[الإعصار (مسلسل)]
ـ[عز الدين القسام]ــــــــ[09 - 02 - 2009, 02:25 ص]ـ
الإعصار
http://up1.m5zn.com/photo/2009/2/8/07/ydqltta4v.jpg/jpg (http://up1.m5zn.com)
غزة في 27 – 12 – 2008 الساعة الحادية عشرة وعشرون دقيقة
دق جرس المدرسة مؤذناً بانتهاء اليوم الدراسي
هرع عمار ابن الرابعة عشرة (الصف الثامن) مهرولاً للبيت وهو يحدث نفسه: "أرجو أن تكون الكهرباء قد وصلت، كي أحادث صديقي أحمد في الخليل (تشاتنغ) وأطمئنه، لابد أنه الآن قلق بعدما قطعت الكهرباء فجأة ونحن نتحادث بالأمس".
عمار يحدث نفسه: "سأمر على مركز الشرطة في طريقي علّي أجد أخي عادلاً فيأخذني معه للبيت بسيارة الشرطة
وما إن بدأ عمار بعبور الشارع ليصل مركز الشرطة في الجهة المقابلة، إذا بانفجارات قوية تهز أرجاء مدينة غزة، وامتلأت السماء بدخان عظيم وغبار كثيف، وتطايرت الأشلاء والحجارة في كل مكان وتصاعدت النيران وعلا الصراخ وتساقطت الحجارة من السماء كالأمطار
http://up1.m5zn.com/photo/2009/2/8/08/1r1ifs0g7.jpg/jpg (http://up1.m5zn.com)
لم يصدق عمار هول المنظر وأخذ يقنع نفسه بأنه كابوس
لم يأبه بما يجري، ولم يساوره الخوف، فقلقه على أخيه " عادل " كان سيد الموقف ولم يترك له مجالاً للتفكير بأشياء أخرى ..
عمار: "هذا يوم القيامة، نعم هو يوم القيامة، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله
وتذكر قول الله تعالى: (فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاء فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ)
نعم، نعم، هو يوم القيامة .. (كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا) "
وظل عمار يفكر بمصير أخيه، وهو بين مصدقٍ ومكذبٍ لعينيه وأذنيه، ومر عليه شريط حياته كلها في لحظات، تذكر والدته ووالده وإخوته وأخواته جميعاً وظل يكرر الشهادتين حتى انقشع الغبار ..
نظر عمار فلم يجد أمامه مركزاً للشرطة أو أي مبنىً حكومي فقد دمرت جميع الأبنية الحكومية دماراً تاماً وهدمت المنازل المجاورة ووجد حوله أشلاء متناثرة، هنا يد قد بترت، وهناك قدم مهشمة وهذه رأس محطمة ..
أيقن عمار أنها غارات من الطائرات الصهيونية.
وتذكر أخاه الملازم عادلاً فهرع داخل الركام ينظر للجثث وقد امتلأ رعباً من هول المناظر التي تقشعر لها الأبدان ..
أخذ يبحث عن أخيه
http://up1.m5zn.com/photo/2009/2/8/08/65sxgqfi8.jpg/jpg (http://up1.m5zn.com)
عمار: "عله لم يكن موجوداً هنا، عله قد خرج في مهمة قبل هذا الحدث الرهيب " ..
امتلأ المكان بسيارات الإسعاف ورجال الإنقاذ والدفاع المدني والمدنيين من الجمهور ..
http://up1.m5zn.com/photo/2009/2/8/07/v7ikj30yk.jpg/jpg (http://up1.m5zn.com)
فجأة جاء أحد رجال الإسعاف وحمل عماراً وأدخله سيارة الإسعاف
http://up1.m5zn.com/photo/2009/2/8/08/vhgivue5z.jpg/jpg (http://up1.m5zn.com)
عمار:" ما لك؟ لماذا أدخلتني هنا؟؟ "
المسعف يغلق الباب الخلفي، وتنطلق سيارة الإسعاف للمشفى
عمار:" أين تأخذونني ما الذي يحدث؟ "
وينظر لملابسه وقد أصبحت حمراء تقطر دماً، فيوقن بأنه قد أصيب ..
عمار:" اتركوني اتركوني أريد أن أبحث عن أخي .. "
المسعف:" لا تقلق كل من أصيب ستجده في المشفى "
عمار: "أصيب أصيب!! ليته أصيب، أخاف أن يكون قد استشهد"
المسعف:" لا تقلق يا بني، الشهداء جميعهم من الشرطة "
عمار: "أخي شرطي أخي شرطي" ..
يصل عمار للمشفى ويدخله الأطباء غرفة العمليات، فقد أصيب بجراح بالغة في الرأس ..
يخرج الأطباء والممرضون عماراً من غرفة العمليات إلى قسم الجراحة بعد أن أجريت له عملية جراحية في الرأس ..
يستيقظ عمار من "البنج" فيجد والده يقف بجوار سريره ..
عمار:" أين أخي عادل، أين أخي عادل .. "
الأب يبكي: "عادل بخير يا عمار لا تقلق " ..
عمار:" أين هو؟ لماذا تبكي إذن؟ "
الأب:" كنت خائفاً عليك يا عمار .. "
عمار:" أريد أن أرى أخي عادلاً، أين هو؟ "
الأب: "عادل ضابط شرطة يا بني وهو مشغول بالأحداث".
عمار:" ما الذي حدث يا أبي؟ ألم يكن عادل في مركز الشرطة؟ "
الأب لا يتمالك نفسه فيخرج من الغرفة مدعياً أنه سيحضر عادلاً كي يطمئنه ..
عمار:" أبي أبي "
الأب: "نعم يا بني"
عمار:" أرجو أن تصدقني، عادل استشهد، هل هذا صحيح؟ لا تخف علي يا أبي لقد أصبحت رجلاً، وسأنتقم له"
الأب:" نعم يا عمار نعم لقد أصبحت رجلاً "
عمار:"لقد استشهد أخي عادل"
الأب يبكي:" نعم يا بني نعم لقد استشهد أخوك "
عمار:" لا تبك يا أبي، قال تعالى (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ *
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) "
الأب: "الحمد لله الحمد لله" ..
الأب:" عمار يا بني، لقد طمأنني الأطباء عليك، فأنت بخير والحمد لله، والآن سأذهب لإعداد بيت العزاء لأخيك الشهيد "
عمار: "هو عرس أخي عادل، أرجوك لا تقل عزاء يا أبي"
الأب:" نعم سأذهب لإعداد مراسم العرس لأخيك عادل "
عمار: "أبي أبي".
الأب: "نعم يا حبيبي "
عمار:" كيف أمي"؟
الأب: "والله إنها صابرة أكثر مني، فقد قابلت خبر شهادة عادل بالزغاريد وتركتها وهي تستقبل التهاني من صديقاتها وجاراتها .. "
عمار: أبي!!، " أريد أن أرى أخي عادلاً قبل أن " .... ويسكت ..
http://up1.m5zn.com/photo/2009/2/8/08/wpjvcock0.jpg/jpg (http://up1.m5zn.com)
وتدمع عيناه ...
الأب لا يتمالك نفسه ويجهش في البكاء ويخرج مسرعاً.
انتهت الحلقة الأولى
يتبع بمشيئة الله
¥