تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم قال معلقاً على حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((انطلق بهما وبشّر من لقيت وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلاّ الله مستيقناً بها قلبه فبشّره بالجنّة)): ((وشيءٌ آخر: وهو أنّ حمل الحديث على أنّ الشّهادتين لا تنفع إلاّ بعمل يفقد الحديث أهمّيّته))

التعليق:

لاحظ هو الآن يتكلم عن حديث فيه ((يشهد أن لا إله إلاّ الله)) وليس فيه ((وأن محمداً رسول الله)) فلم لم يجره على ظاهره المحض؟ فإن قال: كلمة التوحيد إذا أفردت يفهم منها الشهادتان وهذا ديدن السلف، قلنا له هذا صحيح وكذلك إذا ورد في الحديث: (صادقاً من قلبه) أو (موقناً بها قلبه) أو (إلا بحقها) فهموا منه العمل القلبي والبدني، أما قرأت حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه في مانعي الزكاة وكيف جعل الزكاة وهي عمل بدني من أعمال الجوارح من حقها؟!

المسألة السادسة عشر:

ثم قال تعقيباً على الحديث نفسه: ((إنّ للشّهادتين ميزةٌ خاصّة، وهي أنّها سبب لدخول الجنّة ولو بعد حين على أيّ حال كان عليه الإنسان مادام لم ينقض معناها))

التعليق:

أولاً: من أين لك بالشهادتين وليس في الحديث إلا شهادة واحدة؟

ثانياً: من أين لك أن الشهادة سبب في دخول الجنة ما لم ينقض معناها وليس في الحديث ذكر شئ من ذلك؟ فأين جريان الحديث على الظاهر المحض؟

ثالثاً: مخالفك يرى أن ترك جميع أعمال الجوارح من نواقض معنى الشهادة فما أنت قائل؟

المسألة السابعة عشر:

ثم طنطن كثيراً حول حديث: ((لم يعمل خيراً قط))

التعليق:

كنت قد رددت عليه قبل مدة برد موجز أعيده هنا للفائدة، فأقول: توجيه الأحاديث التي فيها: (لم يعمل خيراً قط)

الوجه الأول: التمسك بعموم هذه اللفظة يلزم منه عدم تكفير تارك جنس عمل القلوب. لأن كلاهما يطلق عليه عمل فهذا عمل القلب وهذا عمل الجوارح. فإن قيل جنس عمل القلب موجود في الحديث وهو الخشية من الله، قيل وجنس عمل الجوارح موجود كذلك وهو ذكره لله.

الوجه الثاني: أنه يصح في اللغة والشرع إطلاق لفظ لم يعمل خيراً أو شيئاً بصيغة النكرة في سياق النفي ولا يعنون به النفي بالكلية، قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الإيمان (ص 41): ((000 فإن قال قائل: كيف يجوز أن يقال: ليس بمؤمن، واسم الإيمان غير زائل عنه؟ قيل: هذا كلام العرب المستفيض عندنا غير المتستنكر في إزالة العمل عن عامله إذا عمله على غير حقيقة، ألا ترى أنهم يقولون للصانع إذا كان ليس بمحكم لعمله: ما صنعت شيئاً ولا عملت عملاً، وإنما وقع معناه هاهنا على نفي التجويد لا على الصنعة نفسها، فهو عندهم عامل بالاسم، وغير عامل في الاتقان، حتى تكلموا به فيما هو أكثر من هذا .... وقد وجدنا مع هذا شواهد لقولنا من التنزيل والسنة)). وقال ابن خزيمة في كتاب التوحيد (2/ 732): ((هذه اللفظة (لم يعملوا خيراً قط) من الجنس الذي يقوله العرب، ينفي الاسم عن الشيء لنقصه عن الكمال والتمام، فمعنى هذه اللفظة على هذا الأصل {لم يعملوا خيراً قط} على التمام والكمال لا على ما أوجب عليه وأمر به وقد بينت هذا المعنى في مواضع من كتبي)) أ. هـ. وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (7/ 27): ((لأن ما لم يتم ينفى كقوله للذي أساء في صلاته (صل فإنك لم تصل) فنفي الإيمان حيث نفي من هذا الباب)) أ. هـ.

الوجه الثالث: جاء في السنة إطلاق (لم يعمل خيراً قط) على من عمل بعض أعمال الجوارح، كما في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كان ممن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً ... ) الحديث وفيه: (فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط). فالمجيء المصحوب بالتوبة من أعمال الجوارح والقلوب ومع هذا قيل في حقه (لم يعمل خيراً قط) وأذكرك أخي القارئ بطريقته في عدم جمعه بين الأحاديث كطريقة الخوارج في تعاملهم مع أحاديث الخوف والوعيد.

المسألة الثامنة عشر:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير