وأنا أعتقد أن (لمّا) تكتب بالالف وليس (لمّ)، والبيتان من مجزوء الرجز المقطوع:
لمّا قضى
خيرُ الورى **** والموتُ قد
وافاه ُ مستفعلن
مستفعلن **** مستفعلن
مستفعل ْ ناحت عليـ
ـه ِ في السما **** ء ِ أنْبيا
ءُ الله ُ مستفعلن
مفاعلن **** مفاعلن
مستفعل ْ
وأخيراً: أود أن أشير الى أن العرب جعلت القوافي في الشعر لأجل التغني ولأننا نعتقد أن الشعر نشأ من الغناء لذلك فالغناء هو مضمار الشعر ومدار تقييمه، قال حسان:
تغنّ بالشعر إمّا كنت قائلهُ إنّ الغناء لهذا الشعر مضمار ُ
ولذلك مدّوا حركة الحرف الاخير والمسمى بـ (الروي) حتى تولد منها حرف جديد أسموه بـ (الوصل) وزادوا الف الاطلاق وهاء الوصل كل ذلك من اجل التغني بالشعر والترنم به وأكثر ما يكون ترنمهم في آخر البيت كما يقول الاخفش.
واعلم أن حركة الروي في علم القوافي تسمى (المجرى) وهي ضمته أوفتحته أو كسرته ويجب التزامها وعدم الجمع بين الحركات لأنه من العيوب ويسمى هذا العيب (الاقواء) وهو الجمع بين الرفع والجر ّ في القصيدة الواحدة ومنه قول امريء القيس:
أحنظلَ لو حاميتمُ وصبرتمُ لأثنيتُ خيراً صادقاً ولأرضاني
ثيابُ بني عوف ٍ طهارى نقيّة ٌ وأوجههم بيضُ المشاهد ِ غرانُ
ولشدة هذا العيب زعم الاخفش أن الابيات مقيدة بالسكون (لأرضانْ، غرانْ) واخترع ضرباً رابعًا للطويل لأجل ذلك هو (مفاعيلْ) لأنه أبى أن يجعل امريء القيس يقوي في شعره.
ومنه أيضاً قول النابغة الذبياني – وكان كثيراً ما يقوي في شعره -:
سقط النصيف ولم تردْ إسقاطهُ فتناولته وإتقتنا باليد ِ
بمخضّب ٍ رخص ٍ كأنّ بنانهُ عنمٌ يكاد من اللطافة ِ يعقد ُ
وقال عنه الاخفش: (وكل بيت منه شعرٌ على حياله ِ)، فترى أنهم جعلوا كل بيت شعراً مستقلاً ولم يجيزوا الجمع بين الحركتين وكذلك لم يجيزوا نصب المرفوع أو رفع المجرور أو جر المنصوب أو ما الى ذلك لأنه ما اليه سبيل.
وتجدر الاشارة الى أن ما ورد في الشعر العربي من مخالفة لقواعد اللغة العربية فهو مما له تأويل وتخريج وله اصل يرد اليه – وهذا رأينا الشخصي فيما يتعلق بالضرورات- واعلم ان الشعراء بامكانهم القول غير ذلك ولكنهم لم يقولوه، يُروى أن الفرزدق حين مَدَحَ يزيد بن عبد الملك بالشعر الذي منه قوله:
مستقبلين شَمالَ الشَّأمِ تضربنا بحاصبٍ كنديف القطن منثورِ
على عمائمنا يُلْقى وأرحُلُنا على زواحف تُزْجى مخُّها ريرِ
قال ابن أبي إسحاق: « أسأت، إنما هي « ريرُ » وكذلك قياس النحو في هَذا الموضع ». فيُروى أنه لما بلغ الفرزدقَ اعتراضُ عبد الله بن أبي إسحاق عَلَيه قال: «أما وجد هَذا المنتفخُ الخُصْيَيْن لبيتي مخرجاً في العربية؟ أما إني لو أشاء لقلت: عَلَى زواحف نُزْجِيها محاسِيرِ، ولكنني لا أقوله!! ».
وفي ما قال الفرزدق حين قال:
إليك أميرَ المؤمنين رَمَت بنا همومُ المنى والهَوْجَلُ المتعسِّفُ
وعَضُّ زمانٍ يا ابن مروان لم يَدَعْ من المالِ إلا مُسْحَتاً أو مُجَلَّّّفُ
وقال له ابن أبي إسحاق: « بم رفعت مُجلَّف؟ » فقال:
« بما يسوؤُك وينوؤُك! علينا أن نقول وعليكم أن تتأوَّلوا ».
وليس هذه دعوة الى التمادي على القواعد اللغوية، ولكن لدى الشعراء مخارج وتأويلات لأبياتهم الشعرية ولها أصول في اللغة العربية، وانما أتوا بها تحدياً لعلماء النحو في ذلك الوقت، ولا تنكر الخلافات التي كانت شائعة بين الشعراء والنحويين في تلك الفترة، ولذلك كانوا يجيبونهم بتلك اللهجة القاسية، لأنهم علماء
ومهمتهم أن يعرفوا ذلك ويفسروه للناس لا أن يسألوا وانما السؤال للجاهل بتلك القواعد.
ـ[ضاد]ــــــــ[01 - 08 - 2006, 12:45 م]ـ
لي سؤال يخامرني منذ مدة:
هل الاستشهاد ببيت قاله واحد من العرب يعدّ إثباتا لضرورة شعرية؟ ألا يمكن أن يكون هذا الواحد أخطأ في النظم؟ لأنه إذا كان الأمر كذلك فهناك قصيدة كاملة يعدها البعض من المعلقات مليئة من مطلعها إلى منتهاها بالأخطاء وهي معلقة عبيد بن الأبرص, فلماذا لا نعتبرها ضرورة ونأخذ بها مثلما يفعل الكثير؟
آمل من الخبراء أن يجيبوني عن سؤالي.
ـ[شاكر الغزي]ــــــــ[02 - 08 - 2006, 07:18 م]ـ
اخي الكريم نحن نتبادل الاراء وننقل اقوال غيرنا
وربما نصرح بما في انفسنا من اراء تكونت نتيجة القراءة
او الاطلاع وليس معنى هذا ان يهاجم بعضنا بعضا كما فعل الاخ ابو تمام
في غير موضوع
ـ[ضاد]ــــــــ[02 - 08 - 2006, 08:09 م]ـ
اخي الكريم نحن نتبادل الاراء وننقل اقوال غيرنا
وربما نصرح بما في انفسنا من اراء تكونت نتيجة القراءة
او الاطلاع وليس معنى هذا ان يهاجم بعضنا بعضا كما فعل الاخ ابو تمام
في غير موضوع
وهل في سؤالي أي هجوم على أحد؟ إنما هو سؤال طرحته نتيجة للموضوع وأريد به الاستزادة من العلم, لا غير!
¥