تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولا يفوتني في المقام أن أنبه على ما تعالم به السقاف في تعليقه السابق ذكره، وحاول به أن ينقض من منزلة الشيخ الألباني – حفظه الله – من استدراكه – كذا زعم!! – وصفه لرواية حفص بن غياث بالنكارة، حيث قال (ص:193): (وقوله – المعلق على ((أقاويل الثقات)) – عن حديث النسائي: منكر بهذا الشياق غريب!! بل من القول، ويصح ذلك لو كان حفص ضعيفاً، وليس هو كذلك، ثم لانكارة في المتن ألبتة، فلو كان ادعاه الألباني، ومتابعة حقاً لكان شاذاً لا منكراً لقول أهل الحديث: وما يخالف ثقة به الملا فالشاذ والمقلوب قسمان تلا)

قلت:وهذا استدراك في غير محله، فقد سبقهما إلى وصف ما تفرد به حفص بن غياث بالنكارة الحافظ الجهبذ أبو عبدالله الذهبي، فقال في ((الموقظة)) (ص:77): ((وقد يسمى جماعة من الحفاظ الحديث الذي يتفرد به مثل هشيم وحفص بن غياث منكراً)).

قلت: وفي هذا الإطلاق نكتة لطيفة، وهي أن وصف حديثه بالنكارة لأنه اعتراه بعض الضعف الذي نزل به عن درجة الثقة الحافظ لحديثه المتثبت فيه، وإطلاق النكارة مختص بالضعيف لا بالثقة المتثبت، وابن غياث اعتراه ضعف بعد توليه القضاء. قال ابن رجب في ((شرح علل الترمذي)) (ص:297): ((وأما حفص ابن غياث فقد كان أحمد وغيره يتكلمون في حديثه لأن حفظه كان فيه شيء)).

وقد حاول السقاف أن يقوي استدلاله بالحديث السابق، فاستشهد له بشاهد عن عثمان بن أبي العاص ? مرفوعاً: ((تفتح أبواب السماء نصف الليل، فينادي مناد، هل من داع فيستجاب له، هل من سائل فيعطى، هل من مكروب فيفرج عنه، فلا يبقى مسلم يدعو بدعوة إلا استجاب الله عز وجل له، إلا زانية تسعى بفرجها، أو عشاراً)). قال السقاف بعد أن عزاه إلى الإمام أحمد (4/ 22و217)، والبزار (4/ 44كشف الأستار)، والطبراني (9/ 51): (وهو صحيح الإسناد، وانظر مجمع الزوائد (10/ 209)، وفيه: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح). وقد نقل هناك تصحيح الألباني لهذا الحديث. والحق أن هذا الحديث: معلول. كما سوف يأتي بيانه قريباً إن شاء الله تعالى.


الجزء السابع عشر
فصل في:ذكر علة خبر عثمان بن أبي العاص

ورد هذا الحديث من طريقين عن عثمان بن أبي العاص:

الأول: من رواية على بن زيد بن جدعان، عن الحسن، عن عثمان باللفظ المذكور. أخرجه أحمد (4/ 22و217)، والبزار (4/ 44:كشف).وهذا الإسناد معلول بعلتين:

? الأولى: ضعف علي بن زيد بن خدعان.
? والثانية: الانقطاع، فالحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص كما في ترجمته من ((تهذيب التهذيب)) (2/ 231)

والثاني: من رواية هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عثمان بن أبي العاص به. أخرجه الطبراني في ((الكبير)) (9/ 51): حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، حدثنا عبد الرحمن بن سلام الجمحى، حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن هشام بن حسان به.

قلت: وقد اختلف في هذا الإسناد على داود بن عبد الرحمن. فأخرجه البيهقي في ((الشعب)) (7/ 418/3555)، وفي ((فضائل الأوقات)) (25) من طريق: جامع بن الصبيح الرملي، حدثنا مرحوم بن عبد العزيز عن داود بن عبد الرحمن، عن بن حسان، عن الحسن، عن عثمان مرفوعاً بلفظ: ((إذا كان ليلة النصف من شعبان، نادى مناد، هل من مستغفر فأغفر له، هل من سائل فأعطيه، فلا يسأل الله عز وجل أحد شيئاً إلا أعطاه إلا زانية بفرجها أو مشرك)).
وجامع بن صبيح هذا ترجمه ابن أبي حاتم في ((الجرح والتعديل)) (2/ 1/530) وسكت عنه، وضعفه لأزدى كما في ((لسان الميزان)) (2/ 93).
ولكن تابعه على هذه الرواية راو ثقة وهو محمد بن بكار بن الزبير، فرواه عن مرحوم به.
أخرجه الخرائطي في ((مساوئ الأخلاق)) (رقم:490): حدثنا عبدالله بن أحمد بن إبراهيم الدورقى، حدثنا محمد بن بكار، عن مرحوم به.

قلت: وهذا سند صحيح إلى مرحوم بن عبد العزيز. ومرحوم بن عبد العزيز أثبت من مخالفة داود بن عبد الرحمن. فالأول: وثقة أحمد، وابن معين، والنسائي، والبزار، ويعقوب بن سفيان، وابو نعيم، وذكره ابن حبان في الثقات، وأخرج له الستة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير