تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك مذهب الأشعري في الصفات، وأما في القدر والإيمان فقوله قول جهم، وأما ما حكاه عن أهل السنة والحديث وقال: وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب، فهو أقرب ما ذكره، وبعضه ذكره عنهم على وجه، وبعضه تصرف فيه وخلطه بما هو من أقوال جهم في الصفات والقدر، إذ كان هو نفسه يعتقد صحة تلك الأصول، وهو يحب الانتصار لأهل السنة والحديث وموافقتهم، فأراد أن يجمع بين ما رآه من رأى أولئك و بين ما نقله عن هؤلاء، ولهذا يقول فيه طائفة إنه خرج من التصريح إلى التمويه، كما يقوله طائفة: إنهم الجهمية الإناث وأولئك الجهمية الذكور، وأتباعه الذين عرفوا رأيه فى تلك الأصول ووافقوه، أظهروا من مخالفة أهل السنة والحديث ما هو لازم لقولهم، ولم يهابوا أهل السنة والحديث، ويعظموا ويعتقدوا صحة مذاهبهم، كما كان هو يرى ذلك، والطائفتان أهل السنة والجهمية يقولون: إنه تناقض، لكن السني يحمد موافقته لأهل لحديث ويذم موافقته للجهمية، و الجهمي يذم موافقته لأهل الحديث ويحمد موافقته للجهمية، ولهذا كان متأخروا أصحابه كأبي المعالي ونحوه أظهر تجهما وتعطيلا من متقدميهم، وهي مواضع دقيقة يغفر الله لمن أخطأ فيها بعد اجتهاده، لكن الصواب ما أخبر به الرسول، فلا يكون الحق فى خلاف ذلك قط، و الله أعلم، (انتهى).

قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ج: 16 ص: 470

وأئمة المتكلمين يعترفون بأن القرآن بين الأدلة العقلية، كما يذكر ذلك الأشعري وغيره، وعبد الجبار بن أحمد وغيره من المعتزلة، ثم هؤلاء قد يذكرون أدلة يجعلونها أدلة القرآن ولا تكون هي إياها، كما فعل الأشعري في اللمع وغيره، حيث احتج بخلق الإنسان، وذكر قوله: {أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون}، لكن هو يظن أن النطفة فيها جواهر باقية، وأن نقلها فى الأعراض يدل على حدوثها، فاستدل على حدوث جواهر النطفة، وليست هذه طريقة القرآن ولا جمهور العقلاء، بل يعرفون أن النطفة حادثة بعد أن لم تكن، مستحيلة عن دم الإنسان، وهي مستحيلة إلى المضغة، وأن الله يخلق هذا الجوهر الثاني من المادة الأولى بالاستحالة، ويعدم المادة الأولى، لا تبقى جواهرها بأعيانها دائما كما تقدم، فالنظار فى القرآن ثلاث درجات: منهم من يعرض عن دلائله العقلية، ومنهم من يقر بها لكن يغلط فى فهمها، ومنهم من يعرفها على وجهها، كما أنهم ثلاث طبقات في دلالته الخبرية: منهم من يقول لم يدل على الصفات الخبرية، ومنهم من يستدل على غير ما دل عليه، ومنهم من يستدل به على ما دل عليه، والأشعري وأمثاله برزخ بين السلف والجهمية، أخذوا من هؤلاء كلاما صحيحا، ومن هؤلاء أصولا عقلية ظنوها صحيحة وهي فاسدة، فمن الناس من مال إليه من الجهة السلفية، ومن الناس من مال إليه من الجهة البدعية الجهمية كأبي المعالي وأتباعه، و منهم من سلك مسلكهم كأئمة أصحابهم، كما قد بسط فى مواضع، (انتهى).

رأي الدكتور أبو زهرة في الإمام أحمد مخالف للدكتور عمارة:

مع العلم أنه إمام في المذهب الأشعري فقد قال فضيلة الدكتور أبو زهرة –رحمه الله- عن الإمام أحمد في "تاريخ المذاهب الإسلامية" ص:484:

"ذلكم الرجل هو إمام دار السلام، وشيخ الفقهاء والمحدثين في عصره أحمد بن حنبل رضي الله عنه ...

وإن السنة التي كان يجمعها هي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتاوى أصحابه وأقضيتهم وفتاوى التابعين وأقضيتهم، وإن هذه الروايات فوق أنها سنن مأثورة هي فقه عميق دقيق، ولذلك لا نقول إنه في رواياته وانغماره فيها كان منقطعا عن الفقه والمسائل والفتاوى، بل كان متصلا بالفقه غير منقطع، فإذا كان قد تفرغ شطرا كبيرا من حياته للرواية، فإنه لم يكن فيها مقطوعا عن الفقه.

وإنه في دراسته الأولى اتجه إلى طلب الفقه على القاضي أبي يوسف، ولما بلغ أشده كان يتجه إلى فقه السنة، ولعل ذلك قد جذبه إلى علم الفقه، وخصوصا عندما التقى بالشافعي رضي الله عنه في مكة، فقد استرعاه عقل الشافعي، ووضعه موازين دقيقة للاستنباط الفقهي ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير