مهرتةٌ فوهٌ كأن شدوقها ... شقوق العصي كالحاتٌ و بسل
فضج و ضجت بالبراح كأنها ... و إياه نوحٌ فوق علياء ثكل
و أغضى و أغضت و اتسى و اتست به ... مراميل عزاها و عزته مرمل
شكا و شكت ثم ارعوى بعد و ارعوت ... و للصبر إن لم ينفع الشكو أجمل
وفاء و فاءت بادراتٍ و كلها ... على نكظٍ مما يكاتم مجمل
أو الخشرم المبعوث حثحث دبره ... محابيض أرداهن سامٍ معسلٌ
و تشرب أسآري القطا الكدر بعدما ... سرت قرباً أحناؤها تتصلصل
هممت و همت و ابتدرنا و أسدكت ... وشمر مني فارطٌ متمهلٌ
فوليت عنها و هي تكبو لعقره ... يباشره منها ذقوقٌ وحوصل
كأن دغاها حجرتيه و حوله ... أضاميم من سفر القبائل نزل
توافين من شتى إليه فضمها ... كما ضم أذواد الأصاريم منهل
فغبت غشاشاً ثم مرت كأنها ... مع الصبح ركبٌ من أحاظة مجفل
و آلف وجه الأرض عند افتراشها ... بأهدأ تبنيهٍ سناس محل
و أعدل منحوضاً كأن فصوصه ... كعاب دحاها لاعبٌ فهي مثل
فإن تبتئس بالشنفرى أم قسطلٍ ... لما اغتبطت بالشنفرى قبل أطول
طريد جناياتٍ تياسرن لحمه ... عقيرته لأيها حم أول
تنام إذا ما نام يقظى عيونها ... حثاثاً إلى مكروهه يتغلغل
و إلف همومٍ ما تزال تعوده ... عياداً كحمى الربع أو هي أثقل
إذا وردت أصدرتها ثم إنها ... تثوب فتأتي من تحيت و من عل
فإما تريني كابنة الرمل ضاحياً ... على رقةٍ أحفى و لا أتنعل
فإني لمولى الصبر أجتاب بزه ... على مثل قلب السمع و الحزم أفعل
و أعدم أحياناً و أغنى و إنما ... ينال الغنى ذو البعدة المتبذل
فلا جزعٌ من خلةٍ متكشف ... و لا مرحٌ تحت الغنى أتخيل
و لا تزدهي الأجهال حلمي و لا ... أرى سؤولاً بأعقاب الأقاويل أنمل
و ليلة نحسٍ يصطفي القوس ربها ... و أقطعه اللاتي بها يتنبل
دعست على غطشٍ و بغشٍ و صحبتي ... سعارٌ و إرزيزٌ و وجرٌ و أفكل
فأيمت نسواناً و أيتمت إلدةً ... و عدت كما أبدأت و الليل أليل
و أصبح عني بالغميضاء جالساً ... فريقان مسؤولٌ و آخر يسأل
فقالوا: لقد هرت بليل كلابنا ... فقلنا أذنبٌ عس؟ أم عس فرغل
فلم يك إلا نبأةٌ ثم هومت ... فقلنا: قطاةٌ ريع أم ريع أجدل
فإن يك من جنٍ لأبرح طارقاً ... و إن يك إنساً ماكها الإنس تفعل
و يوم من الشعرى يذوب لعابه ... أفاعيه في رمضائه تتململ
نصبت له وجهي و لا، كن دونه ... و لا ستر إلا الأنحمي المرعبل
وضافٍ إذا طارت به الريح طيرت ... لبائد عن أعطافه ما ترجل
بعيدٍ بمس الدهن و الفلي عهده ... له عبسٌ عافٍ من الغسل محول
و خرقٍ كظهر الترس قفرٍ قطعته ... بعاملتين ظهره ليس يعمل
و يركدن بالآصال حولي كأنني ... من العصم أدمى ينتحي الكيح أعقل
ـ[ابو فهد 100]ــــــــ[27 - 01 - 2005, 08:17 م]ـ
بارك الله فيكم اخواني الكرام .. وما قصرتم وكفيتم .. فجزاكم الله كل خير ..
واعذروني على التأخر في الرد لضروفي ..
