه شمر عن ساقه فيستعار الكشف عن الساق في موضع الشدة وأنشد لدريد بن الصمة:
(كميش الإزار خارج نصف ساقه ... صبورا على الجلاء طلاع أنجد)
وقال: وتأويل الآية يوم يشتد الأمر كما يشتد ما يحتاج فيه إلى أن يكشف عن ساق قال أبو عبيدة: إذا اشتد الحرب والأمر قيل كشف الأمر عن ساقه والأصل فيه من وقع في شيء يحتاج فيه إلى الجد شمر عن ساقه فاستعير الساق والكشف عن موضع الشدة وهكذا قال غيره من أهل اللغة وقد استعملت ذلك العرب في أشعارها ومن ذلك قول الشاعر:
(أخو الحرب إن عضت به الحرب عضها ... وإن شمرت عن ساقها الحرب شمرا)
وقول الآخر:
(والخيل تعدو عند وقت الاشراق ... وقامت الحرب بنا على ساق)
وقول آخر أيضا:
(قد كشفت عن ساقها فشدوا ... وجدت الحرب بكم فجدوا)
وقول آخر أيضا في سنة:
(قد كشفت عن ساقها حمرا ... ء تبري اللحم عن عراقها)
وقيل ساق الشيء: أصله وقوامه كساق الشجرة وساق الإنسان: أي يوم يكشف عن ساق الأمر فتظهر حقائقه وقيل يكشف عن ساق جهنم وقيل عن ساق العرش وقيل هو عبارة عن القرب وقيل يكشف الرب سبحانه عن نوره وسيأتي في آخر البحث ما هو الحق وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل قرأ الجمهور {يكشف} بالتحية مبنيا للمفعول وقرأ ابن مسعود وابن عباس وابن أبي عبلة تكشف بالفوقية مبنيا للفاعل: أي الشدة أو الساعة وقرئ بالفوقية مبنيا للمفعول وقرئ بالنون وقرئ بالفوقية المضمومة وكسر الشين من أكشف الأمر: أي دخل في الكشف.
رحم الله الإمام الشوكاني , و لهذا الكلام تتمة فقد أثبت رحمه الله في آخر بحثه هذا صفة الساق لله تعالى فقال:
(وقد أخرج البخاري، وغيره عن أبي سعيد قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً " وهذا الحديث ثابت من طرق في الصحيحين وغيرهما، وله ألفاظ في بعضها طول، وهو حديث مشهور معروف. وأخرج ابن منده عن أبي هريرة في الآية قال: يكشف الله عزّ وجلّ عن ساقه. وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن منده عن ابن مسعود في الآية قال: يكشف عن ساقه تبارك وتعالى. وأخرج أبو يعلى، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء، والصفات، وضعفه، وابن عساكر عن أبي موسى عن النبيّ في الآية قال:
«عن نور عظيم، فيخرّون له سجداً» وأخرج الفريابي، وسعيد بن منصور، وابن منده، والبيهقي عن إبراهيم النخعي عن ابن عباس في الآية قال: يكشف عن أمر عظيم، ثم قال: قد قامت الحرب على ساق. قال: وقال ابن مسعود: يكشف عن ساقه فيسجد كلّ مؤمن، ويقسو ظهر الكافر فيصير عظماً واحداً. وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس أنه سئل عن قوله: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ} قال: إذا خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب، أما سمعتم قول الشاعر:
وقامت الحرب بنا على ساق ... قال ابن عباس: هذا يوم كرب شديد. روي عنه نحو هذا من طرق أخرى، وقد أغنانا الله سبحانه في تفسير هذه الآية بما صح عن رسول الله، كما عرفت، وذلك لا يستلزم تجسيماً ولا تشبيهاً، فليس كمثله شيء.
دعوا كل قول عند قول محمد ... فما آمن في دينه كمخاطر) اهـ
ـ[المقدادي]ــــــــ[19 - 06 - 08, 07:06 م]ـ
و قال السيوطي ـ رحمه الله ـ في الدر المنثور: (أخرج ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال: قال الرسول صلى الله عليه و آله و سلم يوم يكشف عن ساق قال يكشف الله عز وجل عن ساقه) ([1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=843549&posted=1#_ftn1))
([1]) الدر المنثور في التفسير بالمأثور ـ الإمام السيوطي ـ دار المعرفة
و هذا كلام الإمام الحافظ الكبير أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن يحيى بن مندة في كتابه الرد على الجهمية:
¥