تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ودام شذاك عابق على صفحات الصرح الشامخ

نحن في شوق لرائعة أخرى من روائعك

في شوق

للوحة فارهة الجمال من نزف قلمك

ترانيم الحصاد ..

ـ[السراج]ــــــــ[09 - 01 - 2010, 09:15 م]ـ

خفف الوطء ما أظن أديم ال=أرض إلا من هذه الأجساد

سر إن اسطعت في الهواء رويداً=لااختيالاً على رفات العباد

ينحو الشاعر على خط سيره في القصيدة الإنسانية هذه، فكما اخترع أسئلةً لصاحبه (الافتراضي) والذي أراد به أن يعبر عن الإنسان بشكل عام، ها هو يكمل الحديثَ معه كي يطلعه ما عنده من حكمة وينبهه إلى مواعظ يسير عليها.

فبدأ بيته بفعل أمر للالتماس ثم سطّر المسوغ من إدراج فعل الأمر ذاك.

ويمضي أبو العلاء في تتابع للبيت السابق – كما ذكرنا عن كثرة الموتى – فهو هنا في هذا البيت يبني افتراضية ويظنّ أن وجه الأرض الذي نراه تشكّل من جزيئات صغيرة قوامها أجساد الموتى السابقين. ومن منطلقه هذا يبدأ الشاعر بنفث حكمه ونصائحه (للصديق الافتراضي).

وقد اختار أسلوب الاستثناء كي يحاصر الألفاظ فتتراجع في أسلوب حصر ما اكتمل الحصار بسبب ورود لفظة (أظنّ) التي فتحت باباً آخر للتراجع. ثم يعودُ للكثرة التي شكلت نقطة انطلاق وتلة بارزة في القصيدة، فأورد الجمع (الأجساد) مضافة لعجيبة القرب (هذه)!

وإن عُدنا لأول البيت نجد بدأه – كما قلنا – التماسا لصاحبه بالأمر أن يمشي بتأنٍ وعدم التكبّر ومشية الخيلاء (تخفيف وطء القدم) – وكلها هذه أمرنا بها ديننا الحنيف – ويمضي الشاعر في مسوغه.

العجيب في الأمر هذا التدرج الرائع من الشاعر في الأمر الناصح والمقصود، فبينما يأمر بالتأني والمشي على طرف الأرجل خفةً، يقدّم خطاً آخر للقادرين على ذلك (سر إن اسطعت في الهواء) وهو قدر استطاعتك أن يكون مشيك في الهواء – نسبة رفع رجلك عن الأرض أكثر من وطئها – وهذا مبلغ كبير، ثم يعود (رويداً) إن لم تستطع ذلك ..

وكلها تلك العبارة مقصود منها التأني ونبذ الخيلاء كما ذكر ذلك في الشطر الثاني.

ـ[السراج]ــــــــ[09 - 01 - 2010, 09:28 م]ـ

(هو الفرق دقائق حين نكتب، لكنها أجزاء الثواني حين نرسلها، هكذا سبقتيني - ودائماً)

كلماتك هي الشذى العبق ..

وأضيف للبيتين:

لم اختار الشاعر البدء في البيتين بفعلي أمر ثم يذكر سبب الفعل، وكأن الصورة مكررة أو ألوان متداخلة بنفس النهج الخطي إلا الاختلاف في التدرج اللوني الشفيف.؟

ـ[السراج]ــــــــ[11 - 01 - 2010, 08:03 ص]ـ

رُب لحدٍ قد صار لحداً مراراً=ضاحكٍ من تزاحم الأضداد

ودفينٍ على بقايا دفين=في طويل الأزمان والآباد

لله درّه! كيف تكونت هذه الفكرة غيوما فهطلت معنى باسماً تتوق إليه الأنفس الذوّاقة فتكادُ تبتسم – توافقاً مع من ضحك (أقصدُ اللحد العجيب)!

وهنا أقصدُ فكرة – تزاحم الأضداد – وأظنّ أن المعرّي تعمّد الصفّ المعنوي الافتراضي بين الخصم وخصمه – بعيداً عن حواجز الحياة الدنيا – وبعيداً عن المشاحنات التي تشتعل وتضطرم حين الحياة، هُنا يرقدان جنباً إلى جنب يتناجيان ويتعاتبان.

ثم انظر إلى اللفظة واستخدامها واختيارها من بين صفوف الكلمات، فيبدع في فكرته ويطورها بـ (تزاحم) فالخصوم أكثر من أن تُحصى لذا هي تتزاحم أجساداً، وكأن سعة الدنيا تضيق بهم واللحد الضيّق يفتح وسعاً لهم!

سطّر المعري هذا البيت بلفظة التكثير التي تميلُ – دائماً – إلى مثلية جملتها (تصييرها إلى مَثَل سائر) وهو ما يجعلها أكثر ألفاظ الكثرة (قوةً في الكثرة)، وهنا يزيد في تأكيده.

والعجيب أن لحداً واحداً لإنسان قديم صار وتحوّل إلى لحد لإنسان آخر ثم تحول إلى لحد آخر وهكذا لم توقفنا ونحن نواصل القراءة إلى كلمة (مراراً) التي وإن توقفنا معها لغوياً لكنها واصلت – بنفسها – فكرتها معنوياً.

ويسوق الشاعر هذه الفكرة وقد وسمها بأداة التحقيق لتأكيد وقوع التحوّل، فبرزت لنا صورة متحركة من مشاهد (الدفن) المتكرر ويا للعجب التكرارُ يكونُ في لحدٍ سابق ولا تلاحظ نبرة أو نظرات الدافنين غرابةً فاللحدُ صار لحدا (نحنُ بنو الموتى ... ).

ويزيح المعري عن نفسه (وعن هذا اللحد) لثام الحزن – قليلاً – ليدمغ – ولو على عجل – ختم السخرية الضاحكة على المشهد الآخر الذي ذكرناه أولاً – تزاحم الأضداد – وحقاً مشهد يثير لضحك أكثر مما يجعلنا نبتسم عفوياً، فهؤلاء خصم الدنيا متقاربين!

والصورة المتتابعة والمكملة أرادها الشاعر في البيت التالي ثم أستدرك الزمن في طرف البيتين.

ـ[أنوار]ــــــــ[14 - 01 - 2010, 08:08 ص]ـ

جزيتم خيراً أستاذنا الكريم

جهد مشكور

كنتُ أتمنى أن أشارككم، ولكن وقتي الآن لا يسمح لي، وقد يطول غيابي.

بارك الله جهودكم .. والشكر موصول لكِ ترانيم

ـ[ابن عبدالرحيم الصاعدي]ــــــــ[15 - 01 - 2010, 08:57 م]ـ

بارك الله فيك أخي الكريم / السراج

سلمت يداك

(إنّ حزناً في ساعة المو ت أضعاف سرورٍ في ساعة الميلادِ)

حقاً كل شيءٍ يبدأ صغيراً ثم يكبر إلا الحزن فيولد كبيراً ....

شكراً لك اخي استمتعت كثيراً بالمشاركة

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير