ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[26 Mar 2004, 08:10 م]ـ
الفائدة السادسة
كلِّ من المشبهة والمعطلة جمعوا بين التمثيل والتعطيل
المعطلة هم الذين نفوا صفات الله عز وجل , ولم يُثبتوها على ما يليق بالله , وشُبهتُهم أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه , لأنهم لم يتصوروا الصفات إلا وفقاً لما هو مشاهد في المخلوقين , فجرهم ذلك التصور الخاطئ إلى التعطيل , فكان ما وقعوا فيه أسوأ مما فروا منه , إذ كانت النتيجة أن يكون الله تعالى وتنَزَّه شبيهاً بالمعدومات , إذ لا يُتصور وجود ذات خالية من الصفات.
ويتضح ذلك في صفة كلام الله عز وجل , فإنهم لم يتصوَّروا من إثبات أن الله يتكلم بحرف وصوت إلا التشبيه بالمخلوقين , لأنه يلزمُ من ذلك أن يكون كلامه بلسان وحنجرة وشفتين , لأنهم لا يعقلون ذلك إلا في المخلوقين , وذلك التصور الخاطئ مردودٌ من وجوه:
الأول: أنه لا تلازم بين الإثبات والتشبيه , فإن الإثبات يكون مع التشبيه , وهو باطلٌ لا شك فيه , ويكون مع التنزيه , كما قال الله عز وجل (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) فأثبت السمعَ والبصر , ونفى مشابهة غيره له , وهذا هو اللائق بكمال الله وجلاله , وهو الحق الذي لا ريب فيه.
الثاني: أن ما زعموه من أن الإثبات يقتضي التشبيه , ومن أجله عطلوا الصفات , أداهم ذلك إلى التشبيه بالمعدومات , وهو أسوأ , وقد مر في كلام بعض أهل العلم ما يبين ذلك , لا سيما ما عزاه الذهبي إلى حماد بن زيد في التمثيل بالنخلة التي نفى أصحابها كل صفات النخل عنها , وقيل لهم (إذا فما في داركم نخلة!) وذلك في الفائدة الثانية.
الثالث: أنه قد وجد في المخلوقات حصول الكلام على خلاف ما هو مشاهدٌ في المخلوقين , فإن ذراع الشاة التي وُضع فيه السم للرسول صلى الله عليه وسلم كلمته وأخبرته بأنها مسمومة كما في سنن أبي داود 4510 , 4512.
وروى مسلم في صحيحه 2277 عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلمُ علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن).
وهذا من كلام بعض المخلوقات في الدنيا , وأما في الآخرة , فقد قال الله عز وجل (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) , وقال (وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).
أفيقال: إن كلام الذراع والحجر والأيدي والأرجل لا يكون إلا بلسان وشفتين.
وإذا كانت هذه المخلوقات وُجد منها الكلام على وجه يخالف ما هو مشاهدٌ في المخلوقين , فإنه يجب إثبات الكلام لله عز وجل على وجه يليق بكماله وجلاله , دون أن يكون مشابهاً لأحد في خلقه.
وبهذا يتبين أن المعطلة جمعوا إلى التعطيل التشبيه , وأما المشبهة فإنهم أثبتوا الصفات لله عز وجل , لكن جعلوه فيها مشابهاً للمخلوقات , وقد أضافوا إلى كونهم مشبهةً التعطيل , وذلك أنهم لم يُثبتوا الصفات على وجه يليق بالله عز وجل , ويذلك كانوا معطلة.
وإلى اللقاء مع الفائدة السابعة إن شاء الله تعالى
وأعتذر على التأخر في طرح الفوائد المتبقية لفترة قليلة إن شاء الله , بسبب ضغط الدراسة والله المستعان
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[21 Apr 2004, 05:26 م]ـ
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أهلاً أبا خطاب
شكر الله لك
هل الفوائد - كامل المجموعة - موجودة على ملفات وورد
آمل بعثا أو إرسالها لي
مع تقديري لك
أمنياتي للجميع بالتوفيق.
أخوك عبد الله
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[23 Apr 2004, 04:39 م]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أعرف أخي الفاضل أني تأخرت في إكمال الموضوع ولكن ظروف العمل والدراسة منعتني من ذلك وإن شاء الله اجهز الموضوع لك وأرسله في أقرب وقت
وجزاك الله خيرا على المتابعة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ـ[أبوخطاب العوضي]ــــــــ[15 Jun 2004, 09:01 م]ـ
الفائدة السابعة
متكلَّمون يَذمُّون علمَ الكلام ويُظهرون الحَيرة والنَّدم
¥