تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم أورد حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وهو حديثٌ طويلٌ نسوق منه موضع الشّاهد، قال عليه الصّلاة والسّلام: (حتّى إذا خلص المؤمنون من النّار، 000 فيقبض قبضةً من النّار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط 000قال: فيخرجون كاللّؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنّة، هؤلاء عتقاء الله الّذين أدخلهم الجنّة بغير عمل عملوه ولاخير قدّموه) وهذا الحديث قمّةٌ ليس بعدها إلاّ انحدار، وحقٌّ ماوراءه إلاّ الباطل، فانظر إلى هذه الصّورة المشرقة لرحمة الله تعالى، وإلى التّدرّج في إخراج العصاة من النّار ابتداءً بأهل العمل الظّاهر من صلاة وصوم وحج حتّى من ليس معهم إلاّ كلمة التّوحيد دون عملٍ عملوه.

التعليق:

أولاً: هذا المنحدر الذي زعم هو الذي سلكه علماؤنا الأجلاء وعلى رأسهم ابن باز رحمه الله. وهذا الذي سماه الزهراني باطلاً هو ما يقولون به وهو يعلم ذلك يقيناً. فتفكر في جرأته على العلماء –ومن رأى مني قسوة عليه في الرد فليتذكر قسوته عليهم وإن لم يسمهم-. ثانياً: من أين لك يا زهراني أن ليس معهم إلا كلمة التوحيد وليس في الحديث ذكر لها البتة، ثم أليست هي من العمل الظاهر، أليست هي تلفظ بالشهادة أم هي تصديق قلبي فقط، فإن قلت بل هي من عمل الظاهر فلماذا لم تدرجها مع قولك: من صلاة وصوم وحج 000لِمَ لَمْ تقل وتلفظٍ بالشهادة؟ وإن قلت بل هي تصديق قلبي-ولا اخالك- فقد وقعت فيما وقعت فيه الجهمية.

ثالثاً: ثم كيف تجمع بين قولك أن معهم كلمة التوحيد وبين قوله في الحديث: (ولا خير قدموه) وهل هناك قول أو عمل هو أخير من كلمة التوحيد؟! بل هي الخير كله، فكيف يقال عمن قال كلمة التوحيد أنه لم يقدم خيراً؟! أم أن للحديث معنى غير الذي فهمته؟ راجع: المسألة السابقة.

المسألة التاسعة عشر:

أورد حديث: (وعزّتي وكبريائي وعظمتي وجبريائي لأخرجنّ من قال لاإله إلاّ الله) فلو كان مع هؤلاء شيء من أعمال الجوارح لذكره النّبيّ صلى الله عليه وسلم ولأخرجه مع من قبله ولكنّه صريحٌ أنّه إنّما استأذن ربّه تعالى في قومٍ لم يجد معهم إلاّ كلمة التّوحيد وأنعم بها.

التعليق:

مرة أخرى ما رأي الزهراني لو قال قائل: لو كان مع هؤلاء شهادة أن محمداً رسول الله لذكره النّبيّ صلى الله عليه وسلم.؟! وما رأي الزهراني لو استشهد الخارجي بحديث ظاهره الخلود في النار لمرتكب المعصية وقال لو كان هذا ينجيه لذكره النبي صلى الله عليه وسلم. لكنا نقول له وللخارجي ما هكذا يا سعد تورد الإبل، والأحاديث تُجمع ويوفق بينها ولا تضرب ببعضها.

المسألة العشرون:

ثم قال –وليته ما قال-: ((وقبلاً أريد بيان أمر هام: وهو أنّ ثقل الأعمال يوم القيامة في الميزان ليس بكثرتها، بل بما يقوم بقلب فاعلها من الأعمال القلبيّة الّتي تزيد في وزن العمل أو تنقصه سلباً أو إيجاباً. فالحسنات يثقلها في الميزان ما يقوم بقلب فاعلها من يقيٍن وإخلاصٍ ورجاءٍ وخوفٍ واتّباعٍ للسّنّة، وكلّما زاد الإخلاص واليقين زاد ثقل العمل في الميزان وكلّما نقصا خفّ وزن العمل في الميزان. وكذلك السّيّئات، فإنّ ثقلها في الميزان وخفّتها راجعٌ إلى ما قام بقلب فاعلها يوم فعلها: فالاستخفاف والتّهاون والإصرار وعدم تحديث النّفس بالخوف من الله والاستغفار والتّوبة، كلّ هذه أمور تزيد من ثقل الذّنب في الميزان))

التعليق:

هذا سرُّ وقوعه فيما وقعت فيه المرجئة، فأهل السنة والجماعة يقولون الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، وهذه الزيادة والنقصان في الإيمان ليس على ما يقوم بقلب الفاعل فحسب بل بحسب زيادة هذه الطاعات والمعاصي، فمن تزكى لا كمن تزكى وذكر اسم ربه وصلى، ومن زنا مرة لا كمن زنا مرتين، ومن زنا فقط لا كمن زنا وشرب الخمر، وهكذاكلما زادت أعمال الجوارح زاد الإيمان أو نقص بحسب كونها طاعات أو معاصٍ. كما أنه كلما زادت أعمال القلوب زاد الإيمان أو نقص بحسب كونها إخلاص ويقين 000أو استخفاف وتهاون. فتأمل هذا جيداً فإنه مهم جداً، فإذا تبين لك هذا علمت وجه خطئه في قوله: ((ثقل الأعمال يوم القيامة في الميزان ليس بكثرتها، بل بما يقوم بقلب فاعلها من الأعمال القلبيّة)) ومشابهته لاستهانة المرجئة بعمل الجوارح وصدق فيهم قول سفيان الثوري -رحمه الله-: ((تركت المرجئة الإسلام أرق من ثوب سابري)) وهي الثياب الرقيقة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير