تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[مبادئ العروض الرقمي]

ـ[أبو بدر]ــــــــ[10 - 03 - 2006, 10:36 ص]ـ

مبادئ الرقمي

1 - تمهيد لا بد منه

أنصح للمشاركين الجدد حتى من يتقن منهم التفاعيل بالمشاركة حسب الترتيب التالي من أجل التمكن من الإحساس بدلالة الأرقام.

كثر من الشعراء لا يحتاجون العروض لوزن الشعر، ولكن دراسة العروض بالأسلوب الرقمي مفيدة في سوى وزن الشعر من أبواب يفتح هذا الأسلوب بعضها لأول مرة. ثم إن فيه متعة فكرية لجهة محاولة وضع التفاصيل في إطار كلي والنفاذ من خلال اختلافات تجسيد الأسلوب التفعيلي الجميل إلى كلية وشمولية تجريد فكر الخليل.

وهنا خلاصة ما دار من حوار على مراحل مع صديق

قال: كل الذي قرأته لغاية الآن من البديهيات. فما أراك جئت بجديد.

قلت: نعم هو كذلك ولن تجد فيه غير البديهيات.

قال: فما ضرورته؟

قلت: لعلك لو اطلعت عليه أكثر لرأيت أنه يؤدي إلى تكوين تصور شامل للعروض انطلاقا من هذه البديهيات. ثم النظر إلى الجزئيات من خلاله. وهاتان سمتا العملية الفكرية.

قال: ما فتئت تذكر لي الشمولية والتفكير حتى ليخيل إلي أنهما مقصدك الذي لا يعدو تقديمُ العروض الرقمي أن يكون وسيلة إيضاح لهما.

قلت: هو ذاك ولا أقول هما، فالشمولية سمة التفكير ونصيب أي تفكير من الشمولية في مجاله هو مقياس استحقاقه لاسمه.

قال:: أهذا ما تعنيه من قولك إن العروض الرقمي رسالة فكرية؟

قلت: نعم. فلو نظرت إلى ما هو أهم من العروض من أمور لا يتسع المجال لذكرها هنا لوجدت أن التخبط فيها يعود إلى الانطلاق من الجزئيات.

قال: ولكن الإحاطة بالجزئيات أسهل. ثم إن البناء لا يتم إلا طوبة طوبة كما يقولون.

قلت:

أولا: هنا ما يشبه المغالطة فثمة فرق بين المادي والفكري. فالمادي بحكم تكونه من أجزاء لا يتم إلا تدريجيا، وقد يتم بعضه ولا يتم البعض الآخر بخلاف تصوره فأنت تتصور المبنى كله ولكن تنفذه تدريجيا. أما الفكري شأنه كتصور البناء فإنه يدرك أو لا يدرك. وهذا لا ينفي التدرج في استيعابه ولكن كل ما لك أن تعتبره جزئيا على طريق الاستيعاب يؤكد أنه جزء من كل لا يتم إلا بتكامله مع باقي الأجزاء، فيؤكد في دماغ صاحبه أهمية النهج الكلي ويحول دون تحول التجزِيء إلى غاية تحول دون الإدراك الكلي.

وثانيا: لعل إدراك جزئية من أمر ما في إطارها الجزئي الخاص سهل. ولكن الإدراك أصعب على مستوى الإحاطة بكامل الأمر. بل إن نهج التجزِيء بتوكيده على الغائيّة الخاصة لكل جزئية يترك في دماغ صاحبه أثرا تجزيئيا يحول دون تكون صورة كلية لديه. بل ويجعل من صاحبه خصما للنهج الشامل. فهو يمضي في جزئياته موهما نفسه أنه بذلك يبني الكل تدريجيا، ولو استمر كذلك دهرا فلن يصل. أنّى يصل وهو يضحي بالشمولية في كل مرحلة جزئية على طريقه الذي يراه تكامليا.

قال: ألا يحصل مثل ذلك للجزئيات في منهجك؟ أعني ألا تضحي بالجزئيات وخصائصها في سبيل تحقيق ما تراه نهجا فكريا شموليا.

قلت: كلا. فتكوين فكرة كلية عن أمر ما يجعل من وضوح جزئيات ذلك الأمر تحصيل حاصل.

قال: وإن لم يحصل ذلك؟

قلت: يكون الخطأ عندئذ في تكوين الصورة الكلية. فتعاد مراجعتها ثم يقاس مدى صحتها بتقديمها تصورا وحلولا للجزئيات. ألا ترى أن التفكير الكلي بذلك يعطي للجزئيات أهميتها حين يقبل أن يقاس نجاحه بمدى إحاطة إطاره بها.

قال: كأني أقرأ بين سطورك كلاما.

قلت: من يتعود التفكير الكلي في الرقمي فإنه جدير بتطبيقه في المجالات الأخرى. وهذه هي الرسالة الفكرية للعروض الرقمي التي يطمح من يؤديها وينقلها إلى سواه بالمثوبة من الله عز وجل خاصة إن فعل ذلك على بصيرة، وهي القمينة بفكر الخليل أحد أعظم عباقرة الأمة. وشرفٌ للخليل وأجرٌ دائم له بإذن الله أن يكون عروضه وسيلة إيضاح على هذا الطريق القويم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير