تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[(جبل فوق زجاجة) مسرحية شعرية من ثلاثة فصول]

ـ[محمد المنصور]ــــــــ[09 - 04 - 2009, 02:19 ص]ـ

الطبعة الأولى /الرياض/ عام م2009

الشاعر: محمد المنصور

الناشر: دار المفردات

تاريخ كتابة المسرحية: 1996 - 1997

الفصل الأول

المنظر الأول

على خشبة المسرح يجلس الشاعر متكئا على طاولة مستديرة والضوء الخافت يبعث في نفسه نوعا من الهدوء والارتياح، وعن يمينه مجموعة من الأقلام تبهر الناظر بجمالها وجودة صناعتها، وفي الطرف الآخر من المسرح يقبل المخرج بخطى بطيئة نحو الشاعر والكراسي خالية من المتفرجين والهدوء يسود القاعة وخيط من الدخان يوحي بأن هناك شيئا ما يحترق في داخل الشاعر

الشاعر (رافعا يديه في حركة هيستيرية):

أيّهذا الزمن الراكد في أعماق نفسي

أتمنى لو أراكْ

طائراًً في نفس غيري

وملاكا كلما

لامسَ الطهرَ تمرَّدْ

أشتهي أن تخلع الأمس وأن تلبسني

فيراني الناس فيكْ

شاعراً ملء أياديك شموخاً وحياء

(يقاطعه المخرج قادما من آخر المسرح):

تشتهي إيقاعك الحالمَ

كم ترثي لنفسكْ

(يقف أمامه وينظر الى المنفضة وقد تكدست أعقاب السجائرفيها ويهز رأسه):

شجنٌ محترقٌ في المنفضهْ

(يقترب من الشاعر وينظرإلى وجهه):

كم ترى أحرقت من سيجارةٍ خلف رؤاكْ؟

الشاعر:

لستُ أدري

المخرج (يذرع أرض المسرح بتبرم):

لستَ تدري

لستَ تدري

(يقترب منه ويضع عينيه في أرنبة أنفه):

سيدي منْ ليس يدري

أحرقْ الإبداع في داخل نفسك

ثم هاتْ

أنا مشدودٌ إليك

مُولعٌ فيما كَتبتْ

(يستدير في حركة بهلوانية ويرفع يديه):

شهرتي بين يديكْ

فاختزلني

(ينهض ويشير إلى الشاعر):

قمْ لتكتبْ

وكأني غير موجودٍ لديكْ

الشاعر:

كم كتبتْ

وتعلقت بنفسي

كي يراني الناس فيها؟

(يلتفت إلى المخرج بحنق):

مالهم يمضون عني؟

ألهذا قد ولِدت؟

المخرج (منشغلا بإصلاح حذائه):

ولهذا قد تموت

(ينهض بسرعة ويستدير):

ما علينا

كل نفسٍ عن سواها لاهيه

الشاعر (بتخاذل):

غير نفسي

المخرج (ينظر إليه بحدة):

إنما في داخل الشاعر نورْ

قمْ فجرِّب مرةً تُشعل نفسكْ

وتَذكَّرْ

أنّ من قد يشعل المصباح ظهراً

هو أعمى

خلفه قومٌ يرون الشمس غابت

فهو فيهم .. وهمو فيه سواءْ

الشاعر (يهز رأسه تقريرا للحقيقة):

إن من يولد في النور غريباً

لا يرى الظلمة في أعماق نفسهْ

المخرج:

لا .. ولا في غيرِهِ

(ينظر الشاعر إلى المخرج بنوع من الشرود):

إن في البردين شاعرْ

كيف تخفي ألَمَكْ؟

(يشير المخرج إلى جيبه):

ها هنا

(يرتفع في الضحك ويتقمص شخصية المهرج ويتراقص):

قلمي المكسورْ

ضائعٌ في النورْ

في لمى الديجورْ

الشاعر:

كاهنٌ يسجَعْ

المخرج (متنهدا):

تلك روحي .. من يراها؟

كلما ميَّلتُ وجه المحبرهْ

(يقفز):

أتخيّلْ

(يصرخ الشاعر):

أتخيّلْ00

أتخيّلْ 00

(يحس المخرج ان حماسه قد فتر بصرخة الشاعر ويلتفت اليه بهدوء مشوب بخيبة أمل):

سيدي

لستَ أنتْ .. بل أنا

أتنازعني خيالي؟

الشاعر:

أنا أنتْ

أنتَ في الوهم أنا

كلنا مرضى الخيالْ

المخرج (يهز رأسه ويقلب عينيه فيما حوله):

من ينازعْ

(يضرب بعصا في يده خشبة المسرح ويتنهد):

من عليلٍ عِلَّتَهْ

(تعتريه فترة صمت ثم يعود إلى وضعه الهستيري):

أتخيّلْ

(ينظر إلى الشاعر بخوف ويطمئن على سكوته ويواصل):

أن خرطوماً على هيئة ما ... ذا؟

.. ما .. ذا؟ .. ما

الشاعر (بسرعة):

أن خرطوماً لأفعى

(المخرج يشير بيده علامة الموافقة):

هوَ ذا

(يتابع):

أن خرطوما لأفعى

مصّ أجساد الرطوبهْ

الشاعر:

ليس للأفعى خراطيمٌ ولكنْ ...

أشكلَ الأمر عليكْ

المخرج (بحنق):

أنت قُلتْ

الشاعر:

واذا قلتُ تُصدِّقْ؟

المخرج:

لايهمْ ... لايهمْ

سمهِ ماشئتْ

فهو خرطومٌ يمصْ

قد رأيتهْ

نفثَ السمَّ وولّى

أتحسسْ

(يضع يده على صدره ببطء ويغمض عينيه ويواصل):

... جسدي

(ينظر إلى الشاعر ويتابع بسرعة):

أنت لا تدري بأني لم أره؟

الشاعر:

كيف لي؟

المخرج (مقاطعا):

غاب عني جسدي .. من ضيّعه؟

(يلتفت إلى الشاعر في جنون):

دائما تسرقني

الشاعر:

تغفل الارواح عن أجسادها

ألها الحق إذا مااستُلبَتْ .. ؟

المخرج (بحدة):

أين أخفيت الجسد؟

الشاعر:

قم ففتش داخل الروح تجدهُ

هائماً يبحث عن روح سواها

(ينظر المخرج في المرآة داخل المسرح وفيها بعض الكسور ويهتف):

قد وجدتُهْ

هوَ ذا

(ينظر في المرآة ويصرخ في الشاعر):

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير