وقال تعالى: {وإن الله لمع المؤمنين}.
قال تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا}، أي أن انتفاء السبيل عن أهل الإيمان الكامل فإذا ضعف الإيمان صار لعدوهم عليهم من السبيل بحسب ما نقص من إيمانهم، فهم جعلوا لهم عليهم السبيل بما تركوا من طاعة الله تعالى، فالكامل من هذه الصفات هو لأصحاب الإيمان الكامل، وينقص من قدرها بقدر ما نقص من إيمان العبد، ولهذا إذا أصيب العبد بمصيبة في نفسه أو ماله أو تسلط عدوه عليه، فإنما هي بذنوبه إما بترك واجب أو فعل محرم، وهو من نقص إيمانه، وبهذا تنحل شبه كثيرة حول تسلط الكفار على المسلمين عبر التاريخ إلى يومنا هذا، لطالما سيطرت على عقول الناس ونفوسهم.
نقل كلام الدكتور عمارة:
قال الدكتور محمد عمارة -نقلا من برنامج موسوعة المفاهيم الإسلامية-الأزهر-:
السلفيون:
لغة: هم الذين يحتذون حذو السلف، الذين سلفوا، أي سبقوا ومضوا.
واصطلاحا: يدخل فى إطار السلفيين أغلب تيارات الفكر ومذاهبه ومدارسه بدرجات متفاوتة ومعان متمايزة، لأن لها ماضيا ومرجعية ونموذجا ترجع إليه وتنتسب له وتحتذيه وتستصحب ثوابته ومناهجه، وذلك إذا استثنينا تيار الحداثة بالمعنى الغربي، والتي يقيم أصحابه قطيعة معرفية مع الموروث.
وإذا كان السلف هو الماضي فكلنا سلفيون
لكن السلفيين أنواع:
فمن السلفيين من يقلد السلف، وهؤلاء هم أهل الجمود والتقليد.
ومن السلفيين من يرجع إلى السلف، فيجتهد في ميراثهم وتراثهم، مميزا فيه الثوابت عن المتغيرات والصالح للاستصحاب والاستلهام عن ما تجاوزته الوقائع المتغيرة، والعادات المتبدلة، والأعراف المختلفة، والمصالح المستجدة.
ومن السلفيين من يستلهم من فقه السلف ما يتطلبه فقه الواقع الجديد.
ومن السلفيين من يهاجر من واقعه المعيش إلى واقع السلف الذي تجاوزه الزمان، وإلى تجاربهم التي طوتها القرون.
ومن السلفيين من سلفه عصر الازدهار والإبداع فى تاريخنا الحضاري.
ومن السلفيين من سلفه عصر الركاكة والتراجع فى مسيرتنا الحضارية.
ومن السلفيين من سلفه تراثنا وحضارتنا وثقافتنا الوطنية والقومية والإسلامية.
ومن السلفيين من سلفه تراث الآخر الحضاري ومذاهبه وتياراته الفلسفية والاجتماعية، وبهذا المعنى يمكن إدخال الليبراليين الذين يحتذون حذو الليبرالية الغربية، والماركسيين اللذين يحتذون حذو الماركسية الغربية، وأمثالهم من المتغربين فى عداد السلفيين الذين أصبح الموروث والماضي الغربي سلفا لهم يحتذونه أحيانا مع قدر من التحوير، وأحيانا بجمود وتقليد.
ومن السلفيين من سلفه المذاهب والتيارات النصية الحرفية فى تراثنا.
ومن السلفيين من سلفه تيارات العقلانية فى تراثنا أو النزعات الصوفية فى موروثنا الحضاري.
ومن السلفيين من سلفه مذهب تراثي بعينه يتعصب له ولا يتعداه.
ومن السلفيين من مرجعيته تراث الأمة، على اختلاف مذاهبها، يحتضنها جميعا، ويعتز بها، ويتخير منها.
ولكن مع صدق وصلاحية إدخال أغلب تيارات الفكر تحت مصطلح السلفيين، إلا أن هذا المصطلح قد ادعاه واشتهر به وكاد يحتكره أولئك الذين غلبوا النص، وفى أحيان كثيرة ظاهر النص على الرأي والقياس وغيرهما من سبل وآليات النظر العقلي، فوقفوا عند الرواية أكثر من وقوفهم عند الدراية، وحرموا الاشتغال بعلم الكلام فضلا عن الفلسفات الوافدة على حضارة الإسلام، وهؤلاء هم الذين يطلق عليهم أحيانا أهل الحديث، لاشتغالهم بصناعة المأثور وعلوم الرواية، ورفضهم علوم النظر العقلي.
وإمام هذه المدرسة هو أبو عبد الله أحمد ابن حنبل (164 - 241هـ /780 - 855م) وفيها نجد أبرز الأئمة الذين اشتغلوا بصناعة الرواية وعلومها، من أمثال: ابن راهويه (238هـ/852م) وإمام علم الجرح والتعديل، وأصحاب الصحاح والجوامع والمسانيد: البخاري (256هـ/870م)، وأبو داود (275هـ/888م)، والدارمي (280هـ/893م)، والطبراني (360هـ/971م)، والبيهقى (458هـ/1066م) إلخ ...
ولقد تطورت هذه المدرسة فى مرحلة ابن تيمية (661 - 728هـ/1263 - 1328م) وابن قيم الجوزية (691 - 751هـ/1292 - 1350م) فضمت إلى المأثور بعضا من أدوات النظر العقلي، وإن ظلت الغلبة والأولوية عندها للنصوص والمأثورات.
¥