قال ابن أبي العز الحنفي - رحمه الله - في شرحه الطحاوي: " وطريق أهل السنة أن لا يعدلون عن النص الصحيح، ولا يعارضوه بمعقول، ولا قول فلان، كما أشار إليه الشيخ - رحمه الله: " سمعت الحميدي يقول: كنا عند الشافعي - رحمه الله - فأتاه رجل فسأله عن مسألة، فقال: قضى الله رسول ألله ? كذا وكذا، فقال رجل للشافعي: ما تقول أنت؟! فقال: سبحان الله أتراني في كنيسة أتراني في بيعة أتراني على وسطي زنار؟! أقول لك: قضى رسول الله ? وأنت تقول ما تقول أنت؟! ونظائر ذلك في كلام السلف كثير قال الله - تعالى -: ? وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً ? [سورة الأحزاب: 36] , وقال شيخ الإسلام - رحمه الله -: " ثم من طريقة أهل السنة والجماعة: إتباع آثار رسول الله ? باطناً وظاهراً، وإتباع سبيل السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وإتباع وصية رسول ? حيث قال: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)) () , ويعلمون أن أصدق الكلام كلام الله - تعالى -، وخير الهدي هدي محمد ? ويؤثرون كلام الله على غيره من كلام أصناف الناس، ويقدمون هدي محمد ? على هدي كل أحد، وبهذا سموا: أهل الكتاب والسنة، وسمو أهل الجماعة، لأن الجماعة هي الاجتماع وضدها الفرقة، وإن كان لفظ الجماعة قد صار اسماً لنفس القوم المجتمعين، والإجماع هو الأصل الثالث الذي يعتمد عليه في العلم والدين؛ وهم يزنون بهذه الأصول الثلاثة جميع ما عليه الناس من أقوال وأعمال باطنه أو ظاهرة مما تعلق بالدين" ().
وقال الإمام الصابوني - رحمه الله -: " ويتحابون في الدين ويتباغضون فيه، ويتقون الجدل في الله والخصومات فيه، ويجانبون أهل البدع والضلال، ويعادون أصحاب الأهواء والجهالات ويقتدون بالنبي ? وبأصحابه الذين هم كالنجوم بأيهم اقتدوا اهتدوا، كما قال النبي ? بقوله فيهم () , ويقتدون بالسلف الصالحين من أئمة الدين وعلماء المسلمين، ويتمسكون بما كانوا به متمسكين، من الدين المتين والحق المبين" ().
ومن علامات أهل السنة لا يعرفون اسم ينتسبون إليه غير الإسلام والسنة كما قال ابن قدامه المقدسي - رحمه الله -: " وكل متسم يغير الإسلام والسنة مبتدع" () , وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد - حفظه الله -: " أهل الإسلام ليس لهم سمة سوى الإسلام والسلام" ().
ومن علاماتهم أنهم غرباء فعن عمر بن عوف بن زيد قال: قال رسول الله ?: ((إ ن هذا الدين بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبا للغرباء، قيل يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال: ((الذين يحيون سنتي من بعدي، ويعلمونها عباد الله)) ().
وهم وسط بين جميع الطوائف في الأسماء والصفات وفي باب القدر وفي مسائل الإيمان وفي أصحاب رسول الله ? وفي باب الوعد والوعيد وأفعال الله تعالى؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " فهم وسط في باب صفات الله - تبارك وتعالى - بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة، وهم وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية وغيرها, وفي باب وعيد الله بين المرجئة والوعيدية من القدرية, وفي باب أسماء الإيمان والدين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية؛ وفي أصحاب رسول الله ? بين الرافضة والخوارج" ().
وهم المتمسكون بدين الله التوابين عنه ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر فإن ذلك من النصيحة للأمة.
قال شيخ الإسلام: " ويأمرون بالصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء والرضا بمر القضاء ويدعون إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال، ويعتقدون معنى قوله ?: ((أكمل المؤمنين إيماناََ أحسنهم خلقاً)) () , ويندبون إلى أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك، ويأمرون ببر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن الجوار، والإحسان إلى اليتامى والمساكين وابن السبيل، والرفق بالمملوك، وينهون عن الفخر والخيلاء والبغي والاستطالة على الخلق بحق أو بغير حق، ويأمرون بالمعروف بمعالي الأخلاق، وينهون عن سفا سفها, وكل ما يقولونه أو يفعلونه من هذا وغيره، فإنما هم فيه متبعون للكتاب والسنة، وطريقتهم هي دين الإسلام الذي بعث الله به محمد ?، لكن لما أخبر النبي ?أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، وهي الجماعة وفي حديث عنه ? أنه قال: ((هم من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)) صحيح الجامع رقم (5343) صار المتمسكون بالإسلام المحض الخالص عن الشوب هم أهل السنة" ().
وقال الإمام الصابوني - رحمه الله -: " وأحدى علامات أهل السنة حبهم لأئمة السنة وعلمائها، وأنصارها وأوليائها، وبغضهم لأئمة البدع، الذين يدعون إلى النار ويدلون أصحابهم على دار البوار, وقد زين الله - سبحانه - قلوب أهل السنة ونورّها يحب علماء السنة، فضلاً منه جل جلاله ومنه" ().
فهذا ما تيسر جمعه من علامات لأهل السنة والجماعة, ونسأل الله تبارك وتعالى التوفيق والعون وأن يرزقنا السير على منهج النبي ? حتى نكون منهم, ونسأله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل, وأن يجنبنا الزلل في القول والعمل بمنه وكرمه, والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله الأطهار وصحابته الكرام وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
بقلم أبي عبد الله محمد بن عبد الله العبدلي
¥