قصف غزّة
ـ[سعد حمدان الغامدي]ــــــــ[31 - 12 - 2008, 02:32 ص]ـ
ألا، فاحزن إذا ما جدّ قصْفٌ = فإنّا حالُنا دوما هباءُ
مصيرُ العُرْبِ فُرقى معْ هلاك = لأنّ الجهلَ ما رغبوا وشاؤوا
وقد سكتوا زمانا عن لصوص = أضاعوا حقّهمْ، وهمُ غثاءُ
ولم يُعنوا بعلم أو حقوق = وما قشعوا ظلاما أو أضاؤوا
ولم يبنوا سلاحا أو جيوشا = لتنصرَهم ويَزْكو ذا البناءُ
ويُصرَف مالُهم في كلِّ جُحْرٍ = به خِزيٌ، ولا يُرجى نماءُ
حنوا رأسًا لِمُرِّ الظُّلم جُبنا = فما فازتْ رجالٌ أو نِساءُ
وكم خانو جهادا في قديم = وما كانت لهم هِمَمٌ تُضاء
أضاعوا مجدَ قائدِهم رسولٍ = كريمٍ، وَهْجُ سُنّتِه الْمَضاءُ
وأجلى من صياصيهم يهودا = فما رفعوا بها رأسا، وماؤوا
وأسقاهم كؤوسَ الموتِ غصْبا = وأركسهم إذا حلّ القضاءُ
جعلنا سنّةَ المختارِ دَبْرا = وأسكنّا يهودا حيث شاؤوا
وكم خدعوا نبيا مثل موسى = وكم قتلوا رسولا أو أساؤوا
وكم نقضوا عهودا من إله = وخانوها، وليس لهم حياءُ
وظنوا شعبهم شعبا شريفا = وأن الناس دونهم فساؤوا
وكلُّ الناسِ خالقُها إلهٌ = إذا ما شاء أنهضهم ففاءوا
وما علموا بأن الحقَّ يبقى = بقاءَ العدْلِ ما دامت سماءُ
وأنّ مصيرَهم قد سطّروه = على أجسادنا: دمعٌ دماءُ
ولن يلقوا بقصفِهمُ سلاما = بلِ الثاراتُ يغذوها دعاءُ
لقد جاروا وسامونا خسوفا = وغالوا القُدسَ والشكْوى عَماءُ
لكم بكَتِ العيون لأجل قدس = وما نفع التنهّدُ والبكاءُ
أنبكي قدسَنا والعُرْبُ سكرى = بخمر الغَرْب، ما فيهم رجاءُ
وليس القدسُ أوّلَ ما أضعنا = وليس القدسُ يرجعُها الذّكاء
وآخرها عراق قد تهاوى = فأحياءٌ وأمواتٌ سواءُ
وليست غزّةٌ ترجو بكاءً = ولكنْ هَبَّةً، ولها سناءُ
وترجو أن نُبادِرَ في سَخاء = إلى موتٍ ولا يُرجى بقاءُ
وما قد ضرّ أن تفنى شعوب = وما قد ضرّ إنْ حَلَّ الشّقاءُ
يموج الموتُ فينا كلَّ يومٍ = وآخرُ هذه الدنيا فناءُ
وإن الموتَ في أمرٍ عظيم = مرادُ الشهم يكسوه النّقاءُ
جيوشُ الشرّ تطلبنا حثيثا = وربُّ الكون يَقْسِمُ ما يشاءُ
وقد ضقنا بذي الدنيا حياةً = تَمَتَّعَ ظالمٌ، وخبا هَناءُ
وضاقت دون همّتنا دروبٌ = وغابت في مسالكنا ذُكاءُ
نموت لأجلِ أطماعٍ صِغارٍ = ونخشى الموتَ إن نادى إِباءُ
فلم نكسب بموتتنا خلودا = ومكسبُنا بخَشْيتِنا هواء
وأصبحنا بلا شرفٍ وهُنّا = إذا ما جار غربٌ أو أفاؤوا
أبحنا أرضنا وحِمَى سمانا = لأعداءٍ، وجندُهُمُ بُغاءُُ
ونفرحُ أن يقاتلَنا قريبٌ = فنسرفُ في دماء ما نشاءُ
ولكن أن نحاميَ عن حمانا = وننصرَ دينَنا ولنا العطاءُ
