تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلئن كانت الأمة الإسلامية في الزمن القديم، متباعدة الأطراف، لطول المسافة بين أقاليمها وأقطارها، مع بساطة وسائل النقل والاتصال، فقد يشغل البعض منها من القضايا والنوازل والمشكلات، ما لا ينتهي إلى البعض الآخر خبره إلا بعد أن يصير أثراً بعد عين، فإنها اليوم مترابطة متواصلة، يشرف بعضها على بعض، من خلال وسائل النقل والاتصال السريعة المتنوعة.

وهذا يقتضي أن يكون الفقه الذي يتعلمه أبناؤها فقهاً شاملاً معمقاً واقعياً مردوداً إلى أصول صحيحة وحجج ثابتة، كفيلاً بحل مشكلاتها على ضوء الشريعة الإسلامية.

وهذه الموسوعة وما يماثلها في محتواها وأسلوبها ومسالكها في تناول المسائل العلمية، من أهم المصادر التي يعتمد عليها في تكوين هذا الطراز النوعي المنشود المأمول من حملة الفقه ورجاله.

ولا جرم أن هذه الغاية النبيلة المنشودة، لا تتحقق بمجرد حرص طلاب العلم على تحقيقها، ما لم يجدوا من يسعفهم ويرفدهم، من المؤسسات العلمية التي لديها من الإمكانات ما يؤهلها -بالتعاون مع القادرين مادياً وعلمياً- على إخراج الكثير من هذا النوع من الكتب، من دفائن الخزائن، محققة خالصة سائغة للدارسين.

وأنوه في هذا الصدد بما تفضل به صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، من دعم لإصدار هذه الموسوعة الحديثية الفقهية، حرصاً على إيصال نفعها لأهل العلم.

ويسرني أن أشكر كل من أسهم وتعاون في إصدار هذه الموسوعة، بدءًا بجمع مخطوطاتها، وانتهاء بصدورها، خصوصاً مركز هجر للدراسات الإسلامية والعربية والباحثين فيه،

والمسؤول عنه الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور عبدالسند حسن يمامة، سائلاً الله تعالى أن يجعل العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به الخاص والعام، وأن يوفق أمة الإسلام لما يحبه ويرضاه.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


الهوامش:

(1) تدريب الراوي 1 - 89، من منشورات مكتبة الرياض الحديثة، تحقيق عبدالوهاب عبداللطيف.
وتجدر الإشارة إلى التمييز بين التدوين والتصنيف، فالأول متقدم على الثاني في النشأة، وهو اسم لمجرد كتابة العلم في الصحف كيفما اتفق أو تيسر، أما الثاني فهو كتابة يراعى فيها مسلك معين:
إما على أبواب الفقه، أو أسماء الصحابة، أو أسماء شيوخ المصنف، أو غير ذلك.
(2) توجيه النظر إلى أصول الأثر، للشيخ طاهر الجزائري، ص 249، من منشورات مكتبة المطبوعات الإسلامية بحلب، تحقيق: عبدالفتاح أبو غدة.
(3) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية 19 - 269، ويجدر التنويه إلى أن لشيخ الإسلام رسالة مضمنة في الفتاوى (20 - 294 وما بعدها) تناول فيها صحة أصول مذهب أهل المدينة.
(4) أبجد العلوم 3 - 149، سير أعلام النبلاء 8 - 88 الديباج المذهب ص282، كشف الظنون 2 - 1315، نفح الطيب 2 - 31.
(5) وينظر التمهيد 1 - 8 - 10 (من طبعة وزارة الأوقاف المغربية) في بيان سبب اختيار المؤلف لهذه الرواية دون غيرها.
(6) وقد قام بعض المعاصرين بإعادة ترتيبه على أبواب الموطأ، منهم الشيخ عطية محمد سالم، وسماه: هداية المستفيد من كتاب التمهيد، ومنهم محمد بن عبدالرحمن المغراوي، وسماه: فتح البر في الترتيب الفقهي لتمهيد ابن عبدالبر ومعه فتح المجيد في اختصار تخريج أحاديث التمهيد.
(7) وقد تتبع الباحثان فؤاد بن عبدالعزيز الشلهوب، وعبدالوهاب بن ظافر الشهري، منصوصات الإجماع من كتاب التمهيد، ورتباها على الأبواب الفقهية، ونشراها في كتاب مستقل.
(8) ينظر التمهيد 18 - 57 وما بعدها.
(9) وقد أشار إلى هذا المنهج والمقصد في المقدمة بقوله (1 - 11ط. الكتب العلمية) وأذكر على كل قول رسَمَه وذكَرَه فيه، ما لسائر فقهاء الأمصار من التنازع في معانيه، حتى يتم شرح كتابه الموطأ مستوعباً مستقصى، بعون الله إن شاء الله، على شرط الإيجاز والاختصار، وطرح ما في الشواهد من التكرار، إذ ذلك كله ممهد مبسوط في كتاب التمهيد.
(10) سماه: التقصي، ويسمى أيضاً: التجريد لأحاديث التمهيد. الرسالة المستطرفة ص15، وقال المتقي الهندي في كنز العمال 2 - 386: أدخل في كتاب التقصي أحاديث من أقوال الصحابة، مع أن موضوع كتابه الأحاديث المرفوعة.
(11) تذكرة الحفاظ 3 - 1129، 1130، شذرات الذهب 2 - 314، 315.
(12) تذكرة الحفاظ 3 - 1130، ومن الموافقات أن الحميدي تتلمذ على ابن عبدالبر حافظ المغرب في المغرب، ثم رحل إلى المشرف فتتلمذ على حافظه الخطيب البغدادي، وكلاهما توفي في سنة واحدة (463هـ).
(13) وقد صرح بمعنى ذلك في التمهيد (1 - 143، ط. الأوقاف المغربية) في الكلام على حكم ذوات الأنياب من السباع، إذ قال: ولا يجوز أن يراعى الاختلاف عند طلب الحجة، لأن الاختلاف ليس منه شيء لازم دون دليل، وإنما الحجة اللازمة الإجماع لا الاختلاف، لأن الإجماع يجب الانقياد إليه، لقول الله: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى} (115) سورة النساء، يريد: الكتاب والسنة، هكذا فسره العلماء ا. هـ.
وهذا يدل على أن ابن عبدالبر لا يذهب إلى القول ب (مراعاة الخلاف) الذي يعتبره المالكية أصلاً من الأصول في مذهبهم.

المصدر ( http://www.al-jazirah.com.sa/86933/ar1d.htm)
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير