تعلم أخي الكريم ـ كما يعلم كل مهتم بالأدب ـ إن الأدب والشعر خاصة في بداياته كان أدبًا فطريا؛ ولذلك فالشعر الجاهلي كان شعرا فطريا مع ما انطوى عليه من الجزالة وإحكام اللغة. ثم آل نقد هذا الشعر إلى اللغويين والرواة فاهتموا بجانب اللغة أكثر من جانب النقد. ولكن مسيرة النقد بعد ذلك ـ مع نهايات القرن الثالث وبدايات القرن الرابع ـ أخذت منحى جديدا؛ وذلك مع ظهور الشعر المحدث (الجديد)؛ إذ بدأ النقد ينحو منحى جماليا. وظهر من النقاد العرب من يجعل الفضيلة في الشعر غير محصورة في الأقدمين؛ بل إنها قسمة بين الناس في كل زمان ومكان. وبدأ لأجل ذلك تحديد ضوابط الإبداع الشعري. وأكثر مؤلفات النقد العربي القديم تدور حول هذا المدار.
وفي العصر الحديث تطور النقد تطوراً ملحوظا، ووفد علينا النقد الغربي بغثه وسمينه، وانزلق من انزلق في متاهات كثير من الدعاوى المزخرفة، وثبت من ثبت، وربما ظهر الإفراط والتفريط من كلا الجانبين.
ولكن كما قلت؛ فإن الوسطية عزيزة؛ فقد يأتي الشاعر المتمكن بقصيدة قديمة اللبوس، ولكنها تقع من السامع موقعا حسنا، وكذلك قد يأتي بقصيدة حديثة ـ ولا أقول حداثية ـ فتقع من المتلقي الموقع نفسه.
ومن الشعراء من يخوض في هذه التجارب حتى يشق لنفسه طريقا في الشعر؛ مثل: عمر أبي ريشة، شعراء المهجر عموما، بعض الشعراء الرومانتيكيين العرب، بعض الشعراء الكلاسيكيين العرب.
ولكنّ الضابط في ذلك فيما أرى أن تكون ثقافة الشاعر الأولى ثقافة تراثية؛ لتكون بمثابة الأصول التي تحمي جذوره من الاقتلاع. وبعد ذلك فليسر في دروب التجديد مشيا وئيدا دون استعجال أو قفز للحواجز. ولتكن تجارب معملية حتى يكتمل المخاض بعد حين.
أما عن أخيك أبي يحيى؛ فيحب من الشعر ـ وإن لم يحققه في شعره كما يريد ـ يحب ما كان فطريا تلقائيا مطبوعا؛ مع الالتزام بقواعد اللغة وعلاقاتها المختلفة، والتزام الوضوح، ولا بأس بقليل من الغموض الشفاف والرمزية المقننة والرومانسية الحالمة نسبيا. وأحسب ذلك موجودا في النماذج العليا في الشعر القديم، والنماذج التي استوفت قيمة التجديد من الشعر الحديث.
ويبقى سؤالك أخي بحر الرمل ممتدا إلى ما شاء الله ما بقي في كل زمان ومكان مبدعون متميزون يسعون إلى الجمع بين القديم والحديث وفق أسس مضبوطة ومنهج وسطي واع.
هذا والله أعلم
والسلام عليكم ورحمة الله
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[06 - 04 - 2009, 09:08 م]ـ
لله أنت أبا يحيى
شاعر بحق
أمتعتني أيما إمتاع
متعك الله في النعيم المقيم
أستاذي الفاضل والعلم الأشم في هذا المنتدى: أبا طارق
شرف لي والله هذا الحضور المبارك والثناء المغدق
شهادة أعتز بها ـ علم الله ـ
جزاك الله خيرا وبارك فيك ولك
وسقانا وإياكم من حوض المصطفى:= شربة لا ظمأ بعدها. إن شاء الله بفضل الله ورحمته.
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[06 - 04 - 2009, 10:15 م]ـ
أتمنَّاكِ كلَّ لحظة وَجْدٍ ... تتهادى على جناحِ المغيبْ
أتمنَّاكِ كلَّ همسة عِشقٍ ... تسرقُ الفَرْحَ من ثنايا الخطوبْ
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن من البيان لسحرا".
ـ[أحمد بن يحيى]ــــــــ[08 - 04 - 2009, 12:05 م]ـ
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن من البيان لسحرا".
أخي الحبيب أبا سهيل
جزاك الله خيرا
وبارك فيك
وكثر من أمثالك
ويبقى البيان الساحر بحرا لا ساحل له؛ وإنما يتعلق منه أخوك بالسواقي وهيهات منه ذلك كذلك!