اخوكم ومحبكم
ابو فهد
ـ[ريكيلمي10]ــــــــ[21 - 12 - 2008, 12:19 م]ـ
شكرتم جزيلاً .......
ـ[شكير]ــــــــ[02 - 01 - 2009, 05:37 م]ـ
:::
المرجو منكم أيها الأحوة الكرام مد بد العون و التفضل بشرح و تفصيل ومعنى قصيدة المرحوم نزار القباني دري في الرسم:
يَضَعُ إبني ألوانه أَمامي
ويطلُبُ مني أن أرسمَ لهُ عُصْفُوراً ..
أغطُّ الفرشاةَ باللون الرماديّْ
وأرسُمُ له مربَّعاً عليه قِفْلٌ .. وقُضْبَانْ
يقولُ لي إبني، والدَهْشَةُ تملأ عينيْه:
" .. ولكنَّ هذا سِجْنٌ ..
ألا تعرفُ، يا أبي، كيف ترسُمُ عُصْفُوراً؟؟ "
أقول له: يا وَلَدي .. لا تُؤاخذني
فقد نسيتُ شكلَ العصافيرْ ...
2
يَضَعُ إبني عُلْبَةَ أقلامِهِ أمامي
ويطلُبُ منّي أن أرسمَ له بَحْراً ..
آخُذُ قَلَمَ الرصاصْ،
وأرسُمُ له دائرةً سَوْدَاءْ ..
يقولُ لي إبني:
"ولكنَّ هذه دائرةٌ سوداءُ، يا أبي ..
ألا تعرفُ أن ترسمَ بحراً؟
ثم ألا تعرفُ أن لونَ البحر أزْرَقْ؟ .. "
أقولُ له: يا وَلَدي.
كنتُ في زماني شاطراً في رَسْم البِحارْ
أما اليومَ .. فقد أخذُوا مني الصُنَّارةَ
وقاربَ الصيد ..
وَمَنَعُوني من الحوار مع اللون الأزرقْ ..
واصطيادِ سَمَكِ الحرّية.
3
يَضَعُ إبني كرّاسَةَ الرَسْم أمامي ..
ويطلبُ منّي أن أرسُمَ له سُنبُلَة قَمحْ.
أُمْسِكُ القلم ..
وأرسُمُ له مسدَّساً ..
يسخرُ إبني من جهلي في فنّ الرسمْ
ويقولُ مستغرباً:
ألا تعرف يا أبي الفرقَ بين السُنْبُلَةِ .. والمُسدَّسْ؟
أقولُ يا وَلَدي ..
كنتُ أعرف في الماضي شكْل السنبلَهْ
وشَكْلَ الرغيفْ
وشَكْلَ الوردَهْ ..
أما في هذا الزمن المعدنيّ
الذي انضمَّت فيه أشجارُ الغابة
إلى رجال الميليشْيَاتْ
وأصبحت فيه الوردةُ تلبس الملابسَ المُرقَّطَهْ ..
في زمن السنابلِ المسلَّحهْ
والعصافيرِ المسلَّحهْ
والديانةِ المسلّحهْ ..
فلا رغيفَ أشتريه ..
إلا وأجدُ في داخله مسدَّساً
ولا وردةً أقطفُها من الحقل
إلا وترفع سلاحَها في وجهي
ولا كتابَ أشتريه من المكتبهْ
إلا وينفجر بين أصابعي ...
4
يجلسُ إبني على طرف سريري
ويطلُبُ مني أن أسمعَهُ قصيدَهْ
تسْقُطُ مني دمعةٌ على الوسادَهْ
فيلتقطها مذهولاً .. ويقول:
" ولكنَّ هذه دمعةٌ، يا أبي، وليست قصيدَهْ".
أقولُ له:
عندما تكبُرُ يا وَلَدي ..
وتقرأُ ديوانَ الشعر العربيّْ
سوفَ تعرفُ أن الكلمةَ والدمعةَ شقيقتانْ
وأن القصيدةَ العربيّهْ ..
ليستْ سوى دمعةٍ تخرجُ من بين الأصابعْ ..
5
يضعُ إبني أقلامَهُ، وعلبةَ ألوانه أمامي
ويطلب منّي أن أرسمَ له وَطَناً ..
تهتزُّ الفرْشَاةُ في يدي ..
وأَسْقُطُ باكياً ...
¥