تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[كابتن جديد لمانشستر يونايتد!!]

ـ[شثاث]ــــــــ[01 - 11 - 2010, 12:07 ص]ـ

أبو سعيد هو رجلٌ طاعنٌ في السن، يذكر أنه وقف عن حساب عمره منذ أن كان في السبعين ويردف أن ذلك كان يوم تولى الملك فهد رحمه الله مقاليد الحكم في السعودية إذ لم يحسب عمره بعدها ولا يدري الآن كم يبلغ من العمر ولا يريد أن يدري بل لا يريد أحداً أن يدري .. ولم أخبره أن تاريخ تولّي الملك فهد مقاليد الحكم مسجلٌ بالعام والشهر بل باليوم و اللحظة حتى لا يشعر أن أوراقه باتت مكشوفة .. بارعٌ في الاستفزاز، بل إنه لو وجد على البسيطة أندية انجليزية للاستفزاز لما تردد أشهرها و أعلاها مكانة عن التفاوض معه وإلحاقه بصفوف الفريق ومن ثم إعطاؤه شارة الكابتنية .... هزيلٌ جداً و قليلٌ جداً " لا أدري ما مناسبة قليل هنا، لكنها لإضفاء الموسيقى على العبارة فقط " هوايته لا تختلف عن هوايتي كثيراً فهو يراقب المارّة في الحارة بيد أن الفرق بيني وبينه يكمن فيما يخلفُ تلك الرقابة .. فلساني لا يجرؤ على نقل ما أراقبه من أحداث لإيماني أن الأحداث أمانةً لا يمكن أن أخونها .. وأذكر مرةً إذ نقلتُ وقائع حدثٍ خاص حضرته بنفسي " لن أخبر أحداً به مجدداً " أن الأمر انتهى بي " مصفقاً " و " ملطشاً " بأنواع الكفوف والركلات و " السبليكسات " الاحترافية وعدتُ إلى البيت بملابس ممزقة عبثت بها الأيادي الطائشة، عندئذٍ سألتني أمي عن الذي حدث فأخبرتها أن مجموعةً من الحوثيين يتجاوز عددهم عشرة جنودٍ بواسل، هجموا علي ودخلت معهم في عراك خرجتُ منه منتصراً، ومع أنها استغربت وجود الحوثيين في المنطقة الشرقية إلا أن فرحتها بانتصار ولدها فاقت دهشتها فراحت تنقل قصة ابنها البطل في أرجاء الحي، إذ بي أصبح بطلاً في أعين نساء الحارة حيث كانت أمي تستميت في تصوير الأحداث كما نقلتها لها بدقةٍ متناهية، بينما كان أزواجهن ينظرون إلي بمقتٍ شديد حتى أن بعضهم كان يقول لي: لو قلت ثلاثة، أربعة كنا سنبلعها لك على مضض أما عشرة فكثيرٌ جداً!! " .. لا أدري لمَ هذا الاستطراد .. لماذا علي أن أستطرد بهذه الطريقة.؟!. سأحتاج مع الاستطرادات إلى عشرين جزءًا حتى أنهي الموضوع ...

ماذا كنت أقول؟!

أوه تذكرت .. كنت أقول كان أبو سعيد يراقب الأحداث وينقل التفاصيل وبعد أن ينقل التفاصيل يذهب إلى المعنيّ بالحدث ليكيل له مما قل ودل من قذع الكلام وأسوئه؛ فكان هو القاضي والحكم والجلاد ..

