تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

جيش إلا نزع كتفه. فلما أتاه ابن قبيصة سأله عن الجيش. فقال: هزمنا بكر بن وائل وأتيناك ببناتهم. فأعجب بذلك كسرى وأمر له بكسوة، ثم استأذنه إياس، وقال: إن أخي قيس بن قبيصة مريض بعين التمر، فأردت أن آتيه. فأذن له. ثم أتى كسرى رجل من أهل الحيرة وهو بالخورنق، فسأل: هل دخل على الملك أحد؟ فقالوا: إياس، فظن أنه حدثه الخبر، فدخل عليه وأخبره بهزيمة القوم وقتلهم. فأمر به فنزعت كتفاه.

قال أبو عبيدة: لما كان يوم ذي قار كان في بكر أسرى من تميم قريبا من مائتي أسير، أكثرهم من بني رياح بن يربوع. فقالوا: خلوا عنا نقاتل معكم فإنما نذب عن أنفسنا. قالوا: فإنا نخاف ألا تناصحونا. قالوا: فدعونا نعلم حتى تروا مكاننا وغناءنا فذلك قول جرير:

منا فوارس ذي بهدي وذي نجب ..... والمعلمون صباحا يوم ذي قار

وسئل عمرو بن العلاء، وتنافر إليه عجلي ويشكري، فزعم العجلي أنه لم يشهد يوم ذي قار غير شيباني وعجلي. وقال اليشكري: بل شهدتها قبائل بكر وحلفاؤهم. فقال عمرو: قد فصل بينكما التغلبي حيث يقول:

ولقد أمرت أخاك عمرا أمرة ... فعصى وضيعها بذات العجرم

في غمرة الموت التي لا تشتكي ... غمراتها الأبطال غير تغمغم

وكأنما أقدامهم وأكفهم ... سرب تساقط في خليج مفعم

لما سمعت دعاء مرة قد علا ... وابني ربيعة في العجاج الأقتم

ومحلم يمشون تحت لوائهم ... والموت تحت لواء آل محلم

لا يصدفون عن الوغى بوجوههم ... في كل سابغة كلون العظلم

ودعت بنو أم الرقاع فأقبلوا ... عند اللقاء بحل شاك معلم

وسمعت يشكر تدعي بخبيب ... تحت العجاجة وهي تقطر بالدميمشون في حلق الحديد كما مشت ... أسد العرين بيوم نحس مظلم

والجمع من ذهل كأن زهاءهم ... جرد الجمال يقودها ابنا قشعم

والخيل من تحت العجاج عوابسا ... وعلى سنابكها مناسج من دم

وقال العديل بن الفرخ العجلي:

ما أوقد الناس من نار لمكرمة ... إلا اصطلينا وكنا موقدي النار

وما يعدون من يوم سمعت به ... للناس أفضل من يوم بذي قار

جئنا بأسلابهم والخيل عابسة ... لما استلبنا لكسرى كل إسوار

قال: وقالت عجل: لنا يوم ذي قار. فقبل لهم: فمن المستودع ومن المطلوب؟ ومن نائب الملك ومن الرئيس؟ فهو إذا كان لهم كانت الرياسة لهانئ، وكان حنظلة يشير بالرأي. وقال شاعرهم:

إن كنت ساقية يوما ذوي كرم ... فاسقي الفوارس من ذهل بن شيبانا

واسقي فوارس حاموا عن ذمارهم ... واعلي مفارقهم منسكا وريحانا

وقال أعشي بكر:

أما تميم فقد ذاقت عداوتنا ... وقيس عيلان مس الخزي والأسف

وجند كسرى غداة الحنو صبحهم ... منا غطاريف تزجي الموت فانصرفوا

لقوا ململمة شهباء يقدمها ... للموت لا عاجز فيها ولا خرف

فرع نمته فروع غير ناقصة ... موفق حازم في أمره أنف

فيها فوارس محمود لقاؤهم ... مثل الأسنة لا ميل ولا كشف

بيض الوجوه غداة الروع تحسبهم ... جنان عبس عليها البيض والزغف

لما التقينا كشفنا عن جماجمنا ... ليعلموا أننا بكر فينصرفوا

قالوا البقية والهندي يحصدهم ... ولا بقية إلا السيف فانكشفوا

لو أن كل معد كان شاركنا ... في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف

لما أمالوا إلى النشاب أيديهم ... ملنا ببيض فظل الهام يختطف

إذا عطفنا عليهم عطفة صبرت ... حتى تولت وكاد اليوم ينتصف

بطارق وبنو ملك مرازبة ... من الأعاجم في آذانها النطف

من كل مرجانة في البحر أحرزها ... تيارها ووقاها طينها الصدف

كأنما الآل في حافات جمعهم ... والبيض برق بدا في عارض يكف

ما في الخدود صدود عن سيوفهم ... ولا عن الطعن في اللبات منحرف

وقال الأعشى يلوم قيس بن مسعود:

أقيس بن مسعود بن قيس بن خالد ... وأنت أمرؤ ترجو شبابك وائل

أطورين في عام: غزاة ورحلة ... ألا ليت قيسا غرفته القوابل

لقد كان في شيبان لو كنت راضيا ... قباب وحي حلة وقنابل

ورجراجة تعشي النواظر فحمة ... وجرد على أكتافهن الرواحل

رحلت و تنظر وأنت عميدهم ... فلا يبلغني عنك ما أنت فاعل

وعريت من أهل ومال جمعته ... كما عريت مما تمر المغازل

شفى النفس قتلى لم توسد خدودها ... وسادا ولم تعضض عليها الأنامل

بعينيك يوم الحنو إذ صبحتهم ... كتائب موت لم تعقها العواذل

ولما بلغ كسرى خبر قيس بن مسعود إذ انسل إلى قومه، حبسه حتى مات في حبسه. وفيه يقول الأعشى:

وعريت من أهل ومال جمعته ... كما عريت مما تمر المغازل

وكتب لقيط الإيادي إلى بني شيبان في يوم ذي قار شعرا يقول في بعضه:

قوموا قياما على أمشاط أرجلكم ... ثم أفزعوا قد ينال الأمن من فزعا

وقلدوا أمركم لله دركم ... رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا

لا مترفا إن رخاء العيش ساعده ... ولا إذا عض مكروه به خشعا

ما زال يحلب هذا الدهر أشطره ... يكون متبعا طورا ومتبعا

حتى استمرت على شزر مريرته ... لا مستحكم الرأي لا قحما ولا ضرعا

وهذه الأبيات نظير قول عبد العزيز بن زرارة:

قد عشت في الدهر أطوارا على طرق ... شتى فصادفت منه اللين والفظعا

كلا بلوت فلا النعماء تبطرني ... ولا تخشعت من لأوائه جزعا

لا يملأ الأمر صدري قبل موقعه ... ولا أضيق به ذرعا إذا وقعا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير