[لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها]
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[13 Apr 2004, 12:05 ص]ـ
لا يقبل العلم إلا ممن عرف بطلبه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام، على نبينا محمد، وآله، ومن تبعه إلى يوم الدين، أما بعد:
فهذه نقول جميلة في مسألة جليلة .. لها جوانب لا تخفى على اللبيب أردت نفعك بها عند الحاجة إليها في
الرد على متعالم، أو جاهل جريء .. أو علماني خبيث .. ونحوهم .. ممن بدؤوا يتكلمون في الدين
، ويخوضون في التأويل، ويفسرون التنزيل كما يشاءون ..
قال العلامة ابن رجب رحمه الله في الحكم الجديرة بالإذاعة كما في المجموع 1/ 248:
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ".
فأمر الله ورسوله بالرد على من خالف أمر الله ورسوله، والرد على من خالف أمر الله ورسوله لا يتلقى إلا عمن عرف ما جاء به الرسول وخبره خبرة تامة. قال بعض الأئمة: لا يؤخذ العلم إلا عمن عرف بالطلب.
وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم نوعان: أمر ظاهر بعمل الجوارح، كالصلاة والصيام والحج والجهاد ونحو ذلك.
وأمر باطن تقوم به القلوب، كالإيمان بالله ومعرفته ومحبته وخشيته وإجلاله وتعظيمه والرضا بقضائه والصبر على بلائه.
فهذا كله لا يؤخذ إلا ممن عرف الكتاب والسنة، ومن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا نقتدي به في علمنا، فمن تكلم على شيء من هذا مع جهله بما جاء على الرسول فهو داخل فيمن يفتري على الله
الكذب، وفيمن يقول الله على ما لا يعلم، فإن كان مع ذلك لا يقبل الحق ممن ينكر عليه باطله لمعرفته ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بل ينتقص به وقال: أنا وارث حال الرسول والعلماء وارثون
علمه، فقد جمع هذا بين افتراء الكذب على الله، والتكذيب بالحق لما جاء به {فمن أظلم ممن كذب على الله وكذّب بالحق لما جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين} فإن هذا متكبر على الحق والانقياد له،
منقاد لهواه وجهله، ضال مضل، وإنما يرث حال الرسول من علم حاله، ثم اتبعه، فإن من لا علم له بحاله فمن اين يكون وارثه؟
ومثل هذا لم يكن ظهر في زمن السلف الصالح حتى يجاهدوا فيه حق الجهاد وإنما ظهر في زمن قل فيه العلم وكثر فيه الجهل، ومع هذا فلا بد أن يقيم الله من يبين للأمة ضلاله، وله نصيب من الذل والصغار بحسب مخالفته لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم.
يا لله العجب، لو ادعى معرفة صناعة من صنائع الدنيا - ولم يعرفه الناس بها، ولا شاهدوا عنده آلاتها - لكذبوه في دعواه ولم يأمنوه على أموالهم، ولم يمكنوه أن يعمل فيها ما يدعيه من تلك الصناعة، فكيف بمن يدعي معرفة أمر الرسول وما شوهد قط يكتب علم الرسول ولا يجالس أهله ولا يدارسه؟
فلله العجب كيف يقبل أهل العقل دعواه، ويحكمونه في أديانهم، يفسدها بدعواه الكاذبة؟
إن كنت تنوح يا حمام البان * للبين، فأين شاهد الأحزان؟
أجفانك للدموع أم أجفاني * لا يقبل مدع بلا برهان
وقبله قال العلامة ابن حزم الظاهري رحمه الله في مداواة النفوس ص67:
لا آفة على العلوم وأهلها أضر من الدخلاء فيها وهم من غير أهلها فإنهم يجهلون ويظنون أنهم يعلمون ويفسدون ويقدرون أنهم يصلحون.
وقبلهم قال الإمام الشافعي رحمه الله في الرسالة ص 41:
فالواجب على العالِمِين أن لا يقولوا إلا من حيث علموا.
وقد تكلم في العلم من لو أمسك عن بعض ما تكلم فيه منه لكان الإمساك أولى به وأقرب من السلامة له إن شاء الله .. اهـ.
وقبلهم قال الإمام محمد بن سيرين: إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم. رواه مسلم في مقدمة صحيحه 1/ 14.
فهذه أربعة نصوص قد تحتاجها، لتصفع بها وجه كثير ممن يتكلمون فيما لا يحسنون، ويهذون بما لا يعرفون ...
خصوصا من بعض كتاب الجلالة [الصحف: هكذا سماها العلامة بكر أبو زيد] المتعالمين المتجرئين على دين رب العالمين.
انتهى المقصود ..
والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
ـ[عبدالله الخضيري]ــــــــ[13 Apr 2004, 12:37 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ الكريم عبد الرحمن السديس وفقه الله لكل خير
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
فما نقلتَه فهو كلامٌ راااايقٌ ما أظنُّ منصفاً يأْبَاه أو يردَّه
و لكن ألا يرى فضيلتكم ما نحن بحاجة إليه من سعة في الصدر لقول الآخر، و مقارعته بالبيان و البرهان، بدلاً
من نسف شخصيَّتِه، و الحكم عليه - سلفاً - و إسقاطها، قبل أن ندرك كلامه، و رب كلمةٍ من أحدهم لا يدرك
معناها يفتح الله بها على قلبه إذا رأى صدقاً و نصحاً و إخلاصاً من الآخر.
مُرَاجَعةٌ آمل أن نستذكرها و نستَرْجِعَهَا
و الله من وراء القصد
محبك:
عبد الله
ـ[عبدالرحمن السديس]ــــــــ[13 Apr 2004, 11:46 ص]ـ
وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته
أولا: أشكر لك تشريفي بالتعليق على ما كتبتُ.
ثانيا: لا شك أن ما ذكرتَه حق، والناس ليسوا سواء ..
فمنهم من ينفع فيه ما ذكرتَ ..
ومنهم مَنْ لا ينتهوا {وَلَوْ جَاءتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ}
فلكل مقال مقال، وهذا نوع من السلاح، قد تحتاجه ليس فقط للرد عليه،
ولكن لتعلم الناس مما لاعلم لديهم ممن يأخذوا، وعمّن يتلقوا ....
ومسألة نسف المتكلم هذه تحتاج إلى تفصيل .. فمن الناس من لابد أن ينسف، ويحذر منه، ويشهر أمره أن كان منظرا للباطل حاميا له .. وهذا ظاهر كثير عند السلف ..
وأما من يهذي هكذا ككثير ممن يكتبون من غير فكر، وتاصيل وإنما تقليد فهذا قد ينفع فيه ...
لكل مقام مقال ..
والله أعلم.
¥