تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والناظم بدأ إثبات صفة اليد بالرد على الجهمية , والجهمية أساس الشر ورأس البلاء في تعطيل الصفات , ولذا فكل معطل جهمي , وكل معطل شيخه الأول الجهم بن صفوان , لأنهم ورثوا منه تركة التعطيل ولكنهم في أخذهم عنه يتفاوتون , فبعضهم أخذ منه بحظ وافر و وبعضهم أخذ منه دون ذلك.

وغدا إن شاء الله سأقوم بسرد شرح الأبيات

ـ[العوضي]ــــــــ[15 - 05 - 03, 03:59 م]ـ

(وقد ينكر الجهمي) أي يجحد السائر على منهج الجهم والمتأثر بشبهه، و (قد) هنا للتأكيد والتحقيق.

(أيضا) أي مع إنكاره للصفات الأخرى.

(يمينه) أي ثبوت اليمين واليد لله تعالى. وهنا سؤال: كيف أنكر الجهمية اليمين واليد لله مع أن اليد ثابتة في القران والسنة بمئات النصوص، ووصفت بصفات كثيرة لا تجعل من يقرأ تلك الأدلة يتردد في إثباتها لله، بل قد وصفت اليد بصفات تصل إلى مائة صفة، مثل الطي والقبض والبسط والأخذ و الإعطاء وغير ذلك من الصفات، كلها تؤكد إثبات هذه الصفة لله حقيقة على الوجه اللائق به.

و إذا كان الأمر كذلك، فكيف غرس الجهم في نفوس من تأثر به عدم إثبات اليد لله؟ وقبل مقالة الجهم كان كل من يقرأ آيات الصفات في القران لا يفهم منها إلا الصفات الحقيقية اللائقة بالله، ويعلم ذلك بالنظر إلى العوام الذين لم يتلقوا بجهمي أو أي متكلم، فإذا تليت عليهم آية في الصفات لا يفهمون منها إلا الصفة الحقيقية.

فدبر الجهم خطة وبدا بتعقيد القواعد الكليات لجحد الصفات، فهو لا يستطيع أن يأتي إلى الناس رأسا ويقول لهم: ليس لله يد، فجاء بألفاظ مجملة ونزه الله عنها، وجعل تنزيه الله عنها أصولا كلية عند هؤلاء، ثم توصل إلى إنكار الصفات من خلال ذلك، حيث جاء بلفظ الجسم والحيز والجهة، فقال مثلا: هل الله جسم؟ فاحذ يقرر أن الله ليس بجسم ولا يوصف بالجسمية، فلما قرر ذلك ومكنه من نفوسهم اخذ يقرر فيهم ما يريد فقال: لو أثبتنا لله اليد أثبتنا له الجسمية ولو أثبتنا له الجسمية شبهناه بخلقه ومن ثم غرس فيهم تعطي الصفات.

ولكن واجهته مشكلة وهي النصوص الكثيرة من الكتاب والسنة التي تصادم تقريره، فدلهم على التحريف، وبهذا توصل الجهم إلى تقرير إنكار صفات الله لدى من استهوتهم شبهته واستفزهم ضلاله و باطله من ذوي الجهل وقلة البصيرة بالدين.

(اليمين) صفة ثابتة لله، فالله له يدان حقيقيتان، وفي رواية لمسلم إثبات يدين لله: يمين وشمال، ومن أهل العلم من صوب أن لفظ الشمال لم يثبت و إنما الثابت (الأخرى) بدل الشمال، وعلى كل فهذه الرواية ليست معارضة لقوله صلى الله عليه وسلم (وكلتا يدي ربي يمين) (1) لان أهل العلم وضحوا أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم (وكلتا يدي ربي يمين) نفي توهم النقص؛ لأنه قد تبادر إلى بعض الأذهان أن الشمال أو الأخرى انقص من اليمين.

و اليمين ثابتة لله في القران والسنة، قال تعالى (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الزمر67)، وفي هذه الآية رد بين على المعطلة الذين قالوا إن إثبات اليد لله يلزم منه تشبيه الله بالخلق. فيقال لهم: كيف يفهم عاقل تأمل هذه الآية انه يلزم من إثبات اليد لله حقيقة تشبيه الله بالمخلوق وقد وصف يده سبحانه بهذه العظمة والكمال.

ويرد عليهم بأنه لا يلزم من اتفاق الشيئين في الاسم أن يتفقا في الحقيقة و المسمى، هذا بين المخلوق والمخلوق، فكيف بين الخالق والمخلوق؟

(وكلتا يديه) وفيه إثبات اليدين لله حقيقة على الوجه اللائق به، وهذا التنصيص بأن له يدين جاء في القران والسنة، قال تعالى (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ... ) (المائدة 64).

وفي الحديث (يمين الله ملآى لا يغيظها نفقة سحاء الليل والنهار، أ رأيتم ما انفق منذ خلق السماوات والأرض، فانه لم يغض ما في يمينه وعرشه على الماء وبيده الأخرى القسط يرفع ويخفض). رواه البخاري ومسلم (2).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير