تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[21 - 07 - 2010, 10:10 م]ـ

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله ... أما بعد:

حكاية ألم

بقلم / جمانة بنت عبدالله السديس / تحكي قصة وفاة والدها الشيخ / عبدالله بن صالح السديس / رحمه الله تعالى ورحم الله جميع موتى المسلمين / اللهم آمين

تقول: إذا أردت َ أن تعلم ما العجز ... فاكتب عن والدك.

إليكم القصة بلسانها:

سأحكي لكم حكاية الألم .. حكاية الفقد .. حكاية ملؤها الحزن والضيق ..

وثمرتها الصبر والرضا .. نعم .. حزن أثمر رضا .. أرأيتم فضل دينكم؟

... ...

أتيت إلى الدنيا, وأنا أحمل اسماً طالما افتخرت به .. !

عشت حياةً هادئةً هنية, مليئةً بالحب والحنان, وسط أبوين رقيقين فاضلين .. أحببتهما كأشد ما يعشق ولد والديه ..

من فضل الله علي .. أنني الكبرى بين إخوتي, ولذا كان لطفولتي مذاق خاص لدى والديّ .. كما كان يقول لي أبي دوماً ..

كبرت وكبرت معي أحلامي وآمالي .. لم أكن أهتمّ لأحد غير والديّ ..

إن ضاقت بهما الدنيا مرةً .. فإن قلبي يكاد ينفطر لأجلهما ..

وإن شكا أحدهما ألماً .. فروحي تكاد تنفصل همّاً لهما ..

لا زلت أتذكر ما حصل قبل سنتين؛ الأشهر التي كان فيها والدي طريحاً للفراش .. كنت أحترق في داخلي .. وأشعر بأحشائي تتمزق .. حين أرى وجهه يعتصر ألماً .. وأحاول الوقوف شامخةً أمامه وأمي وإخوتي .. وما إن أصعد إلى غرفتي .. حتى أنهار من البكاء .. !

وشاء الله عز وجل .. وقام من فراشه ببعض من الآلام .. التي كانت تلازمه في كل وقت .. !

لم نفتر ووالدتي عن الدعاء له, لكن حكمة الله تعالى فوق كل شيء ..

فقد قرّر والدي الغالي إجراء عملية لإزالة الانزلاق الغضروفي في ظهره ..

ومن هنا .. سأحكي لكم تفصيلاً أرجو أن تتحملوه ..

أول مرة ذكر لنا والدي أنه يفكر في إجراء العملية .. صُدمت بقوة .. !

أنا أريد الراحة له .. لكني في نفس الوقت .. أحبه .. وأخشى فقده .. !

وكأن الفقد لا يكون إلا في المشفى .. !

لكن هذا الإنسان .. وهذه عاطفته .. !

دعوت الله له من كل قلبي .. أن يصرفه إلى ما فيه الخير والصلاح ..

وكنت جاهدةً أحاول تذكير نفسي .. بأن المكتوب واقع .. ولا فائدة من الهمّ .. !

وحين كنا معه في السيارة يوماً .. قال: بأنه قرر قراراً جازماً أن يجريها .. والطبيب شجعه عليها .. لكنه ينتظر عودته من الخارج ..

فسألته: هل فيها خطورة؟ وكم نسبة نجاحها؟

أخبرني أن الكثيرين يعملونها, وترتاح أجسامهم بعدها, وأن نسبة نجاحها فوق 90% .. والله الشافي سبحانه ..

سكت على مضض .. وأنا أتمنى من كل قلبي أن ينصرف عنها ..

... ...

وفي يوم السبت الموافق 26/ 3/1431هـ جاءت إلي والدتي –حفظها الله- وأخبرتني بأن المستشفى اتصلوا على والدي يبلغونه بأن يوم الأربعاء هو يوم إجراء العملية له .. !

تضايقت .. جدّاً .. وتخدر جسمي وَجِلاً حين نقلت إلي الخبر .. لكني سلمت أمري لله ..

وفي اليوم التالي .. بعد العشاء .. دخلت الصالة وإذا بأبي جالس فيها وأخواتي .. وبيده التقويم يقلبه .. رفع رأسه ونظر إلينا .. وقال: 1/ 4 تاريخ مميز .. !! يقصد طبعًا تاريخ دخوله المشفى ..

قالت والدتي: يا ليتهم يؤجلونها .. فقلت: إن تأجلت فهي الخيرة! التفت إلي طالباً مني إعادة ما قلت .. ثم نظر إلي بابتسامة .. وقال هامساً على مضض: صحيح .. ! وكأنه لا يريد وقوع ما نريد .. !

كثيراً ما كرر لنا في هذا الأسبوع أن يوم الأربعاء هو يوم الراحة بالنسبة له .. !

... ...

جاء يوم الأربعاء الذي لا ينسى .. !

استيقظت من نومي وهمّ والدي لم يفارقني لحظةً .. !

وبعد أن صليت الظهر .. أخذت كتاباً ابتعته قبل أيام؛ للشيخ سلمان العودة , بعنوان: (مع الله) ..

ونزلت للصالة .. وأنا أريد استقبال أبي حين يعود من عمله ..

انتظرت إلى أن دقت الساعة الثانية أجراسها .. ودخل الحبيب على عادته .. منادياً لريم ..

سلم علي .. ووجهه مستبشر ومبتهج .. سأل عن والدتي وإخوتي ..

وسألته عن موعد ذهابه .. وهل سيرتاح قليلاً؟!

فأجابني: لا .. سأغتسل .. ونذهب للمشفى أنا وعاصم .. لا وقت للراحة .. !

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير