تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَتَّىْ يكُونَ آيَةً!!

ـ[ودق]ــــــــ[07 - 01 - 2009, 05:34 م]ـ

(1)

بِسْمِ اللهِ أحلُمُ مُغرِّداً بِذَلِكَ الأَدِيْبِ الذِيْ تَفِيْضُ نَفسُهُ الشُّعُورِيَّةُ الوَادِعةُ بِمَعانٍ سَامِيَةٍ للصَّفاءِ والطُّهرِ والضَّياءِ، فِيْهِ مَسْحةٌ مِنَ الفلسَفَةِ الأخلاقِيَّةِ اللطِيْفةِ، وفِيْهِ لَمسَةٌ مِنَ النُّورِ الْمُقدَّسِ النَّبِيْل، فكَأنَّما هُوَ كُرةٌ مِنْ نُورٍ تبْعثُ الضِّياءَ وتُوزِّعُ الدِّفءَ وَالأمَانَ تَنجذِبُ إلَيْهِ القُلُوبُ وتَهشُّ لهُ الأروَاحُ.

يَحمِلُ رُوحاً مُتَوفِّزةً تَهِفُّ لِكُلِّ إحسَاسٍ راقٍ جَمِيْلٍ، وترِفُّ عِندَ كُلِّ شُعُورٍ إيْمانِيٍّ عمِيْقٍ، الأَدِيْبُ الذِيْ لا تَخلِبُهُ الأضْواءُ وَلا تَعبَثُ بِهِ الأصْوَاتُ والأصْدَاءُ، سَيَبقَىْ لَحْناً خالِداً يَرِنُّ عُذُوبةً ونَقَاءً فِيْ حِسِّيْ وَنفسِيْ، كَالشَّمسِ سَيَبقَىْ يَكشِفُ زُيُوفَ الشِّيَاتِ العَابِثَةِ، وَالعُيُوبِ الفَاضِحَةِ التِيْ يَلتَحِفُ بِهَا ضَالُّوا الفِكْرِ وَهامِدُوا الشُّعُورِ.

سَيَعُودُ وفِيْ يَدِهِ سَيْفُ النُّبُوَّةِ وخَاتَمُ الْمُلكِ، وتسْطَعُ مِنْ جبِيْنِهِ الوضَّاحِ شَمسُ العِزَّةِ والاستِعلاءِ، حَتْماً سَيَعُودُ فَمِثْلُهُ كثِيْرٌ أولئِكَ الذِيْنَ يعِيْشُونَ لِغايَةٍ نبِيْلةٍ ويَسلكُونَ فِيْ سَبِيْلِ تحقِيْقِها وسِيْلةً نبِيْلةً، يعِيْشُونَ أقوِيَاءَ شَامخِيْنَ بعِيْداً عنِ أضْواءِ الزَّيْفِ والغُرُورِ، وأصدَاءِ الْفُحشِ والْهذَرِ، هَؤلاءِ سَيكتُبُ اللهُ لهُمُ الْخُلُودَ الْخُلُودَ تَجْسِيْداً حقِيْقيَّاً فِيْ جَنَّاتِ النَّعِيْمِ، لا الْخُلُودَ تِرْداداً وعبَثَاً فِيْ أفْواهِ النَّاسِ وأَحادِيْثِهِم.

أمَّا أولَئِكَ الذِيْنَ يرقُصُونَ كَالْمجانِيْنَ تَحْتَ شُعَاعاتٍ ضَوئِيَّةٍ مُتدفِّقةٍ، وقُلُوبُهُم الصَّارِخةُ الْمُلوَّثَة محشِيَّةٌ بِالنِّفَاقِ، وعقُولُهُم الْمُهتَرِئَة الصَّادِئة لَمْ تَعرِفْ بَعْدُ فلسَفَةَ الأخْلاقِ، فأرجُلُهُم تَضطَرِبُ فِيْ تَوتُّرٍ ووَجَلٍ، وجُلُودُهُم تَشتهِيْ أنْ لَوْ تنسَلَّ هَارِبَةً وَاجِفَةً مِنْ أجسَادِهِم القَذِرَةِ، لِتَنفَكِكَ مِنْ ذَلِكَ الْحُطَامِ الشَّيطَانِيِّ الْمرِيْضِ، أسلِمُوهُم وانبِذُوهُم فَسَيسقُطُونَ جمِيْعاً أوْ أشْتَاتاً فِيْ هُوَّةِ اليَأسِ ولُجَّةِ الْخَوفِ والقَلَقِ، وسَيلتَهِمُهُم شَيْطَانُ الْخَوَرِ وسَيَقضِمُ عِظَامَهُمُ النَّخِرَةَ الوَاهِنَة.

كُلُّ أولَئِكَ سَيسقُطُونَ جَمِيْعاً أو أشْتَاتاً، كَيْفَ والذُّعرُ يَنقَضُّ علَيْهِم كُلَّ وقْتٍ وحِيْنٍ، ولَو تَجسَّدَ لَهُمُ الْحُبُّ بَشَراً سَوِيَّاً لَخنَقُوهُ وسَحَقُوهُ مِنَ البُغضِ الذِيْ يَستَنسِلُ فِيْ أحشَائِهِم الْحَارِقَة، ولَو تَمثَّلَ لهُمُ الأمَلُ سَمَاءً زَرْقَاءَ لأعْمَلُوا فِيْهِ أيَديِهِم الْمُمرَّغَة فِيْ أوْحالِ الْخَتَلِ والغَبْنِ، لِيَخلِقُوا مِنْ صُورةِ السَّمَاءِ النَّظِيْفةِ صُورةً شَوهَاءَ مُغلَّفَةً بِأكِنَّةِ الظَّلامِ، ومُزوَّقَة بِأقنِعَةِ الْحَيْرةِ، يَسِيْلُ مِنها عَرَقُ الدَّنسِ والوَسَخِ.

وإنَّهُم لَيَشتَمُّونَ فِيْ كُلِّ قَلَمٍ نَاشِيءٍ صَاعِدٍ رَائِحَةَ الْحَربِ تَدُقُّ نَواقِيْسَهَا فَيَرتجِفُونَ ويَنتفضُونَ، وَيُؤنِسُونَ فِيْ كُلِّ عَمَلٍ أدبِيٍّ خَرْقَاً لِحَوزَتِهِم الأدبِيَّةِ الْمُلهَمَة التِيْ يَتنَزَّلُ علَيْها أو يَترفَّعُ إلَيْها شَيْطَانُ الْجُبنِ والْخسَاسَةِ، وأيُّ غَضَاضَةٍ يُؤملُ أنْ تَتفجَّرَ فِيْ قُلُوبٍ تَخمَّرَ فِيْهَا الطَّيْشُ والْخَبَلُ، ولَمَّا يَنبَلِجُ فِيْهَا النُّورُ ولَمَّا يَتشعْشَعُ فِيْهَا الْهُدَىْ، وإنَّهُم لَيَتشَرَّبُونَ مِنْ لَوْثَةِ النِّفَاقِ مَاءً آسِنَاً حَمِيْماً قَطَّعَ اللهُ بِهِ أمعَاءَهُم، أسكِنُوهُم حَيْثُ أسكَنُوا أنفُسَهُم فِيْ مَغَارَاتِ الْهَوَسِ وكُهُوفِ الزَّيْغِ.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير