الأخفش هل تدارك المحدث حقاً؟!
ـ[الحازبي]ــــــــ[29 - 05 - 2006, 12:31 م]ـ
"ذهب كثيراً ممن ألفوا في علم العروض،إلى أن الأخفش الأوسط ((أبو الحسن سعيد بن مسعد)) زاد بحراً واحداً، على بحور الخيل بن أحمد سماه: المحدث، أو المتدارك،أو الخبب .. إلخ. وهذه المقولة غير صحيحة إذ أن الخيل بن أحمد، كان على علم بالمتدارك، ولكنه رفضه.
لأنه بحر سوقي لايحتاج إلى موهبة فنية. يقول ابن القطاع: ((ولم يجزه الخليل، ودفعه مرة واحدة)).والرفض لايكون لشئ مجهول ـ بل لشئ معلوم معروف.
وأمر آخر نقول: لو أن الأخفش تدارك هذا البحر على الخليل،لذكره في كتابه العروض،ولكنه أهمله، ولم يشر إليه، لا من قريب، ولا من بعيد.
ومما يؤيد ماذهبنا إليه أن الخليل بن أحمد قد ألف قصيدة على ((فعلن فعلن))
ثلاث متحركات وساكن،وله قصيدة اخرى على ((فعلن فعلن)) متحرك وساكن.
وهذه التفعيلات هي تفعيلات بحر المتدارك،مما يجعلنا ننفي أن يكون هذا البحر قد استدرك عليه. " (*)
_____
كتاب الكافي في علم العروض والقوافي
ـ[وارش بن ريطة]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 06:06 م]ـ
الأخ الحازبي الله يحييك.
المعلوم أن الخليل رحمه الله هو مكتشف العروض، ثم قيل ما قيل عن المتدارك، فإن كان الخليل عرفه وأهمله فهو للخليل، وإن كان الأخفش تداركه فهو للخليل أيضا لأنه ليس خارجا على عروض الخليل، والبحور المستحدثة والمهملة جميعها هي أيضا بحور الخليل، لأنها مشتقة من دوائر الخليل، نعم، يشرّف الخليل أن شعر التفعيلة ليس من بحوره وإن التزم تفعيلاته، كما يزيده شرفا أن دعاة الشعر الحر أو الحديث أو النثري أو المنثور قد ثاروا عليه وخرجوا عن بحوره، حتى لا يتحمل أوزارهم وأوضارهم. فالخلاف على البحر المحدث ومن أحدثه أو استدركه ليس أمرا ذا بال، وللمحققين أن يتأكدوا من أجل الحقيقة.
يروى أن الخليل كان في مكة في موسم الحج فدعا الله أن يرزقه علما لا يرزقه لغيره، مع أنه عالم اللغة الأكبر وأستاذ سيبويه، وعالم في الموسيقا والرياضيات وغيرها، ففتح الله علية بعلم العروض، ولذلك نجد كل علم يبدأ صغيرا ثم ينمو ويتطور إلا العروض، فقد ولد مكتملا تقريبا، ولم يضف إليه كل من أتى بعده إلى اليوم إلا القليل. وحتى هذه الحكاية يشكون فيها، ولا ضير، فهي لا تقدم ولا تؤخر، ولكن مما يرجحها عندي أن التاريخ يروي للخليل سيرة نقية نظيفة، ولذلك وضعه المعري في الجنة في رسالة الغفران احتراما لسيرته الطيبة، وقد قيل إن الخليل كان يعيش في كوخ في البصرة، وكان تلاميذه ينعمون بالمال والقصور والعز من علمه. ومن هنا فهما ابتدع المبتدعون ضمن عروض الخليل فهم ليسوا بمبتدعين، وما ابتدعوه سينسب إلى الخليل وبحوره. والأبيات التي تروى للخليل تروى أيضا لسيدنا علي كرم الله وجهه. وأظن قصة الأبيات مصنوعة، فيروى ـ وأنا أروي من ذاكرتي فمراجعي غائبة ـ أن سيدنا عليا كان يسير مع جماعة فسمعوا جرس كنيسة فسألوه ما يقول هذا الناقوس فقال: إنه يقول: إن الدنيا قد غرتنا ***** واستهوتنا واستلهتنا ... ويبدو الوضع على القصة. وأرجو أن يكون للحديث صلة إن شاء الله ..
