[ملحمة الهجرة النبوية (, الشاعر عبد القادر الأسود)]
ـ[عبد القادر الأسود]ــــــــ[29 - 10 - 2010, 08:13 ص]ـ
في ظلالِ الهجرةِ النبويَّة
أَرِحِ الفؤادَ بذِكرِهم وتَنَسَّمِ
وأَعِدْ أَحاديثَ الهوى وتَرَنَّمِ
واذْكُرْ، رعاك اللهُ، مُهجةَ مُغرَمٍ
ما مثلُها، في الحُبِّ، مُهجَةُ مُغرَم
أَوْدَى بها طُولُ البُعادِ وشَفَّها
وَجْدٌ بظَبْيٍ في العقيقِ مُخَيِّمِ
وسرى بها عِطْفُ النسيمِ معَطَّراً
لمّا سَرى نحو الحِمَى بتَحَشُّمِ
يا حبَّذا أَرضُ العَرارِ فكم لنا
وَلَهٌ بطِيبِ شَميمِها والمَلثَمِ
عَرّجْ بها واحملْ إليها مُهْجةً
سَئمَ الهوى منها ولمّا تَسْأمِ
وإذا مَررتَ على الديارِ فبُثَّها
ما شئتَ من وجدِ الفؤادِ وسلِّمِ
وإذا وصَلْتَ إلى مُقامهِمُ فقِفْ
أَدَباً وناجِهِمُ بقلبٍ مُحْرِمِ
قلبٌ تولَّعَ بالحبيبِ وآلِهِ
حاشا يُضامَ فحُبُّهم كالبلسَمِ
فيهِ الشفاءُ لكلِّ ضُرٍّ مَسَّهُ
فعليهِمُ منّي سلامُ مُتَيَّمِ
ثمَّ الصلاةُ مع التحيَّةِ كلّمَا
هَبَّ النسيمُ على الحَطيمِ وزمزمِ
...
فالْزَمْ حِمى المُختارِ طه مادحاً
خيرَ الأنامِ ودَعْ مَقالَ اللُّوَّمِ
وسَلِ الإلهَ بِهِ الهدايةَ والرضا
ما خاب راجٍ بالحبيبِ الأكرمِ
هو رحمةُ البرِّ الرحيمِ ونورُهُ
وهو الرؤوفُ بنا الرحيمُ،فأعظِمِ
جاء البريَّةَ بالشريعةِ سَمحَةً
فهدى الأنامَ إلى السبيلِ الأقْوَمِ
حتى رأْيتَ العُرْبَ أعْظَمَ قُوَّةٍ
في الأرضِ تَنْطِقُ بالبيانِ المُحْكَمِ
فتَدول كُلُّ ممالكِ الدنيا بهم
ويَزول كُلُّ مُسَيْطِرٍ مُتزَعِّمِ
كِسرى وقَيصَرُ والطُغاةُ جميعُهم
بادوا وذَلَّ بُزاةُ كلِّ عَرَمْرَمِ
فإذا الهُدى فوقَ الذُرا أعلامُهُ
مَحْفوفةً بِمزمجِرٍ ومُحَمْحِمِ
وإذا المَشاعِلُ في أَكُفّ ِفَوارسٍ
راحتْ تَدُكُّ حُصونَ ما لم يُقْحَمِ
وإذا الجَبابِرةُ العِظامُ حَمائمٌ
طارتْ بآلاء السلامِ المحكَمِ
رُحَماءُ فيما بينَهم أُسْدٌلدى
لَمْعِ الأَسِنَّةِ وازْوِرارِ الأَدْهُمِ
وإذا العدالةُ والسلامُ سَحائبٌ
رَوَّتْ ظِماءَ العاَلمِ المُتَضَرِّمِ
فعَدالةُ ((الفاروقِ)) مازالت سَناً
يَغشاهُ كلُّ مُؤَمِّلٍ مُتَوَسِّمِ
ساسَ العِبادَ بِرَحْمةٍ وهو الذي
هابَتْهُ آسادُ الشَرى، إن يَحْزِمِ
وكذلك الإيمانُ يؤتي أَهلَهُ
ما شئتَ من خُلُقٍ حميدٍ أفخَمِ
لم تَعْرِفِ الدنيا كقومي سادةً
هاهم جُدودي يا مُفاخِرُ فانتمِ
...
يا مَن بُعثتَ مُربّياً ومُعَلِّمَاً
للعالَمين فكنتَ خيرَ مُعَلِّمِ
آذَوْكَ يا خيرَ الورى فوسِعتَهم
وبنيتَ للهادين أرفعَ سُلَّمِ
هم يقذفونكَ بالحجارةِ دونما
ذنبٍ سِوى صَوْنِ الكرامةِ والدَمِ
كعبيكَ أَدْموا فالتجأتَ إلى الذي
فَطَرَ السَمَاءَ ومَن سِواهُ فتَحتَمِي
تدعوه: يا ربِّ اهْدِ قوميَ إنَّهم
لا يعلمُون وما قَسَوْتَ بمُجرمِ
وأتاك جبريلُ الأمينُ مسلِّمَاً
أَبْشِرْ بتأييدِ الإلهِ الأعظَمِ
لو شئتَ أنَّ الأخشبين عليهِمُ
رَدْماً لكان كمَا أردتَ؛ فصمِّمِ
لو كان نوحٌ،يا ابنَ ((آمنة)) الرضا
لدعا عليهم بالزُؤامِ الأوخمِ
أو كان يونُسُ صاحبُ الحوتِ الذي
ركبَ السفينَ مُغاضباً لم يرحَمِ
ما قلتَ ما قال المسيحُ ولم تَقُلْ
ما قالهُ ((موسى)) ولم تتظلَّمِ
بلْ قلتَ عَلَّ اللهَ يُخرجُ منهمُ
مَن يَهتدي بهُداك؛ ربّي سلِّمِ
...
يا ويحهم إذ أقسَمُوا أَيمانَهم
أَنْ يَقتُلوكَ وخاب كلُّ مُرَجِّمِ
وأَتوا بكلِّ مُكابرٍ متَعطِّشٍ
لدَمِ النبيِّ، فيا سَمَاءُ تجَّّهمي
تَذرو الثَرى فوق الرؤوسِ وقُلتَها:
شاهَتْ وُجوهٌ للهُدى لم تُسْلِمِ
تحثو التراب على الرؤوس تهكّمَاً
أَعْجِبْ بأمْرِ مُهاجِرٍ متهكِّم
شاهتْ وُجوهُ الظالمين وسُكِّرتْ
أبصارُهم، ومَرَرْتَ مُبْتَسِمَ الفَمِ
أَخَذَتْهُمُ سِنَةُ الكَرى وتَنَبَّهوا
فإذا الترابُ على رؤوس النُوّمِ
...
ومضيتَ بَدراً في الدُجا متخفِّياً
أَحبِبْ ببدرٍ في الظَلامِ مُكَتَّمِ
بَدرٌ وأَرسَلَهُ الإلهُ فسار مِن
بَلَدٍ إلى بَلَدٍ عزيزٍ مُكْرَمِ
نورٌ ببَكَّةَ قد أَضاءَ سَمَاءها
وسَرى لِيَكْشِفَ كلَّ ليْلٍ مُعْتِمِ
نَسْرٌ وحَلَّقَ في الفَضاءِ، فويحهم
أَوَ يَسْتطيعون اللَّحاقَ بقَشْعَمِ؟!
فجْرٌ وضيءٌ ما رَأَتْهُ عُيونُهم
أَوَ يُبصرُ الشمسَ المُضيئةَ مَن عمي؟
...
¥