[الضرورة الشعرية!]
ـ[شاكر الغزي]ــــــــ[16 - 08 - 2006, 08:17 م]ـ
الضرورة الشعرية
هي التعديلات والتغييرات اللفظية غالباً التي يضطر الشاعر الى إجرائها حفاظاً على الوزن الشعري , وقد أجازوا ذلك للشاعر ولم يجيزوه للناثر , وذلك لمنزلة الشعر عندهم وسموه وتباينه عن النثر , إذ إن الشاعر يتقيد بوزن ٍ وقافيةٍ يضطرانه الى التلاعب في الألفاظ من أجلهما, في حين أن الناثر لا يوجد ما يبرر له لجوءه الى الضرورة , لأن الأصل في الكلام أن يأتي لفظه صحيحاً وسليماً , والضرورة هي شذوذ ٌٌ عن الجادة السليمة.
وهذا هو الشائع بين النقاد والأدباء باستثناء (ابن بري) فإنه يرى أن الضرورة يمكن أن تشمل السجع والفواصل.
ومن التعريف يتبين لك أن حدود الضرورة الشعرية هي الألفاظ ولا تتعداها الى غير ذلك مما يفعله المحدثون بحجة أنه من باب الضرورة الشعرية حيث جعلوها شماعة ً يعلقون عليها أسباب فشلهم وعجزهم ومحاولتهم ما لا يستطيعون وتطفلهم على ما ليس من حقهم.
وينبغي لنا أن نميز بين (العيب) و (الضرورة) , فالضرورة هي ما عرفناه , والعيب هو حدوث خلل ٍ في الوزن والقافية ولذلك كان علما العروض والقوافي من أجل استقامة الشعر وزناً وقافية ً , وكل ما خالف الوزن والقافية يعد عيباً ويضرب به عرض الجدار مثل الخروج عن الوزن أو استخدام زحافات وعلل غير واردة ٍ أو غير جائزة ٍ أو وجود عيب ٍ في القافية مثل الاقواء والإكفاء والإجازة وما شابهها , أو تعدد الاوزان أو القوافي غير ما أجازوه , وعليه يكون الشعر على أربعة أنواع ٍ من ناحية العيب والضرورة:
1 - الشعر الحاوي على العيب:
وهذا مرفوض ٌ جملة ً وتفصيلاً ويضرب به عرض الجدار.
2 - الشعر الخالي من العيب: وهو أحد ثلاثة أشكال ٍ:
اولاً: الخالي من الضرورة:
وهو أسمى اشكال النظم ويدل على قدرة الشاعر وتمكنه من الفاظه.
ثانياً: الحاوي على الضرورة القبيحة:
وهذا الشكل من النظم قبيح ٌ جداً ومبتذلٌ لانه دليلٌ على عجز الشاعر عن استبدال اللفظة
التي اضطر الى تعديلها واحجامه عن الاتيان بغيرها.
ثالثاً: الحاوي على الضرورة المقبولة أو المعتدلة:
وهي ما يجوز للشاعر ارتكابه بدون ادنى مؤاخذة ٍ علية , وهذا الشكل كثير الورود
والاستخدام في الشعر العربي , وهو المقصود على الاغلب بالضرورة الشعرية.
والضرورات الشعرية كثيرة جداً , وأشهرها عشر ضرورات جمعها الزمخشري في هذين البيتين:
ضرورة الشعر عشرٌ عدّ جملتها * قطعٌ ووصلٌ وتخفيفٌ وتشديدُ
مدّ ٌ وقصرٌ وإسكانٌ وتحركة ٌ * ومنعُ صرفٍ وصرفٌ تم ّ تعديدُ
غير ان الضرورات الواردة في أمثلة الشعر العربي , والشائعة الاستخدام أكثر من ذلك بكثير.
وعلى العموم , يمكن تقسيم الضرورات الى ثلاثة انواع:
أولاً: الضرورات المقبولة:
1 - قصر الممدود: وهو كثير الاستخدام وجائز حتى في الخطب والادعية وما شابه , ومثاله قول أبي نؤاس:
لا قلتُ شعراً ولا سمعتُ غناً * ولا جرى في مفاصلي السَكَرُ
فقد قصر (غناء) وجعلها (غنا).
وقول الشريف الرضي:
وا صريعاً عالج الموت بلا * شدّ لحيين ِ ولا مدّ ردا
فقد قصر (رداء) وجعلها (ردا) , وفي قصيدة الشريف الرضي هذه أمثلةٌ كثيرة وشواهدٌ على قصر الممدود , فيرجى الرجوع اليها لغرض الفائدة.
تنبيه< يجب على الشاعر أو المتعلم معرفة الممدود والمقصور (وهو احد موضوعات علم الصرف)
ليسنى له قصر الممدود والعكس كما سيأتي.
2 - صرف الممنوع من الصرف ومنع المصروف: ومثاله قول أمرئ القيس:
ولمّا دخلت الخدر خدر عنيزة ٍ * فقالت لك الويلات إنّك فاضحي
فقد صرف (عنيزة) مع انها ممنوعة من الصرف (للعلمية والتأنيث والختم بالتاء) , أو كقوله:
علونَ بأنطاكيّة ٍ فوق عجمة ٍ * كجرمة ِ نخل ٍ أو كجنّة يثرب ِ
فقد صرف (أنطاكية) مع انها ممنوعة من الصرف (للعجمة والتأنيث والعلمية).
وهذا كثير وأقل منه منع المصروف , ومثاله قول مقري الوحش:
والروض جامع ُ والازاهر ُ حولهُ * وقنادل ُ الإترنج لاحت في الغد ِ
فمنع (جامع) مع انها مصروفة ً.
تنبيه< يجب على الشاعر أو المتعلم معرفة الممنوع من الصرف (وهو احد موضوعات علم النحو)
ليسنى له صرف الممنوع ومنع المصروف.
¥