ـ[الحازبي]ــــــــ[31 - 05 - 2006, 07:51 م]ـ
جل الشكر لك اخي على التعليق والتفاعل الشيق
لا أقول إلا كفيت ووفيت
ـ[د. عمر خلوف]ــــــــ[19 - 10 - 2009, 03:10 م]ـ
كتب الأستاذ العروضي سليمان أبو ستة:
في قضية نسبة المتدارك للأخفش
مع أن ظهور "كتاب في العروض" لأبي الحسن العروضي (ت 342 هـ) يقدم أساسا توثيقيا لا يقبل الجدل في حصر إثبات نسبة استدراك هذا البحر خالصة له، إلا أن ما يثير العجب في أمر هذه النسبة أنها ظلت حتى اليوم لصيقة بالأخفش على الرغم من تأخر إعلانها على هذا النحو الواضح حتى القرن السادس الهجري.
فقد رصد الدكتور محمد عبد المجيد الطويل أول ظهور لهذا الإعلان في كتاب "الدر النضيد في شرح القصيد" لابن واصل الحموي (ت 697 هـ) الذي لم يذكر مصدرا استقى منه كلامه. أما الدكتور عمر خلوف فقد لاحظ في هامش كتاب" الإقناع في العروض" للصاحب بن عباد في النسخة التي حققها الشيخ محمد حسن آل ياسين عبارة أثبتها الناسخ بتاريخ 569 هـ تشير إلى أن عدد البحور عند الخليل خمسة عشر، (وستة عشر بحرا على رأي الأخفش النحوي)، وعلق بقوله: "ثم ترددت هذه النسبة بعد ذلك في المصادر الأخرى حتى أصبحت من المسلمات العروضية".
لكن يبدو لي أن هذا النسبة احتاجت إلى ما يقرب من القرنين من الزمان قبل أن تصبح من المسلمات العروضية، فقد أشار الدكتور الطويل إلى أن الأسنوي (ت 772 هـ) لم يوافق ابن واصل على ما ذكر، ملاحظا إلى أن هذه النسبة لم تستقر إلا عند الدماميني (ت 827 هـ) واللاحقين له.
كل هذا ولا سند بين أيدينا يؤكد هذه النسبة كما يؤكدها كتاب أبي الحسن العروضي الذي مني بسوء الحظ منذ القدم فلم ينقل عنه أحد هذه النسبة لتشيع بين الناس كما شاعت أسطورة تدارك الأخفش لهذا البحر. وهكذا نرى أن القاعدة التي تسري في الاقتصاد من أن العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة من السوق تسري أيضا على التراث الفكري للأمم.
ومؤخرا وقعت على كتاب "دروس العروض" لابن الدهان النحوي (ت 569 هـ) ذكر في موضع منه بحر الشقيق قائلا إن الأخفش تفرد به. وفي موضع آخر قال: "وزاد الأخفش الشقيق" وعن دائرة المتفق قال أيضا: "ولها عند الأخفش بحران: المتقارب والشقيق ".
ولا سند لهذا الكلام عند ابن الدهان أيضا، ولكنه أيضا لا يزال يتعامل بالعملة الرديئة.
الذي يثير العجب في كتاب ابن الدهان هذا أنه نقل كلاما كثيرا زعم أنه مأخوذ من كتاب أبي الحسن العروضي، فإذن لمَ لم ينقل عنه استدراكه بحر الغريب الذي لم يذكره الأخفش؟! ويزول عجبك عندما تحقق في كل هذه النقولات المنسوبة في كتابه إلى أبي الحسن العروضي فتجدها زائفة النسبة، غير أن عجبك يزداد عندما تجد محقق الكتاب اثبت ضمن مصادر تحقيقه كتاب أبي الحسن العروضي دون أن يعمل بأبسط مبادئ التحقيق وهي التحقق من نسبة النقولات الواردة في الكتاب المحقق وذلك من بين المصادر التي وقعت بين يديه.
¥