ـ[الدر المصون]ــــــــ[06 - 04 - 09, 10:48 م]ـ
من علامات الإنابة
*أن يتوجَّع لعثرته إذا عثر، فيتوجَّع قلبه، وينصدع.
وهذا دليل على إنابته، بخلاف من لا يتألم قلبه، ولا ينصدع من عثرته؛ فإنه دليل على فساد قلبه وموته.
* أن يتوجَّع لعثرة أخيه المؤمن إذا عَثُر، حتى كأنه هو الذي عثر بها، ولا يشمت به؛ فهو دليل على رقة قلبه، وإنابته.
*ترك الاستهانة بأهل الغفلة، والخوفِ عليهم مع فتح باب الرجاء للنفس.
بل المنيب يرجو لهم الرحمة، ويخشى على نفسه النقمة؛ فإن كان لابد مستهينًا بهم ماقتًا لهم؛ لانكشاف أحوالهم له، ورؤيته لما هم عليه؛ فليكن لنفسه أشدَّ مقتًا منه لهم، وليكن أرجى لهم لرحمة الله منه لنفسه.
قال بعض السلف: "لن تفقه كل الفقه حتى تمقت الناس في ذات الله، ثم ترجع إلى نفسك فتكون لها أشد مقتًا ".
قال ابن القيم -رحمه الله- معلِّقًا على هذا: "وهذا الكلام لا يفقه معناه إلا الفقيه في دين الله؛ فإن من شهد حقيقة الخلق، وعجزهم، وضعفهم، وتقصيرهم بل تفريطهم، وإضاعتهم لحق الله، وإقبالهم على غيره، ويبيعهم حظَّهم من الله بأبخس الثمن من هذا العاجل الفاني؛ لم يجد بُدًّا من مقتهم، ولا يمكنه غير ذلك البتة.
ولكن إذا رجع إلى نفسه، وحاله، وتقصيره، وكان على بصيرة من ذلك؛ كان لنفسه أشد مقتًا، واستهانة؛ فهذا هو الفقيه ".
المرجع: الوصية الصغرى لشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-
شرح وتحقيق الشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد -حفظه الله-
ـ[الدر المصون]ــــــــ[06 - 04 - 09, 10:52 م]ـ
لا يضيع عند الله شيء
قال الإمام ابن الجوزي -رحمه الله-:
إخواني: اسمعوا نصيحة من قد جرَّب وخَبِر.
إنه بقدر إجلالكم لله -عزَّ وجل- يجلِّكم، وبمقدار تعظيم قدره واحترامه يعظم أقداركم وحرمتكم.
ولقد رأيت والله من أنفق عمره في العلم إلى أن كَبِرَت سِنُّه، ثم تعدى الحدود، فهان عند الخلق، وكانوا لا يلتفتون إليه مع غزارة علمه، وقوة مجاهدته.
ولقد رأيت من كان يراقب الله -عزَّ وجل- في صبوته مع قصوره بالإضافة إلى ذلك العالم، فَعَظَّم الله قدره في القلوب حتى عَلِقَته النفوس، ووصفته بما يزيد على ما فيه من الخير.
ورأيت من كان يرى الاستقامة إذا استقام، فإذا زاغ مال عنه اللطف، ولولا عموم الستر وشمول رحمة الكريم؛ لا فتضح هؤلاء المذكورون، غير أنه في الأغلب تأديب أو تلطُّفٌ في العقاب، كما قيل:
ومن كان في سُخْطِه محسنًا فكيف يكون إذا ما رضِي
غير أن العدل لا يحابي، وحاكم الجزاء لا يجور، وما يضيع عند الأمين شيء.
المرجع: صيد الخاطر
للإمام: ابن الجوزي -رحمه الله-
ـ[الدر المصون]ــــــــ[06 - 04 - 09, 10:52 م]ـ
همة المؤمن متعلقة بالآخرة
همة المؤمن متعلقة بالآخرة، فكل ما في الدنيا يحرِّكه إلى ذكر الآخرة، وكل من شغله شيء؛ فهمَّتُه شغله.
والمؤمن إذا رأى ظلمة؛ ذكر ظلمة القبر، وإن رأى مؤلمًا؛ ذكر العقاب، وإن سمع صوتًا فظيعًا؛ ذكر نفخة الصور، وإن رأى الناس نيامًا؛ ذكر الموتى في القبور، وإن رأى لذة الجنة، فهمَّتُه متعلقة بما ثمَّ، وذلك يشغله عن كل ما تمَّ.
وأعظم ما عنده أنه يتخايل دوام البقاء في الجنة، وأن بقاءه لا ينقطع ولا يزول ولا يعتريه منغص، فيكاد إذا تخايل نفسه متقلبًا في تلك اللذات الدائمة التي لا تفنى يطيش فرحًا، ويَسْهُل عليه ما في الطريق إليها من ألمٍ، ومرضٍ، وابتلاءٍ، وفقد محبوب، وهجوم الموت ومعالجة غصصه.
فإن المشتاق إلى الكعبة يهون عليه رمل زَرُود [1]، والتائق إلى العافية لا يبالي بمرارة الدواء.
ويعلم أن جودة الثمر ثمَّ على مقدار جودة البذر ههنا، فهو يتخيَّر الأجود، ويغتنم الزرع في تشرين العمر من غير فتور.
ثم يتخايل المؤمن دخول النار والعقوبة، فينغِّص عيشه، ويقوى قلقه، فعنده بالحالين شغل عن الدنيا وما فيها، فقلبه هائم في بيداء الشوق تارة وفي صحراء أخرى، فما يرى البنيان.
فإذا نازله الموت؛ قَوِيَ ظنه بالسلامة، ورجا لنفسه النجاة فيهون عليه.
فإذا نزل إلى القبر وجاءه من يسألونه، قال بعضهم لبعض: دعوه فما استراح إلا الساعة.
المرجع: صيد الخاطر
للإمام: ابن الجوزي -رحمه الله-
ـ[الدر المصون]ــــــــ[06 - 04 - 09, 10:56 م]ـ
¥