تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو أن ينظر في شيئين في المقالة؛ هل هي حق أم باطل؟ أم تقبل التقسيم فتكون حقا باعتبار، باطلا باعتبار؟ وهو كثير وغالب، ثم النظر الثاني في حكمه إثباتا، أو نفيا، أو تفصيلا، واختلاف أحوال الناس فيه، فمن سلك هذا المسلك أصاب الحق قولا وعملا، وعرف إبطال القول وإحقاقه وحمده، فهذا هذا والله يهدينا ويرشدنا إنه ولي ذلك والقادر عليه".

قلت: وبهذا يتضح الفرق بين المقالة والقائل؛ فإنه لابد من رد المقالة إن كانت كلها باطلا، أو قبول ما فيها من حق ورد ما فيها من باطل؛ إن كانت تحتملهما معا، أما القائل فإن عرف بالبدعة وجب معاملته معاملة أهل السنة للمبتدعة؛ بحسب بدعته وحاله وحال الرادين عليه من أهل السنة؛ حسب ما تقتضيه الشريعة العظيمة من اعتبار المصالح والمفاسد والترجيح بينها، وهذا بخلاف ما زعمه بعض المعاصرين من عدم التفريق بين البدعة ومرتكبها، وأنه بارتكابه البدعة الواحدة فإنه يستحق اسم المبتدع وأنه من أهل الأهواء، وأن حكمها حكمه على حد السواء، فإنه باطل قطعا ولا يخفى تهافته عند العقلاء، إذ يلزم من هذا المذهب الشاذ تبديع جمع المسلمين إلا الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم.

وأما الجهمية؛ فإن المأثور عن السلف والأئمة إطلاق أقوال بتكفير الجهمية المحضة، الذين ينكرون الصفات، وحقيقية قولهم أن الله لا يتكلم ولا يرى ولا يباين الخلق، ولا له علم ولا قدرة ولا سمع ولا بصر ولا حياة، ولا فوق العرش إله يعبد، بل القرآن مخلوق، وأهل الجنة لا يرونه كما لا يراه أهل النار، وأمثال هذه المقالات الضالة، ثم إن مقالات الجهمية هذه؛ وإن كانت من أعظم الجحد لأسماء الله تعالى وصفاته ولما أنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم، ولما كان مبدأ البدع هو الطعن في السنة بالظن والهوى، كما طعن إبليس في أمر ربه برأيه وهواه؛ فهؤلاء الجهمية عمدوا إلى ما هو مشهور من الكتاب والسنة فخالفوه، وتسلطوا عليه بالتحريف، وحقيقة قولهم تعطيل الصانع والكفر بالنبوة، وإن كان منهم من لا يعلم أن قولهم مستلزم تعطيل الصانع وعدم الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم، كما خالفوا ما اتفقت عليه الملل وأهل الفطر السليمة كلها، لكن مع هذا قد يخفى كثير من مقالاتهم على كثير ممن يكون من أهل الإيمان باطنا وظاهرا؛ فيروج ذلك بينهم، حتى يظن أن الحق معهم لما يوردونه من الشبهات والتلبيسات، -لأن هؤلاء الجهمية ينفون الصفات وهم في الحقيقة ينفون الأسماء أيضا لكن يحتاجون إلى إطلاقها في الظاهر لأجل تظاهرهم بالإسلام-، وإنما التبس على أهل الإيمان واشتبه هذا كما التبس على غيرهم من أصناف المبتدعة، فهؤلاء ليسوا كفارا قطعا، بل قد يكون منهم الفاسق والعاصي، وقد يكون منهم المخطئ المغفور له، وقد يكون معه من الإيمان والتقوى ما يستحق به من ولاية الله بقدر إيمانه وتقواه، فهذا هذا والله أعلم.

رأي الأشعري مؤسس المذهب في الإمام أحمد مخالف للدكتور عمارة:

قال أبو الحسن الأشعري في الإبانة: فإن قال قائل قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافضة والمرجئة فعرفونا قولكم الذي به تقولون وديانتكم التي بها تدينون، قيل له قولنا الذي به نقول وديانتنا التي بها ندين التمسك بكتاب الله عز وجل وبسنة نبينا صل الله عليه وسلم وما روي عن الصحابة والتابعين وأئمة الحديث ونحن بذلك معتصمون وبما كان أحمد بن حنبل نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته قائلون ولما خالف قوله مخالفون لأنه الإمام الفاضل والرئيس الكامل الذي أبان الله به الحق عند ظهور الضلالة وأوضح به المناهج وقمع به بدع المبتدعين وزيغ الزائغين وشك الشاكين فرحمة الله عليه من إمام مقدم وكبير مفهم وعلى جميع أئمة المسلمين.

من هو الأشعري؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير