لَيلٌ أزرَقْ (قطعة أولى)
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[15 - 02 - 2009, 04:46 ص]ـ
لَيلٌ أزرَق
مِن خَلف النَّافذة، ولأول مرة يُشاهد حبات المطر
تتساقط من أعالي السماء متطايرة في الهواء
معلنة للجميع بأنها الآن أصبحت حرة في اختيار
موقعها الأبدي ونهايتها السعيدة،
سائلاً نفسه!!!
عن معنى هذا التناسق التام في طريقة الهبوط
الانسيابية وكأن فرقة رواية الشروق والغروب
التي شاهدها على المسرح في ليل أزرق
تُشارك في هذا العرض
أعادته تلك الصورة الكونية البديعية إلى
الوراء ما قبل انعزاله عن المُجتمع
بل هو من أعاد نفسه، رشف قليلاً من القهوة
أمسك بالقلم الذي عانى الاغتراب،
الورق مبتل إثر تعرضه لحالة عشق
من إحدى الحبات المقتحِمات النافذة
أو ربما نتيجة تقليده لصاحبه وهو
جالسٌ يُحصي المطر ويبلل شعره
ويغسل وجهه أثناء ارتطام الهواء
بجنبات منزله وكأنه من سكان جزيرة
في وسط المحيط.
كَتبَ أخيراً بعد أن جفف الماء بقليل
من الأدخنة المتصاعدة من مدفأته البدائية
التي تشبه حياته اليومية:
"في ليلة زرقاء شديدة البرودة -لأني أعاني الوحدة-
وكثيرة الدفء -لهطول المطر-
وما يستوجب عليَّ قوله لك هو أني أفتقدك كثيراً
كُلما دق طرق الباب مسامعي حسبته أنت
لأنك ببساطة لم تقل لي متى ستعود
حتى أوراق سفرك لم تقم بتصويرها
وترك نسخة منها لأعرف إلى أين ذهبت
ومتى ستعود؟
وها أنا ولأول مرة منذ أن تركتني
أقوم بإحصاء المطر والكتابة في جوِّ المطر
مُترددٌ كثيراً فهل أنتَ مترددٌ مثلي
انتظر، لا تُكمل قراءة خِطابي
انظُر إليَّ، كيف أبدو لك هل تذكر ملامحي جيداً؟
توقف، لا تُجب، فلم أتعود كذبك ولم أعهدك كاذباً
كذلك لا تصطنع لنفسك مكانة بين هؤلاء
الذين في الخارج، فأنت لست هذا المُنافق
و لست هذا المُكابر ولا هذا
المُداهن كما أني أعرفُ عنك
حب الأشياء القديمة مثلي والعادات القديمة
أعرف أنك ستفعل ولن تقول شيئاً
لن تضحك فيسألك من حولك لماذا ضحكت
لن تبكي فيسألونك ما الذي أبكاك
لن تُتمتم فيتطلعون لقراءة سطوري
المُتناقضة المعالم حتى ولو فعلوا فلن يفهموا منها شيئاً
لأنها بلغتي الخاصة، وحدنا أنا وأنت من نعرفها
أعرف أنك ستلعب دور الرجل الشرقي
" القديم " وتكتفي بالصمت حتى آخر حرف
وأعرف أنك لن تترجم لهم مُحتوى الخطاب! "
يتوقف عن الكتابة يتلفت حوله كأن شيئاً ما
يُناديه، السماء بدأت تأخذ لونها الطبيعي
وصفاؤها جعله يُطيل الصمت والنظر
في هذا المشهد الجديد فالمطر قد كرمته
الأرض ومن عليها بالدفن إمَّا في البحر
أو في الطين أو على جدران المنازل
وسيارات الشوارع، وكل الأمكنة ساهمت
في تشيع جنازته بما يليق به
نجمة تأخذ بنظره إلى خزانته الصغيرة
حكمة قديمة تقول:
إن إطالة النظر في النجوم تُشحذ البصر
فأجاب وهو في طريقه للخروج نهائياً
من غرفته ليتسور المنزل ويخلو بتلك
النجمة التي يظنها سُهيلية لشدة بريقها
وشدة غموضها وهو طوال الوقت
يقول عن هذا النوع من الثريا إن
هناك شبهاً كبيراً بينهما ,
كذلك أيها الحكيم القديم
إطالة النظر
في الثريا تُشحذ العقل.
تُتبع
في صفحة مستقلة
إن شاء الله
ـ[نُورُ الدِّين ِ مَحْمُود]ــــــــ[16 - 02 - 2009, 09:21 م]ـ
شكراً للأخت
الباحثة عن الحقيقة لنقل القصة
إلى محلها الصحيح.
ـ[الباحثة عن الحقيقة]ــــــــ[16 - 02 - 2009, 10:46 م]ـ
كالعادة أخي نور الدين لديك الجديد مما تتحفنا به بوركت وبورك قلمك المتألق
ولاشكر على واجب أخي فالخاطرة مكانها هنا
واسمحلي أن أنقل نقدي لها هنا لتنال أكبر قدر ممكن من تنوع الآراء بين الإخوة
.
.
الرسالة التي يخطها الكاتب كتبها لأنثى؟؟ الواضح مما قرأت أنه يقرأ ما يكتب؟؟ ورد في بالي أنه كاتب ويتخيل نفسه أنثى تكتب لمن تحب، في هذه الحالة يمكن لنا فهم الخاطرة.
واضح جداً في هذه الخاطرة تداعي الأفكار بين الماضي والحاضر وأراه شيئاً جميلاً ولكنك لا تعطي علامات الترقيم حقها مما يخلط الأمور إلى أن يعيد القارئ النص مرات
أحببت الفكرة الأخيرة عن النجمة السهيلية وبريقها، إبداع متألق وسحر في الخيال
أراك تتبع الأسلوب الخبري غالباً وأقصد جملك على الغالب فعلية تعتمد فيها على التقديم والتأخير يعطي كتاباتك بعضاً من الغموض الذي أستسيغه (وأحيانا نضيع ونضطر لإعادة القراءة)،أرى لديك حساً قصصياً رومنسياً خيالياً فلسفياً رائعاً،
تشبيهاتك جميلة جداً (دفن حبات المطر من قبل الجميع) (إحصاء حبات المطر ودلالتها على شدة الشرود والتأمل) والمقطع الأخير جميل كله
أود أن أستفسر أخي عن كتابتك دائماً بوسط الصفحة مما يوحي بأن ماتكتبه شعراً، هل هي مجرد رغبة في ذلك؟ أم لها مقصد عندك؟
وبانتظار الحلقة الثانية أتمنى لك النجاح والتوفيق
بارك الله فيك
ـ[سما الإسلام]ــــــــ[16 - 02 - 2009, 11:47 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
ما شاء الله
التشبيهات و الصور رائعة
و الحس الفني بها عالي جدا
لن أزيد على تعقيب أختي الباحثة
فقط تحتاج لوضع علامات الترقيم حتى نتمكن من معرفة بداية و نهاية كل جملة
و كذلك من الأفضل أن تكون الكتابة عادية و ليست في وسط الصفحة
خاطرة رائعة
أدام الله عليك نعمه
في انتظار الجزء التالي
¥