فعدّ القولَ عنها، قد شُغلنا = بلذّاتٍ، وضيّعنا الغباءُ
إلهي قد خذلْنا خيرَ ناس = فغفرانا، وينقصنا وفاءُ
فهيئ أمرَ رُشْدٍ كي يحاموا = عن الضعفاء ما بقي العَناءُ
إذا هزمت حماسٌ ذاتَ يومٍ = فكم هُزِمَ الكرامُ وما تناءوا
سيبقى رمزُ عِزَّتِهم طويلا = مثارَ الفَخْرِ إنْ نادى نداءُ
ويبقى صبرُهم بحرًا عطاءً = لمن يسمو إذا عَمَّ البلاءُ
(هنيّةُ) سوف تبقى في قلوب = يجانبها خنوع أو بِغاء
عظيما فوق أكتاف الثُّرَيّا = شريفا عِرْضُهُ نُوْرٌ صَفاءُ
فأنتم آخرُ الشرفاء حقّا = وآخرُ من يحقُّ لهم ثناءُ
ويخزى بعضُ أوباش تنادوا = لِسِلْمٍ، أسُّ لُحْمتِهِ هُراءُ
فما ربحوا مع صهيونَ خيرا = وليس لهم مقامٌ أو بهاء
سيبقى عارُ غدرِهم شنارا = يجللهم، وقدرهمُ حِذاءُ
وأعجبُ أن نكون بلا خلاق = ودينٍ، ثمَّ لم تسقطْ سماءُ
نقاتلُ بعضَنا أُسْدا نُمورا = وإنْ هجم اليهودُ لنا ثُغاءُ
خسرنا كلّ شيء إذْ جَبُنّا = وفوق الخُسْرِ لم تسلَمْ دماءُ
ـ[عسلوج]ــــــــ[31 - 12 - 2008, 02:57 ص]ـ
أيُّ سحابة أمطرتك يا غيثنا
((ضياع المسلمين بين العرب المستهودين واليهود المستعربين))
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[31 - 12 - 2008, 05:01 ص]ـ
ما أروع ما خطت أناملك المبدعة أخي سعداً، معانٍ رائعة، شاعرية متدفقة، رصف ووصف ونقد ودقة.
بوركت وفقك الله
هل من مزيد؟
ـ[سعد حمدان الغامدي]ــــــــ[31 - 12 - 2008, 01:55 م]ـ
أيُّ سحابة أمطرتك يا غيثنا
((ضياع المسلمين بين العرب المستهودين واليهود المستعربين))
شكرا أخي عسلوج على المرور، وإن كنت غيثا كما تقول فلعلي جئت من جبال السراة الشامخات الممتدة عبر الجزيرة حرسها الله من أول بلاد العرب العاربة إلى آخر بلاد العرب المستعربة، حيث اشتعال حماس اللغة وحماس الحميّة وحيث الكون الشعري ينصب خيمة من خيامه المنتشرة من المحيط إلى الخليج. دمت موفقا.:; allh
ـ[سامح]ــــــــ[31 - 12 - 2008, 06:42 م]ـ
.
أبياتُك تدفقت , فوصفت الحال
شكراً لك
.
ـ[ذات النطاقين]ــــــــ[03 - 01 - 2009, 02:17 ص]ـ
وليست غزّةٌ ترجو بكاءً ** ولكنْ هَبَّةً، ولها سناءُ
وترجو أن نُبادِرَ في سَخاء ** إلى موتٍ ولا يُرجى بقاءُ
لا فض فوك أخي .. أصبت عين ما تريد غزة ..
(هنيّةُ) سوف تبقى في قلوب ** يجانبها خنوع أو بِغاء
عظيما فوق أكتاف الثُّرَيّا ** شريفا عِرْضُهُ نُوْرٌ صَفاءُ
فأنتم آخرُ الشرفاء حقّا ** وآخرُ من يحقُّ لهم ثناءُ
لا أسكت الله لك صوتاً .. أثنيت على كريم يا كريم ..
سيبقى عارُ غدرِهم شنارا ** يجللهم، وقدرهمُ حِذاءُ
أي والله صدقت ..
¥