جاءني ذات يومٍ يسألني: لماذا دائماً أراك برفقة هذا الغاوي المغوي مسفر " كان يقصد صديقي مسفر الليبرالي "؟ فأجبته أنه لا أصدقاء لدي سوى مسفر و آخرين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد .. فابتدأ يقص علي من قصص مسفر و أبيه وقال لي بالحرف الواحد: " يا ولدي أبوه ترااه ليبراني!! " سألته " وش ليبرانيّه يابو سعيد يمكن قصدك ليبرالي " فأجاب وعينيه يلمع بجانبيها قدحٌ كالشرر " ألحين أنا أكبر منك وتجي تعلمني؟!! لا ماهيب ذي الي انت قلتها وتراني علمتك وحذرتك "

فكرت في حديث الرجل و قلت في نفسي ربما كان يقصد أن أصله من ليبرانيا، وأن أصولهم تعود إلى هذه الدولة التي لم أسمع بها من قبل .. اتجهت إلى خارطةٍ للعالم أعلقها في غرفتي منذ زمن حتى لا أنسى أن الرياض هي عاصمة المملكة ومن ثم بحثت في كل أنحاء تلك الخارطة ولم أجد دولةً اسمها ليبرانيا .. بحثت حتى خلف الخارطة!! .. سألت أبي وأخي وابن عمي لكن لا مجيب ... لا أحد يعرف .. اتصلت على أخي في أمريكا وسألته هل هناك ولاية اسمها ليبرانيا فأخبرني أنه لم يسمع بها من قبل ..

يا لغبائي!! نسيت أن أخبركم أن أخي حصل على بعثة دراسية .. هو الآن يدرسُ في أمريكا .. أنا وأبي وأمي فخورين ومعتزّين بهذا الحدث أيما فخرٍ واعتزاز .. أصبحنا نؤرخ تاريخ حياتنا وفقاً للحظة ابتعاثه التاريخية؛ فحين أذكر حدثاً ما أقرنه برحلة أخي إلى أمريكا .. سرقت سيارة أبي قبل أن يرحل أخي إلى أمريكا بيومين، طردني جارنا أبو حسين من بيته بعد أن رحل أخي بثلاثة أيام، سرقت حذاء أبي بعد رحلة أخي بخمسة أيام .. وهكذا صرت أحسب الأحداث .. أخي يجيد الإنجليزية منذ لحظة ابتعاثه .. عندما أحادثه بالهاتف لا يتحدث إلا الانجليزية .. طلبت منه أن يتحدث العربية دون خلط الكلمات الإنجليزية بها رفقاً بأخيه الذي لا يجيد من الإنجليزية إلا اسمها؛ إلا أنه رفض الأمر و علل الرفض بالعادة والتعود إذ أنه اعتاد طوال ثلاثة أسابيع قضاها هناك ألا يتحدث إلا بالانجليزية!!

سيعود أخي من هناك رافعاً رأسه محدقاً إلى السماء لا ينظر إلى الأرض مطلقاً من شدة الفخر والاعتزاز .. سأشاركه ذلك الفخر .. إنه فخرٌ للعائلة، و فخرٌ للوطن .. فخرٌ لحارتنا التي أنجبت مثل أخي المبتعث .. سيتحدث عن أمريكا وكأنها بلده التي نشأ فيها وسيبدأ بشتم المجتمع حينما يعود .. سأشتم معه كل شيء .. سأتظاهر بمعرفة كل شيءٍ عن أمريكا .. سأتحدث عن أمريكا أكثر منه .. وإن حاجّني أحد فسأثبت له أنني أعرفها تمام المعرفة وأنني كنت أذهب إلى أخي هناك لقضاء عطلة نهاية الأسبوع .. اشتقت إليك يا أخي متى ستعود؟!! مضى شهرٌ على غيابك وأنا أبكي الليل والنهار ..

تجاهلت حديث أبا سعيدٍ المعني بمسفر الليبرالي وواصلت الصحبة مع مسفر وهي ما لن تستطيع حتى وحوش الفلاة أن تعكر صفوها .. مسفر الجميل صاحب النظرة الرائعة .. الفكر الإبداعي الأنيق .. مسفر ذو الهمة العالية، بالغ الشأو، قصير القامة، سديد الرأي، مستنير .. ربما أتمكن من أفكاره يوماً ما ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير