هذا فتى الإسلامِ ((حيدرةُ)) الوغى
إمّا بغى باغٍ رَماهُ بمِخْزَمِ
يفدي الرَسول َبمُهجَةٍ ما راعَها
رَوْعٌ، ولا انْغَمَستْ بحَمْأَةِ مَأْثَمِ
فيَبيتُ مُلْتَحِفاً ببردَةِ ((أحمدٍ))
والحاقدون كمَا السِوارُ بمِعصَمِ
ليرُدَّ كلَّ أمانةٍ كانتْ لهم
عند النبيِّ؛ كذاكَ شأْنُ المُسْلِمِ
ولِيوهِمَ الأَشْرارَ أَنَّ ((محمّداً))
مازال مُلْتَحِفاً ولمّا يَعزِمِ
هو حيدرُ الإسلامِ صِهرُ المُصطفى
زوجُ ((البَتولِ)) أبو الحُسينِ؛ فأنعِمِ
بابُ الرسولِ، مدينةِ العِلمِ التي
آوتْ إليْها كلَّ حَبرٍ مُلهَمِ
فتّاحُ خَيْبرَ واليهودُ أَراقِمٌ
تَسعى فلم يَرْجِعْ ولم يَتَوَجَّمِ
ليثٌ لَهُ في كلِّ ساحٍ صَوْلةٌ
جيشٌ على الباغي، يُغير كيثهمِ
ندٌب إذانادى المُنادي مَن فتًى؟
لَبّى، فلم يَجزَعْ ولم يَتَبرَّمِ
مَنْ دارَ بالأَبطالِ في سُوح الوغى
دَوَرانَ نَسْرٍ بالقَطا والرُّخَّمِ
مازال بابنِ العامريِّ يَروضُهُ
و يَروغهُ مُتَبَسِّمَاً كالضَيْغَمِ
حتى رَماه بِذي الفَقارِ على الثَرى
فَهَوَى يُعَفَّرُ بالتُرابِ وبالدَمِ
يومَ اتًّقى الغُرُّ الكُمَاةُ نِزالَهُ
فسَقاهُ كأسَ حِمامِهِ بمُقَوَّمِ
اللهُ أكبرُ، لاكَمِيَّ سِوى ((علي))
إن قِيلَ هل للحربِ مِن بطلٍ كَمِي؟
لا سيفَ إلاّ ذو الفَقارِ ولا فتى
إلا أبو الحَسنينِ إنْ قِيلَ اصْدِمِ
فبَنوهُ ساداتُ الأنامِ وذِكرُهم
ضَوْعُ الطُيوبِ وبُلَّةُ القلبِ الظَمي
وهُمُ الغَطارِفَةُ الأشاوِسُ في اللِّقا
وسيوفُهم في اللهِ خيرُ مُترجِمِ
وهُمُ الهُداةُ المُرشِدون إذا الدُجا
عَمَّ الدُنا وبدا ثَقيلَ المَجْثَمِ
...
يا مَن بكى خوفاً عليه رفيقهُ
في الغارِ والأخطارُ فاغِرَةُ الفَمِ
فأجابَهُ بلِسانِ ثَبْتٍ واثِقٍ
باللهِ مُعْتَدٍّ بهِ مُسْتَعصِمِ
لا تَجْزَعَنْ فاللهُ ثالثُنا، ومَن
كانَ الإلهُ ضَمِينَهُ لم يُهزَمِ
ويُجيبُكَ الصِدّيقُ لا أَخشى على
نفسي، فَدَيْتُك يا حبيبي فاسْلَمِ
أَخشى على نور ٍبُعِثْتُ لنشرِهِ
وأَخافُ أَنْ يُطْوى ولمّا يُخْتَمِ
لو أَنَّهم نَظَروا إلى أَقدامِهم
لَرَأَوْكَ يا مَجْلى الجَمالِ الأوسَمِ
فأضَلَّهم بَيْضُ الحَمَامِ ورَدَّهم
نَسْجُ العَناكِبِ، يا لَهُ مِن مُلْهَمِ
وكذا إذا شاء الإلهُ مَشيئةً
نَفَذَ المُرادُ، ولو بأَوْهى الأَسْهُمِ
...
