كلماتٌ كتبتها لها ...
ـ[ابنُ الربيعِ الحلبيّ]ــــــــ[04 - 03 - 2009, 07:06 ص]ـ
كلماتٌ كتبتها لها ... بل لنا الذين ندعى بشرا
منذ حدّثَتْني كتابةً- بعد انعقاد المراسلة بيني وبينها, عن سبب طلاقها, وإقلاعها عن التفكير بالزواج لما رأته من ذاك الذي كان زوجَها, وصادفَ ذلك إضرابًا مستحكِمًا في قلبي عن الاقتراب من النساء, كلِّ النساء, لأسباب كثيرة ليست خافيةً على صاحب فكر ونظر في معظم نساء هذا الزمان- وأنا أحاول أن أغوص في أعماق هذا الموضوع؛ علاقةِ الرجل بالمرأة, كيف يجب أن تكون؟ وما أشكالها إنْ تعدّدت؟ وأسئلةٌ من هذا القبيل كثيرةٌ.
كان هدفي من التساؤل إيجادَ الحلول لما يمكن أن يعيد الحياة لتلك العلاقة التي مازال معظم البشر يشوّهونها؛ كلٌّ بحسب طاقته, سواءٌ في ذلك الذكرُ منهم والأنثى, وكأنّ المنادين بالمساواة بين الرجل والمرأة أرادوا هذه المساواة, المساواةَ في تشويه كلّ الحياة والانتقالَ بها من طور البشريّة إلى طورٍ آخر, لأنّ الطريقة التي شرعها الله لتلك العلاقة لم تَرُقْ لحيوانيّتهم, وليس هذا مقامَ الحديث عن المساواة بين الرجل والمرأة في المذاهب التي تُدعى فكريّةً, ومقارنتَها بما جاء في القرآن الكريم أو الحديث الشريف, لأنّ التعرّض لهذا الأمر بات كالتعرّض لحقل ألغامٍ زرعتها مجموعة من أحمق الخلق وتابعهم على ذلك أقوام يزدادون حمقًا في كلّ يومٍ ازديادًا.
إنّها علاقة قائمة على حاجةٍ مغروزة في كلٍّ طرفٍ من الطرفين للآخر, لا ينكر ذلك عاقل فاضلٌ, ولا حرّة شريفة. ولا يدّعي أحدٌ؛ ذكرٌ كان أو أنثى استغناءه - دون سبب- عن إلفٍ تسكن به نفسه وتطمئنّ إليه جوارحه, إلاّ كان ادّعاؤه مخالفةً لما طبعه الله عليه, واستخفافًا بما أراده الله منه وأمره به من غضٍّ للبصر و حفظٍ للفرج.
والعجبُ, كلُّ العجب ممّن يطمح بنفسه إلى اللهْو والعبث, وفي ظنّه أنّ من حقّه أنْ يراعي كونَه شابًّا ولا يكون ذلك – ظَنَّ- إلاّ إذا غرّر بعدّة فتيات, أو لنقل: إلاّ إذا اختبر منهنّ بعضهنّ أو كلّهنّ إن استطاع, ثمّ يختار بعدُ ما يناسبه منهنّ أو مَنْ تناسبه.
وأعجبُ منه أن تقوم فتاة بمثل ذلك, وهل تقوم بذلك إلاّ فتاةٌ ذاهبة العفّة؟! وهل يبقى من الفتاة شيءٌ إذا ذهبتْ عفّتها؟! وهل تصنعُ إلاّ العفيفاتُ الرجالَ؟! ثمّ هل يبقى مجتمعٌ ذهبت عنه عفّةُ صانعات الرجال؟! وليت شعري كيف يطالب الآباء أبناءهم باحترامهم, وكيف تطالب الأمّهات بناتهنّ؟!
ذلك, ونحن نرى تفكّك الكثير من الأسر رغم أنّ الآباء والأمّهات فيها لم يصابوا بما أصيب به أبناؤهم من تأثير وسائل الاتّصالات, فكيف بأبنائهم المصابين, وهم يتولّون تربية الجيل الذي يأتي بعدُ؟! ... كيف يطمئنّ شابٌّ لفتاة, لا تحترم أبويها بدعوى عدم تَحضُّرِهما, كيف يطمئنّ أنْ تربّي أبناءه فضلاً عن أن تُسْعده وتَسعدَ معه؟ بل كيف تلقي فتاةٌ بنفسها في أحضان شابٍّ لم يأتِ هذا الأمر (أعني العلاقة بين الرجل والمرأة) من مأتاه؟!
