تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: أن المصيبة لم تكن في الدين.

قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ما ابتليت ببلاء إلا كان لله -تعالى- عليَّ فيه أربع نِعَم:

- إذ لم يكن في ديني.

- وإذ لم يكن أعظم.

- وإذ لم أحرم الرضا به.

- وإذ أرجو الثواب عليه.

قال رجل لسهل بن عبد الله: دخل اللصُّ بيتي وأخذ متاعي، فقال: اشكر الله –تعالى-، لو دخل الشيطان قلبك، فأفسد إيمانك، ماذا كنت تصنع؟ ومن استحق أن يضربك مائة سوط، فاقتصر على عشرة؛ فهو مستحق للشكر.

الثالث: أن ما من عقوبة إلا كان يُتَصوَّر أن تُؤخَّر إلى الآخرة، ومصائب الدنيا يتسلَّى عنها فتخف، ومصيبة الآخرة دائمة، وإن لم تدم؛ فلا سبيل إلى تخفيفها، ومن عجلت عقوبته في الدنيا؛ لم يعاقب ثانيًا، كذا ورد في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم -.

وفي " صحيح مسلم ": (إن كل ما يصاب به المسلم يكون كفارة له، حتى النكبة ينكبها، والشوكة يشاكها).

الرابع: أن هذه المصيبة كانت مكتوبة عليه في أم الكتاب، ولم يكن بد من وصولها إليه، فقد وصلت واستراح منها، فهي نعمة.

الخامس: أن ثوابها أكثر منها، فإن مصائب الدنيا طرق إلى الآخرة، كما يكون المنع من أسباب اللعب نعمة في حق الصبي، فإنه لو خُلِيَ واللعب؛ لكان يمنعه ذلك من العلم والأدب، فكان يخسر طول عمره، وكذلك المال والأهل والأقارب والأعضاء، قد تكون سببًا لهلاكه، فالملحدون غدًا يتمنون أن لو كانوا مجانين وصبيانًا، ولم يتصرفوا بعقولهم في دين الله تعالى، فما من شيء من هذه الأسباب يوجد من العبد، إلا ويتصور أن يكون له في ذلك خبرة دينية، فعليه أن يحسن الظن بالله -عزَّ وجل-، ويقدِّر الخيرة فيما أصابه، ويشكر الله –تعالى- عليه، فإن حكمة الله –تعالى- واسعة، وهو أعلم بمصالح العباد منهم، وغدًا يشكره العباد على البلاء إذا رأوا ثوابه، كما يشكر الصبي بعد البلوغ أستاذه وأباه على ضربه وتأديبه، إذ رأى ثمرة ما استفاد من التأديب.

والبلاء تأديب من الله تعالى، ولطفه بعباده أتم وأوفى من عناية الآباء بالأولاد وفي الحديث: (لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرًا له).

المرجع: منهاج القاصدين

للإمام: أحمد بن قدامة المقدسي -رحمه الله-

ـ[الدر المصون]ــــــــ[06 - 04 - 09, 10:44 م]ـ

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: "والمؤمن إذا فعل سيئة؛ فإن عقوبتها تندفع عنه بعشرة أسباب:

1 - أن يتوب؛ فيتوب الله عليه؛ فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

2 - أو يستغفر، فيغفر الله له.

3 - أو يعمل حسنات تمحوها؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات.

4 - أو يدعو له إخوانه المؤمنون، ويستغفرون له حيًا، وميتًا.

5 - أو يهدون له من ثواب أعمالهم ما ينفعه الله به.

6 - أو يشفع فيه نبيه محمد-صلى الله عليه وسلم-

7 - أو يبتليه الله-تعالى- في الدنيا بمصائب تكفِّر عنه.

8 - أو يبتليه في البرزخ بالصعقة؛ فيكفَّر بها عنه.

9 - أو يبتليه في عرصات القيامة من أهوالها بما يكفِّر عنه.

10 - أو يرحمه أرحم الراحمين.

فمن أخطأته هذه العشرة؛ فلا يلومن إلا نفسه، كما قال-تعالى- فيما يرويه عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفِّيكم إياها، فمن وجد خيرًا؛ فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك؛ فلا يلومن إلا نفسه).

المرجع: الوصية الصغرى لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-

شرح وتحقيق: الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد -حفظه الله-

ـ[الدر المصون]ــــــــ[06 - 04 - 09, 10:46 م]ـ

إنَّ للخلوة تأثيرات تبين في الجلوة؛ كم من مؤمن بالله -عزَّ وجل يحترمه عند الخلوات فيترك ما يشتهي؛ حذرًا من عقابه، أو رجاء لثوابه، أو إجلالًا له، فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عودًا هنديًا على مَجْمَر، فيفوح طيبه، فيستنشقه الخلائق ولا يدرون أين هو.

وعلى قدر المجاهدة في ترك ما يهوى؛ تقوى محبته، أو على مقدار زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك؛ يزيد الطيب، ويتفاوت تفاوت العود، فترى عيون الخلق تعظِّم هذا الشخص، وألسنتهم تمدحه، ولا يعرفون لم َ، ولا يقدرون على وصفه؛ لبعدهم عن حقيقة معرفته.

وقد تمتد هذه الأراييح بعد الموت على قدرها، فمنهم:

· من يُذْكَر بالخير مدة مديدة ثم يُنْسى.

· ومنهم من يُذْكَر مائة سنة ثم يَخْفى ذكره وقبره.

· ومنهم أعلام يبقى ذكرهم أبدًا.

وعلى عكس هذا من هاب الخلق، ولم يحترم خلوته بالحق؛ فإنه على قدر مبارزته بالذنوب، وعلى مقادير تلك الذنوب؛ يفوح منه ريح الكراهة، فتمقته القلوب.

فإن قلَّ مقدار ما جنى؛ قلَّ ذكر الألسن له بالخير، وبقي مجرد تعظيمه، وإن كثر كان قصارى الأمر سكوت الناس عنه لا يمدحونه ولا يذمونه.

وربَّ خالٍ بذنب كان سبب وقوعه في هوة شقوة في عيش الدنيا والآخرة، وكأنه قيل له: ابق بما آثرت، فيبقى أبدًا في التخبيط؛ فانظروا إخواني إلى المعاصي أثَّرت، وعثَّرت".

إلى أن قال: فتلمَّحوا ما سطَّرته، واعرفوا ما ذكرته، ولا تهملوا خلواتكم ولا سرائركم؛ فإن الأعمال بالنية، والجزاء على مقدار الإخلاص ".

المرجع: الوصية الصغرى لشيخ الإسلام أحمد بن تيمية

شرح وتعليق: الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد –حفظه الله-

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير