أفول لمن يعرقل سير شعري ** ويحسبني لمنحته أتوق
أرح يا صاحبي عقلاً وقلباً ** فحبل الدين في قلبي وثيق
ولا يغررك مظهر من يحابي ** وفوق لسانه لفظٌ أنيق
فبعض المدح للإنسان ذمٌ ** وبعض البر في الدنيا يعوق
ترى الحشرات بالأزهار تلهو ** وما يغري سوى النحل الرحيق
وشأن الناس في الطبع اختلافٌ ** هنالك ظالمٌ وهنا شفيق
فريقٌ لا يجامل أو يحابي ** ويغرق في تزلفه فريق
يحبُ الماء ذو ظمأٍ ليروي ** ويكره لجة الماء الغريق
إذا مات الفؤاد فلا تسلني ** عن الدم حين تفقده العروق
- - - - - - -
جذوع النخل أشباحٌ طوالٌ ** إذا لم تزدهي فيها العذوق
لماذا حين أعلن قول صدقٍ ** أرى بعض الصدور به تضيق
أحب بلادنا حباً عظيما ** له في خاطري نسبٌ عريق
ولكني أعاتبها إذا ما ** رأت عيني أموراً لا تليق
وقد يشفي غليظُ القول داءاً ** إذا لم يشفه القول الرقيق
أرى أثر الغيوم ولا رعودٌ ** تحدثني ولا ومضت بروق
وأسمع ألف أغنيةٍ نشازٍ ** فيزعجني التكسر والنعيق
عبرت محيط آلامي فلما ** تجاوزت المحيط بدأ المضيق
وكيف أريد ملء الكأس ماءً ** إذا كانت يدي الأخرى تريق
ألا يا ماكراً بالناس مهلاً ** فمكر الماكرين بهم يحيق
سألتك والسؤال له جوابٌ ** أيُجمع حين ينتثر الدقيق
رأيت عيون قومي في زماني ** يظللها عن الحق البريق
أراهم ينصتون إلى كذوبٍ ** ويزعجهم إذا نطق الصدوق
سألت عن الصمود رجال قومي ** فخاطبني من الإعلام بوق
لقد ما ت الصمود مع التصدي ** فما هذا التنكر والعقوق
أتنسى أن (إسرائيل) أختٌ ** لها في المسجد الأقصى حقوق
كأن رجال أمتنا قطيعٌ ** وإسرائيل في صلفٍ تسوق
تنوعت الجراح فلا اصطبارٌ ** يواجهها ولا قلبٌ يطيق
إذا كنا شكونا من جراحٍ ** لها في القدس تأريخ عريق
ففي بغدادنا جرحٌ جديد ** تغصُّ على تَذّكّره الحلوق
هنالك للصليب رصاص غدرٍ ** ووجهٌ في تعامله صفيق
هنالك ألف باكيةٍ تنادي ** أفيقوا يا أحبتنا أفيقوا
يدنس عرض مسلمةٍ وترمى ** ويلطم وجهها وغدٌ حنيق
وتتبعها ملايين الضحايا ** تذوق من المآسي ما تذوق
وكم من مسجدٍ أضحى ركاماً ** وفي محرابه شب الحريق
تعذبني نداءات اليتامى ** وصانع يتمهم حرٌ طليق
وأمتنا تنام على سرير ** تهدهدها المفاتن والفسوق
كتاب الله يدعوها ولكن ** أراها لا تحسُّ ولا تفيق
أقول لأمتي والليل داجٍ ** بكفك لو تأملت الشروق
ـ[معاذ بن ابراهيم]ــــــــ[17 - 02 - 2010, 01:51 ص]ـ
هاشم الرفاعي
رسالة في ليلة التنفيذ
أبتاه ماذا قد يخطُّ بناني= والحبلُ والجلادُ ينتظراني
هذا الكتابُ إليكَ مِنْ زَنْزانَةٍ= مَقْرورَةٍ صَخْرِيَّةِ الجُدْرانِ
لَمْ تَبْقَ إلاَّ ليلةٌ أحْيا بِها =وأُحِسُّ أنَّ ظلامَها أكفاني
سَتَمُرُّ يا أبتاهُ لستُ أشكُّ في= هذا وتَحمِلُ بعدَها جُثماني
الليلُ مِنْ حَولي هُدوءٌ قاتِلٌ= والذكرياتُ تَمورُ في وِجْداني
وَيَهُدُّني أَلمي فأنْشُدُ راحَتي= في بِضْعِ آياتٍ مِنَ القُرآنِ
والنَّفْسُ بينَ جوانِحي شفَّافةٌ =دَبَّ الخُشوعُ بها فَهَزَّ كَياني
قَدْ عِشْتُ أُومِنُ بالإلهِ ولم أَذُقْ= إلاَّ أخيراً لذَّةَ الإيمانِ
شكرا لهم أنا لا أريد طعامهم =فليرفعوه فلست بالجوعان
هذا الطعام المر ما صنعته لي= أمي و لا وضعوه فوق خوان
كلا و لم يشهده يا أبتي معي= أخوان جاءاه يستبقان
مدوا إلي به يدا مصبوغة= بدمي و هذه غاية الإحسان
والصَّمتُ يقطعُهُ رَنينُ سَلاسِلٍ= عَبَثَتْ بِهِنَّ أَصابعُ السَّجَّانِ
ما بَيْنَ آوِنةٍ تَمُرُّ وأختها =يرنو إليَّ بمقلتيْ شيطانِ
مِنْ كُوَّةٍ بِالبابِ يَرْقُبُ صَيْدَهُ =وَيَعُودُ في أَمْنٍ إلى الدَّوَرَانِ
أَنا لا أُحِسُّ بِأيِّ حِقْدٍ نَحْوَهُ =ماذا جَنَى فَتَمَسُّه أَضْغاني
هُوَ طيِّبُ الأخلاقِ مثلُكَ يا أبي= لم يَبْدُ في ظَمَأٍ إلى العُدوانِ
لكنَّهُ إِنْ نامَ عَنِّي لَحظةً= ذاقَ العَيالُ مَرارةَ الحِرْمانِ
فلَرُبَّما وهُوَ المُرَوِّعُ سحنةً لو= كانَ مِثْلي شاعراً لَرَثاني
أوْ عادَ - مَنْ يدري - إلى أولادِهِ= يَوماً تَذكَّرَ صُورتي فَبكاني
وَعلى الجِدارِ الصُّلبِ نافذةٌ بها= معنى الحياةِ غليظةُ القُضْبانِ
قَدْ طالَما شارَفْتُها مُتَأَمِّلاً= في الثَّائرينَ على الأسى اليَقْظانِ
فَأَرَى وُجوماً كالضَّبابِ مُصَوِّراً= ما في قُلوبِ النَّاسِ مِنْ غَلَيانِ
¥