وتَرْكتَ ((مكّةَ)) والفؤادُ مُتَيَّمٌ
بالبيتِ والمَسْعى يَطوفُ ويَرْتَمي
ويقول أنتِ أَحَبُّ أَرْضِ اللهِ يا
مَهْوى القُلوبِ ونَغْمَةَ المُتَرَنِّمِ
لو أَنَّ أَهْلَكِ، يا أَثيرةَ مُهجَتي
لم يخرِجوني منكِ لم أَتَجَشَّمِ
تَطْوي بِصاحِبكَ القِفارَ وتَتَّقي
في الغارِ كيدَ الظالمِ المُتَهَكِّمِ
ما كانَ نَصْرُ اللهِ مَحْجوباً ولا
ضَنَّ الإلهُ على النبيِّ الأكرمِ
بل هكذا شاءَ الإلهُ بأنَّهُ
لا حُلوَ إلاّ بعدَ شُرْبِ العَلْقَمِ
...
نفسي فداؤُكَ يا ((أبا حفصٍ)) وقد
هاجَرْتَ دونَ تَنَكُّرٍ وتَلَثُّمِ
مُتَوَعِّداً أَبْطالَ مكَّةَ بالردى
فإذا بهم مثل الأصَمِّ الأبكَمِ
مَن شاءَ تَثْكَلَهُ العشيَّةَ أُمُّهُ
فالْيَتَّبِعْني بالقَنا والْيَزْخَمِ
فإذا عُتاةُ القومِ آسادُ الشَرى
مابين مَهدودِ القُوى ومُغَمْغِمِ
ويطوفُ حمزةُ مُسْتَخِفّاً هازئاً
وتُحاذرُ الأَبطالُ بَطْشَ الضيْغَمِ
هاجرْ ((أبا يَعْلى)) فَمالَكَ تابعٌ
منهم؛ فأَنجِدْ ما تشاءُ وأَتْهِمِ
أَسَدَ الإلهِ لَسَوْفَ تَصْرعُ ((شيبةً))؛
يا يومَ ((بدرٍ)) مَن فَتاكَ؟ تَكَلَّمِ
وزَأرتَ في ((أُحُدٍ)) حَروداً غاضباً
بين الجُمُوعِ كفيلقٍ مُتَقَدِّمِ
إذ يَسألُ الأبطالُ: مَن ذاك الفتى
ذو الريشةِ الحَمْراءِ فوقَ المِحْزَمِ
فيُقالُ: حمزةُ عمُّ خيرِ الخلق مَن
بِسِوى نَدِيِّ الغارِ لم يتعَمَّمِ
عَمَّ النبيِّ ومَن سِواكَ لمثْلِها؟
هذي أفاعي الشِركِ تَسْعى فاصْرِمِ
فرِّقْ حُشودَهُمُ وبَدِّدْ جيشَهم
واحْصُدْ رُؤوسَ المُشركين وكَوِّمِ
طَوْدٌ وعاتي المواجِ يَصْخَبُ حولَهُ
فأحالَهُ زَبَداً، ولمّا يلْطِمِ
يكفيكَ فخْراً أَنْ ثَبَتَّ وأنَّهم
غَدَروا فباؤوا بالوبيلِ الأوخَمِ
لو جاء ((وَحْشيٌّ)) كِفاحاً، يومها
لارْتَدَّ بالخِزْيِ المُذِلِّ المُرغِمِ
ولَما ارْتَوى من ((هِندَ)) غِلٌّ، إنّما
شاء الإلهُ، فطِبْ شهيداً و اكْرُمِ
...
¥