ومازال في البشر من يعرف كلمة "حبّ" ... ,
ومازال في البشر شيءٌ من "الحبّ" ... ,
كيف لا ومازال الحبّ يضخّ في قلوبهم دماء الحياة,
مع ملاحظة أنّه حبٌّ على الطريقة الجديدة, وما أدراك ما الطريقة الجديدة! ثمّ ما أدراك ما العواقب التي تنتظر هذه الأمّة من تطوّر الطريقة الجديدة للحبّ, أو لما يسمّى حبًّا. معاذ اللهِ أنْ يكون الحبّ لهوًا, أو أنْ يكون الصدقُ لهوا.
أصبحت هذه الفوضى مصدرَ رزقٍ لفئة من الناس, وهؤلاء هم الذين يُدعَوْن اليوم: الفنّانين؛ على اختلاف أنواع الفنون التي يفتنّون فيها. ثمّ أصبح هؤلاء مصدر إلهام لمن لم يكن مُجيدًا للحبّ على الطريقة الجديدة, فبتنا نرى العجب في الشوارع وفي أماكن لا نتوقّعها لأنها تحوي المثقّفين, عذرًا, إنّها تحوي أشخاصًا متحضّرين, وهؤلاء يحقّ لهم أن يحبّوا على الطريقة الجديدة, وأنْ يُهينوا أعين الناسّ على الطريقة الجديدة, وأنْ يصرخوا في وجه الغاصبين لأراضينا قائلين: انتظرونا .... إنتظرونا؛ فنحنُ نستعدّ لحربكم على الطريقة الجديدة, الطريقةِ التي صدّرتموها إلينا, أو لنقل: التي جاهدتم أعوامًا بل قرونًا لتُشيعوها في أشرف بقاع الأرض فلم تفلحوا, إلى أن جاء الجيلُ العربيّ الذي سيخلّص الأمّة العربيّة ممّا استعصى عليكم. نعمْ, فقد وجدنا أفضل طريقة للانتصار عليكم, يا أعداء العرب, هي أنْ نُقلّدكم في عاداتكم الجديدة, وفي لباسكم الجديد, وفي كتابكم الجديد (العولمة) , وفي أخلاقكم المقدّسة الجديدة, وفي عيد حبّكم الجديد, وإذا اعترض علينا, في تقليدنا الأعمى لكم, معترضٌ فَتُهَمُ التخلّف والرجعيّة والتعصّب وما شابهها جاهزةٌ جاهزة.
آلافٌ مؤلّفةٌ من المنظّرين يصرخون في وجه هذا الواقع المؤلم: أنْ يكفي, ويحاولون توعية الشبّان والشابّات لأنْ يتوقّفوا عن هذه الفوضى, وأنْ تكون نظرتهم أبعد من لذّة ساعةٍ بين يدي المحبوب على الطريقة الجديدة, لكنّ أغنيّة واحدةً مهما كانت الألفاظ المستعملة فيها رخيصة, تنقض عمل تلك الآلاف من الذين يدركون تمامًا أنّ ضياع الشباب ضياعٌ للأمّة, فكيف إذا كان الشباب الضائع هذا سيتولّى عمّا قريب صناعة جيل أو أجيال و أجيال أُخرى؟ أجيالٍ مسحورة بلباس هذه المغنّية وتلك, أو هذا الممثّل أو ذاك, أو لنقل: مسحورة بتعرّي هذه أو ذاك. أجيال لا تعي أنّ هؤلاء الفنّانين يسخرون من بؤسهم ثم يقبضون ثمن سخريتهم وينشئون بهذا الثمن سباقات في جمع الأموال التي يفتقد كثيرون ممّن سخروا منهم إلى جزء من العشر منها. وليكن معلومًا أنّي لا ألوم أشخاصًا وجدوا طريقًا للعيش الكريم, برأيهم, مهما كانت سبيله, برأي الطريقة المقدّسة الجديدة, بقدر ما ألوم الأجيال التي سمحت لهم بخداعها مرارا. وما زلتُ أعجب؛ كيف عاش أجدادنا وصنعوا أمجادهم دون أن يكون لديهم ما يدعوه السواد الأعظم اليوم "عيد الحبّ".
¥